بعد جهودها المتوالية للقضاء على فيروس كورونا، تواجه الصين تهديدات وبائية معدية أخرى، بعدما أعلنت السلطات الصحية في البلاد عن وجود حالات "طاعون دبلي" مشتبه بها في منطقة منغوليا الداخلية ذاتية الحكم.
ورفعت السلطات في منطقة بايانور في منغوليا، تحذير الطاعون إلى مستوى الثالث، وهو ثاني أدنى مستوى في نظام من أربعة مستويات، وأمرت السكان بعدم اصطياد الحيوانات البرية، والإبلاغ عن أي شخص مصاب بالحمى، أو تظهر عليه علامات محتملة على الإصابة، حتى نهاية العام.
على مر التاريخ، كان الطاعون الدبلي أحد أخطر الالتهابات البكتيرية
وقد تم الإبلاغ عن الحالة الأولى لمريض دخل المستشفى وهو يعاني من ارتفاع في درجات الحرارة، ولم يتضح بعد كيف ولماذا أصيب بالعدوى.
وبحسب صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية، فقد تم اكتشاف حالة ثانية مشتبه بها، تتعلق بشاب يبلغ من العمر 15 عاما كان على ما يبدو على اتصال مع حيوان المرموط كان قد اصطاده كلب.
وقالت هيئة الصحة المحلية "في الوقت الحاضر، هناك خطر من انتشار وباء الطاعون البشري في هذه المدينة، ويجب على الجمهور تحسين وعيه وقدرته على الحماية الذاتية".
ووفق تقرير نشرته شبكة "بي بي سي" البريطانية، عن المرض وكيفية انتشاره، فقد أشارت إلى أن حيوان المرموط تسبب في انتشار وباء الطاعون الرئوي عام 1911، الذي أودى بحياة حوالي 63 ألف شخص في شمال شرق الصين.
ما هو الطاعون الدبلي؟
تعرف مجلة "ساينس دايلي" الأميركية، الطاعون الدبلي بأنه مرض حيواني المنشأ وينتشر بين القوارض الصغيرة "الفئران والجرذان"، والبراغيث. ويُعد هذا الطاعون مرضًا مُعديا ومميتاً وينتج من بكتيريا تسمى "Yersinia pestis" تعيش في بعض الحيوانات.
وعلى مر التاريخ، كان الطاعون الدبلي أحد أخطر الالتهابات البكتيرية، وعرف باسم "الموت الأسود" في العصور الوسطى، في إشارة إلى سواد وموت أجزاء الجسم، مثل الأصابع، التي يمكن أن تحدث مع المرض.
ومن المتوقع أن يكون المرض الحديث مميتاً بنسبة تصل إلى 90% في حال لم يتم اتخاذ الإجراءات العلاجية، كما يمكن أن يتطور الطاعون الدبلي إلى طاعون رئوي، وتنتج منه عدوى حادة تسبب ضيق التنفس والصداع والسعال. كذلك، يمكن لجسد شخص مات بعد إصابته بالطاعون أن يصيب الأشخاص الذين هم على اتصال وثيق، مثل أولئك الذين يعدون الجثة للدفن.
أعراض الطاعون الدبلي
يتسبب الطاعون الدبلي، بحسب خبراء الصحة، في تضخم الغدد الليمفاوية المؤلم، بالإضافة إلى الحمى والقشعريرة والسعال.
وفي أول تعليق طبي على المرض الحديث، قال دكتور شانتي كاباغودا، طبيب الأمراض المعدية في ستانفورد هيلث كير، وفق شبكة "بي بي سي" البريطانية، "أعتقد أن المضادات الحيوية، والأدوية الفعالة، ستكون قادرة على القضاء على المرض، على عكس القرن الرابع عشر"، مضيفاً "لدينا الآن فهم لكيفية انتقال هذا المرض، ونعي جيداً كيفية علاج المرضى المصابين".
ووفق "بي بي سي" لا يزال الطاعون موجودًا في أجزاء كثيرة من العالم. ففي السنوات الأخيرة، كان هناك انتشار للمرض في جمهورية الكونغو الديمقراطية ومدغشقر.
وقال الدكتور ماثيو درايدن، استشاري علم الأحياء المجهرية بجامعة ساوثهامبتون بالمملكة المتحدة: "من الجيد أن يتم التقاط ذلك والإبلاغ عنه في مرحلة مبكرة لأنه يمكن عزله ومعالجته ومنع انتشاره".
أنواع الطاعون
هناك ثلاثة أنواع من الطاعون، بحسب مجلة "ساينس دايلي" وهي:
طاعون الدبلي: يسبب التهاب اللوزتين والغدد اللمفية وتظهر أعراضه على شكل الحمى والصداع والرعشة.
الطاعون الدموي: تتكاثر فيه الجراثيم في الدم وتسبب حمى ورعشة ونزفا تحت الجلد.
الطاعون الرئوي: تدخل الجراثيم الى الرئتين وتسبب الإصابة بالالتهاب الرئوي، ويمكن أن تنتقل العدوى للأشخاص من المريض المصاب بهذا النوع.
ووفق شبكة "سي أن أن" الأميركية، فقد توفي زوجان في منغوليا خلال شهر مايو/ أيار من الطاعون الدبلي بعد تناول الكلي الخام لحيوان المرموط، الذي يعتقد أنه علاج شعبي لصحة جيدة. كما أصيب شخصان آخران بالطاعون الرئوي عبر الحدود في منغوليا الداخلية.
وبالرغم من تطور تقنيات الطب الحديث، التي يمكن أن تعالج الطاعون، فإنه لم يقض عليه بالكامل، وقد عاد حديثًا، مما دفع منظمة الصحة العالمية إلى تصنيفه على أنه مرض جديد.
وفي الولايات المتحدة يصاب سنوياً العشرات بالطاعون، بحسب بيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
وبالرغم من سعي الصين إلى استئصال المرض، ما زال يتم حتى الوقت الراهن الإبلاغ عن حالات عرضية، خاصة بين الصيادين الذين يتعاملون مع البراغيث التي تحمل البكتيريا. وكان آخر تفش رئيسي معروف لطاعون الدبلي في العام 2009، عندما توفي عدة أشخاص في بلدة زيكيتان التي تقع في مقاطعة تشينغهاي على هضبة التبت.