يشترك الرجلان في كونهما تربيا في فرنسا، واحترفا في نفس النادي وهو "شامبينيية سير مارن" في الحي الذي كان يقطنه اللاعبان، لكن الأقدار شاءت أن تجمع كأس أمم أفريقيا بين الصديقين الحميمين، اللذين يتكلمان اللغة الفرنسية بطلاقة بحكم الإقامة والولادة، وأن تكون بينهما مواجهة في المباراة النهائية اليوم الجمعة على استاد القاهرة لتقرير مصير اللقب القاري.
وسيعيش حي "شامينيية سير مارن" في إحدى الضواحي الباريسية على وقع الذكريات بمشاهدة المباراة النهائية، وستعيد لهم هذه المباراة للأذهان، عندما كان بلماضي وسيسي يدافعان عن قميص وألوان نادي "شامبينيية" الصغير، قبل أن يفترقا ويذهب الجزائري إلى العاصمة باريس لينضم إلى مركز التكوين، بينما ذهب السنغالي إلى مدينة ليل ليبدأ مشواره الاحترافي هناك.
ويقول سيسي وهو يستعيد تلك الذكريات: "جئت إلى فرنسا وعمري تسع سنوات، وشاءت الصدف أن أقطن في شامبينيية سير مارن، وهناك تعرفت إلى جمال وجمعتنا صداقة متينة ولم نكن نفترق، وكانت هناك قواسم مشتركة بيننا"، مضيفاً: "جمعتنا الصدف مرة أخرى في باريس سان جيرمان في عام 2001، وها هي الصدف تجمعنا كمدربين لمنتخباتنا الوطنية".
وتابع: "إن شهادتي مجروحة في جمال بلماضي، لأن صداقتنا أكثر شيء أعتز به، وستكون مواجهتنا ودّية وحميمية، وكلّ مدرب سيسعى لتشريف بلاده والفوز باللقب وهذا طبيعي".
مسيرة بلماضي كلاعب
ولد بلماضي في حي شاميبينيية سير مارن بفرنسا، وبدأ مع نادي "شامينيية سير مارن"، قبل أن يلتحق بمركز التدريب التابع لفريق باريس سان جرمان في عام 1992، ولعب لمدة عام واحد، شغل خلاله مركز جناح أيمن وكان يتميز بالسرعة والمهارة.
انتقل إلى نادي مارتيغ في جنوب فرنسا، ليتزامن مع مواطنه محمود قندوز في دوري الدرجة الثانية، غير أن النقلة النوعية كانت عندما انضم لنادي مرسيليا في موسم 1997، ليلعب موسماً واحداً، تمّت إعارته إلى نادي سيلتا فيجو الإسباني، ثم عاد لمرسيليا وتجددت إعارته وهذه المرة لفريق مانشستر سيتي الإنكليزي.
بين عامي 2003 و2005، انضم بلماضي إلى نادي الغرافة القطري لأول مرة خلال موسم 2003-2004، ثم نادي الخريطيات خلال موسم 2004-2005.
عاد على إثرها إلى إنكلترا، فوقّع على عقدٍ مع نادي ساوثهامبتون في دوري البطولة الإنكليزية (قسم الدرجة الثانية)، قبل أن يُنهى مسيرته عام 2009 مع نادي فالينسيان، الذي كان يلعب في الدوري الفرنسي الدرجة الأولى.
مسيرة بلماضي كمدرب
في عام 2010، تم تعيين جمال بلماضي مدربًا لنادي الدحيل (لخويا سابقاً)، وفاز معه بدوري نجوم قطر مرتين.
عام 2013، قام بلماضي بتدريب منتخب قطر الاحتياطي لكرة القدم لمدة سنة واحدة، الذي فاز معه ببطولة اتحاد غرب آسيا لكرة القدم في إنجاز تاريخي، لتوكل إليه مهمة تدريب منتخب قطر لكرة القدم، الذي فاز معه أيضاً بكأس الخليج العربي، ثم يتم إقصاؤه مع منتخب قطر من الدور الأول لكأس آسيا 2015 المتأهل له.
وبعد ذلك عاد إلى نادي الدحيل، الذي فاز معه بالعديد من الجوائز منها دوري نجوم قطر (2017 و2018)، وكأس أمير قطر (2016 و2018)، وكأس قطر عام 2018، ليكون أول مدرب في تاريخ قطر يحقق هذه الإنجازات الثلاثية، ما أكسبه التقدير كأحد أفضل المدربين في تاريخ قطر.
سيسي شارك في مونديال 2002
مسيرة أليو سيسي كانت مشابهة، إذ كانت بدايته بفرنسا وترك بصماته كلاعب في أندية كبيرة معروفة مثل ليل وسودان وباريس سان جيرمان ومونبلييه، ونيم وكانت له محطات في بيرمنغهام وبورتسموث بالدوري الإنكليزي.
وكانت لسيسي محطة بارزة، عندما كان ضمن قائمة منتخب السنغال تحت قيادة المدرب الفرنسي الراحل برونو ميتسو في كأس العالم في كوريا واليابان عام 2002، وساهم أليو في قيادة السنغال للدور الربع النهائي، بعد أسقاط فرنسا حاملة اللقب في دور المجموعات.
ودافع سيسي على ألوان منتخب "أسود التيرانغا" في 153 مباراة دولية وأحرز 3 أهداف.
بلماضي سعيد بلقاء سيسي
وشاءت الصدف أيضاً، أن يلتقي بلماضي مع صديقه سيسي في الدور الأول للنسخة الحالية، وفازت الجزائر بهدف لصفر في مباراة تميزت بالخبث التكتيكي والدهاء، لعب بلماضي مهاجماً وسيسي مدافعاً، وآلت لمدرب الخضر الكلمة الأخيرة.
وقال بلماضي قبل تلك المباراة لقنوات فرنسية كانت تصور تقريراً عن المدربين الصديقين، إنه كان سعيداً بأن جمعته الظروف مجدداً بأليو الذي عرفه منذ الصغر في نفس الحي، ولعبا في نفس الفريق، وأضاف أريد أن أبعث برسالة إلى المسؤولين عن كرة القدم في القارّة السمراء، وأقول إن منح الثقة للمدرب الوطني يثمر، وأنا وسيسي نمثل هذه التجربة الناجحة.
وامتدح جمال بلماضي صديقه سيسي، وقال إنه مدرب ذو كفاءة يتميزُ بالذكاء وتعلّم الكثير والمستقبل أمامه.
الأولى للسنغال أم الثانية للجزائر؟
المباراة النهائية اليوم الجمعة على استاد القاهرة ستكون مثيرة، وهي عبارة أيضاً عن مواجهة مثيرة بين مدربين انحدرا من نفس المدرسة الفرنسية.
فهل يكرر بلماضي نتيجة الدور الأول بالفوز لتحقق الجزائر لقبها الثاني؟ أم تحرز السنغال لقبها الأول بقيادة ساديو ماني، الذي سيواجه رياض محرز، وكلاهما يلعب في "البريمييرليغ"، ومع الغريمين ليفربول بطل دوري أبطال أوروبا، وسيتي بطل الدوري الإنكليزي. سويعات وتبوح البطولة الأفريقية بآخر أسرارها.