في 19 تموز/ يوليو 2016، وقّع كل من متحف باردو في تونس العاصمة، ومتحف اللوفر في باريس، على عقد شراكة بينهما. سنة كاملة مرّت لم يشهد أي منهما ما يشير إلى هذه الشراكة، مثل عرض محتويات من المتحف التونسي في فرنسا أو العكس.
منذ أيام، عادت مسألة الشراكة بين باردو واللوفر إلى دوائر التداول الإعلامي، دون أن يكون ذلك من خلال نشاط ثقافي، بل مجرّد إعلان عن دخول مجموعة شركات اقتصادية (بنوك وشركات طيران فرنسية وتونسية...) لرعاية هذه الشراكة التي تبدو معطّلة منذ البداية من دون أن يصرّح أحد بذلك.
تناول الخبر كان أيضاً من زاوية اقتصادية، في معظمها تروّج لأنشطة شركات "تهتم" بأمر المتاحف وتطويرها. ولكن ماذا بعد هذه الصورة الجميلة؟ هل أن السنوات القادمة سوف تختلف عن السنة الأولى من الشراكة؟
ربما علينا ألا ننسى سياقات عديدة، أوّلها أن فكرة الشراكة انبثقت ضمن تضامن عالمي بعد العملية الإرهابية التي جرى تنفيذها في آذار/ مارس 2015 في "متحف باردو"، أي أن الخطوة في النهاية كانت حركة مناسباتية دعائية يصعب أن نأمل من ورائها الكثير من التفاعل من الطرفين. وربما كانت لها أبعادها الأمنية، فمن خلالها تؤمّن فرنسا إحدى النقاط التي يمرّ عبرها الكثير من السيّاح الفرنسيين عند زياتهم تونس.
غير أن ما يحرّك هذه الاتفاقية بالرغم من ذلك، هو دخول وزارة الثقافة في الأشهر الأخيرة في وتيرة عالية من الشراكة مع فرنسا التي عرفت بعض التراجع في السنوات الأخيرة بفعل الضغوطات الشعبية على سياسات وزارة الثقافة واتهامها بأنها ذات ميولات فرانكفونية، وهي نزعة بدأت مظاهرها تعود شيئاً فشيئاً مع الحكومة الحالية. مثلاً، خلال اليومين الماضيين (22 و23)، جرى الترويج لمشاركة "ناجحة" لتونس في المؤتمر الوزاري حول الفرانكفونية في أبيدجان الإيفوارية.
قد تتضمّن الاتفاقية بين باردو واللوفر تبادل تحف كثيرة، وتدريب أثريين ومتحفيين تونسيين في أشهر متاحف ومواقع الآثار في العالم، وغير ذلك من النقاط الإجرائية. لكن، هل يمكن الحديث عن شراكة بالفعل، بما تفترضه من الندّية بين المتعاقدَين؟ ألم تكن هذه الورقة التي تربط المتحفين فرصة لفتح سجل الآثار التونسية في متاحف فرنسا من العصر الفينيقي إلى العصور الإسلامية؟
أليس أولى لمتحف باردو أن يفكّر في شراكات أخرى، من مراكش إلى إسلام آباد، تنتصر إلى قضية المتاحف العالمثالثية، وترفع صوتها أمام متاحف شهيرة في الشمال تؤثث أكثر واجهاتها بآثار أتت من وراء البحر وينبغي أن تعود إلى هناك؟