بين الأمل والخيبة..

09 ابريل 2015
+ الخط -

"من الممنوع أن تقتل؛ لأنه سيتم معاقبتك بسبب أن هذه جريمة، لكن في حال قتلت كثيرين من الناس فسوف تنجو من العقاب، بل سيتم تكريمك.. لأنك بطل في الحرب". (فولتير).

تشبه هذه العبارة في أحد جوانبها مصطلح الأمن القومي العالمي الهلامي المرن الذي لن تجد له تصريفا معقولاً ولا تعليلاً كاملاً إلا أن يبيح ويستبيح ليحمي أو لكي "بالخطأ" ينكب ويُلحق الخيبة بأختها، كما كانت خيبة العراق في بواكير عام 2003، والتي حصلت بالرغم من المظاهرات العظيمة التي جابت معظم عواصم العالم، حتى ذات الحكم العسكري وحالة الطوارئ، في آنها كما الآن، كالقاهرة حيث جاب الناس شوارع المدن يرفعون لاءات الحرب تحديداً، فيما يوصف بأنها قد تكون أعظم مظاهرةٍ في تاريخ البشرية، حيث كتبت الغارديان يومها واصفة تلك المظاهرات الرافضة للحرب على العراق: "سيكون هناك الملايين من الناس الذين لن ينسوا أبداً سبت الخامس عشر من فبراير/شباط 2003".

أما نيويورك تايمز فكتبت: "بعد تظاهرات نهاية الأسبوع، ربما يكون ما زالت هناك قوتان عُظميان على هذا الكوكب؛ الولايات المتحدة وجماهير العالم". أما ذي نيويوركر فكتبت: "مظاهرات الخامس عشر من فبراير/شباط كانت على الأرجح أضخم مظاهرة يومية في التاريخ". وكل من كان في هذه الجموع كان لديه سببٌ وجيه لكي لا تحصل الحرب، سببٌ يجعله يقف يوماً كاملا في شوارع لندن ونيويورك والقاهرة من أجل أن يثبته!

ورغم كل هذا الرفض الشعبي العالمي، قرر الحلفاء حماية هذه الدهماء التي تغيب عنها الحقيقة المطلقة واستراتيجيا الأمن، ليقوموا بحماية العالم من العراق وحمايتها على حدٍّ سواء. وها هي اليوم الحديقة الخلفية لطهران ومنطلق داعش وقاتلة شعبها، لا أمن يقترب من حدودها، ولا سلام يعانق يعرف سلماً مع اسمها، عرقيات تنفصل وطائفياتٌ تتباغض حد الموت..

سورية على النقيض؛ أريد لها أن تقلع شوكها بيديها "تقريباً"، وأن تحلّ مشاكلها دون تدخلّ "ظاهر"، فدعمت أطرافا مقابل أخرى، وتمت المشاركة بالضربات العسكرية بصفةٍ محدودة وبأهداف محددة من أجل "الأمن القومي" وحسب! وفي ظل عدم خلق منطقةٍ عازلة أو فرض حظرٍ جوي منذ أن بدأت الثورة، ومنذ أن بدأ حصد الأرواح، إلى أن وصلنا إلى الحصارات وموت الناس جوعاً لم يعد يعرف الناس، حتى المتنوّرون منهم، من هو عدوّ التحالف هناك؛ الثورة أم النظام. ولم يعد هناك تعريفٌ واضحٌ للثورة بوجود داعش، التي أمسى القضاء عليها أولوية العالم الحر من أجل الأمن القومي.

ومن أجل الأمن القومي الذي نتمنى أن نفهم معناه التام، أخيراً قام تحالف جديد من أجل اليمن.. عمليةٌ عسكريةٌ جويةٌ خليجية على مواقع الحوثيين في اليمن الذين هم امتداد سياسي طائفي للنفوذ الإيراني الذي هو الأكثر ربحاً في الخيبتين الأوليين. وتختلف حالة اليمن وحيثياتها قطعاً من ناحية القبول الشعبي لها، ومن ناحية عربية الحلف لا أجنبيته، ومن ناحية كونه إذا نجح قد يحد من المدّ الفارسي في المنطقة. ونتمنى أن يكون اليمن وأهله وأمننا القومي هم الرابحين من هذه الحرب، وأن تنجح الحملة في أهدافها، على عكس غالبية حروب الدول ضد العصابات في العقدين الأخيرين، حتى لا تكتمل ثلاثية الخيبة العربية.


(اليمن)