15 نوفمبر 2024
بيريسترويكا إيرانية؟
من المؤكد أن توقيع الاتفاق النووي بين إيران والغرب ليس حدثاً عابراً، بل نقطة تاريخية سيتحدد على أساسها مستقبل المنطقة، وبشكل أساسي، مستقبل الجمهورية الإسلامية في إيران. مشاهد المحتفلين في شوارع طهران بالاتفاق يمكن الوقوف عندها مطولاً، وتحليل أبعادها التي ليست مجرد ظرفية، وليست مرتبطة فقط باحتفال عابر في لحظة الاتفاق، ثم تنتهي ويذهب كل من المحتفلين في حال سبيله. لا شك هي مؤسسة لنمط حياة جديدة في إيران عموماً، وطهران خصوصاً. نمط يبدو أن إيرانيين كثيرين تواقون لعيشه، بعد سنوات الحصار الطويلة.
حال الفرح الذي ظهر في الساحة الإيرانية لن يكون من دون تصريف سياسي على المدى البعيد. على الأقل، هذا ما يفكر فيه الغرب، وما أخذه في عين الاعتبار في أثناء التفاوض مع إيران حول الاتفاق النووي، قبل إبرام الاتفاق النهائي. منذ يوم التوصل إلى الاتفاق الإطاري غير النهائي، والذي أثار أيضاً حالاً من البهجة في الشارع الإيراني، وجعل وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، بطلاً قومياً، دخل الشارع الإيراني معطى أساسياً في أي معادلة مرتقبة بين الجمهورية الإسلامية والدول الكبرى.
من المؤكد أن هذه الدول تنظر إلى الداخل الإيراني على غرار ما كانت الولايات المتحدة تنظر إلى الداخل السوفييتي، في حقبة الحرب الباردة، وتعد لاعتماد الاستراتيجية نفسها التي أدت في النهاية إلى انهيار الاتحاد. استراتيجية لا علاقة للعسكر والسلاح فيها، بل كانت قائمة على التغلغل الاقتصادي المتأني، واختراق الستار الحديدي بمعايير رأسمالية جديدة على الساحة السوفييتية، معتمدة على نظام البيريسترويكا الذي أقره الرئيس السوفييتي الأسبق، ميخائيل غورباتشوف (1988-1991) منذ ما قبل وصوله إلى السلطة، حين كان رئيساً للحزب الشيوعي السوفييتي، أي منذ عام 1985.
البيريسترويكا، وهي كلمة روسية تعني "إعادة الهيكلة"، كانت البرنامج الذي أطلقه غورباتشوف للإصلاحات الاقتصادية والشفافية، وكان يستهدف إعادة بناء الاقتصاد، هذا البرنامج مثل الثغرة التي خرقت الجدار المقام حول الاتحاد السوفييتي، منذ قيامه، وما لبثت أن تتوسع، حتى أفضت إلى ما أدت إليه في عام 1991.
ما بين بيريسترويكا غورباتشوف والاتفاق النووي الإيراني في عهد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بعض ملامح التشابه، خصوصاً في إطار الانفتاح الاقتصادي الإيراني المرتقب على الغرب وشركاته. شركات هي، بالأساس، شريك ضاغط لإبرام الاتفاق النووي، في إطار حرصها على الحصول على حصة من الكعكة الإيرانية التي ما زالت مغلفة، وتحتاج إلى من يفك عقدة شريطها. إضافة إلى ذلك، سيكون للسيولة المتوقع تدفقها على طهران، سواء من فك الحجز عن الأموال المجمدة، أو رفع الحظر عن عمليات بيع النفط، وقع كبير على الشارع الإيراني الذي عانى ويعاني ضائقة اقتصادية، فرضتها سنوات العقوبات الدولية.
التعويل الغربي على هذه العناصر الاقتصادية لإحداث التغيير في تركيبة الجمهورية الإسلامية، بغض النظر عما يحكى عن وثائق سياسية مخفية في طيات الاتفاق النووي. فالعوامل الاقتصادية هذه كفيلة، وحدها، بإحداث مزاج ضاغط على النظام في إيران، يمنعه من العودة إلى الوراء في ما يخص النواحي المعيشية ومعطيات الرفاهية التي من المنتظر أن تكون حاضرة بقوة في المرحلة المقبلة في المجتمع الإيراني. وإذا كانت هناك أصوات خجولة سابقاً تطالب الجمهورية الإسلامية بعدم الخوض في مغامرات خارجية، وإهدار المال العام في استراتيجية "تصدير الثورة"؛ فإن قوة هذه الأصوات ستكبر مع الوقت، لتشكل وحدها حاجزاً أمام عودة الأمور إلى ما كانت عليه. على هذا الأساس، اليوم التالي لتطبيق الاتفاق على الصعيد الداخلي، بالتأكيد، لن يكون كما قبله.
من المؤكد أن هذه الدول تنظر إلى الداخل الإيراني على غرار ما كانت الولايات المتحدة تنظر إلى الداخل السوفييتي، في حقبة الحرب الباردة، وتعد لاعتماد الاستراتيجية نفسها التي أدت في النهاية إلى انهيار الاتحاد. استراتيجية لا علاقة للعسكر والسلاح فيها، بل كانت قائمة على التغلغل الاقتصادي المتأني، واختراق الستار الحديدي بمعايير رأسمالية جديدة على الساحة السوفييتية، معتمدة على نظام البيريسترويكا الذي أقره الرئيس السوفييتي الأسبق، ميخائيل غورباتشوف (1988-1991) منذ ما قبل وصوله إلى السلطة، حين كان رئيساً للحزب الشيوعي السوفييتي، أي منذ عام 1985.
البيريسترويكا، وهي كلمة روسية تعني "إعادة الهيكلة"، كانت البرنامج الذي أطلقه غورباتشوف للإصلاحات الاقتصادية والشفافية، وكان يستهدف إعادة بناء الاقتصاد، هذا البرنامج مثل الثغرة التي خرقت الجدار المقام حول الاتحاد السوفييتي، منذ قيامه، وما لبثت أن تتوسع، حتى أفضت إلى ما أدت إليه في عام 1991.
ما بين بيريسترويكا غورباتشوف والاتفاق النووي الإيراني في عهد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بعض ملامح التشابه، خصوصاً في إطار الانفتاح الاقتصادي الإيراني المرتقب على الغرب وشركاته. شركات هي، بالأساس، شريك ضاغط لإبرام الاتفاق النووي، في إطار حرصها على الحصول على حصة من الكعكة الإيرانية التي ما زالت مغلفة، وتحتاج إلى من يفك عقدة شريطها. إضافة إلى ذلك، سيكون للسيولة المتوقع تدفقها على طهران، سواء من فك الحجز عن الأموال المجمدة، أو رفع الحظر عن عمليات بيع النفط، وقع كبير على الشارع الإيراني الذي عانى ويعاني ضائقة اقتصادية، فرضتها سنوات العقوبات الدولية.
التعويل الغربي على هذه العناصر الاقتصادية لإحداث التغيير في تركيبة الجمهورية الإسلامية، بغض النظر عما يحكى عن وثائق سياسية مخفية في طيات الاتفاق النووي. فالعوامل الاقتصادية هذه كفيلة، وحدها، بإحداث مزاج ضاغط على النظام في إيران، يمنعه من العودة إلى الوراء في ما يخص النواحي المعيشية ومعطيات الرفاهية التي من المنتظر أن تكون حاضرة بقوة في المرحلة المقبلة في المجتمع الإيراني. وإذا كانت هناك أصوات خجولة سابقاً تطالب الجمهورية الإسلامية بعدم الخوض في مغامرات خارجية، وإهدار المال العام في استراتيجية "تصدير الثورة"؛ فإن قوة هذه الأصوات ستكبر مع الوقت، لتشكل وحدها حاجزاً أمام عودة الأمور إلى ما كانت عليه. على هذا الأساس، اليوم التالي لتطبيق الاتفاق على الصعيد الداخلي، بالتأكيد، لن يكون كما قبله.