قال وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، لمجلس الأمن الدولي في نيويورك، إن رفع حظر الأسلحة على إيران سوف يهدد الأمن الإقليمي والدولي ويشكل خيانة لمهمة ومبادئ الأمم المتحدة.
وجاءت أقوال بومبيو، خلال جلسة مفتوحة عقدها مجلس الأمن الدولي في نيويورك، عن بعد عبر دائرة تلفزيونية، لنقاش تقرير الأمين العام للأمم المتحدة التاسع حول تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2231 (2015) المتعلق بالملف النووي الإيراني. وحضر الجلسة كذلك وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف.
وقال بومبيو إنه وفي حال لم يجدد مجلس الأمن حظر الأسلحة فسيكون بمقدور إيران شراء طائرات مقاتلة روسية الصنع يصل مداها لثلاثة آلاف كيلومتر، مما سيهدد مدناً مثل الرياض ونيودلهي وروما ووارسو. وزعم بومبيو كذلك، أن عدم التمديد لحظر الأسلحة، سيسمح لإيران بتجديد أسطولها البحري بما في ذلك الغواصات، مما سيؤدي إلى تهديد حرية الملاحة والنقل البحري الدولي في المنطقة، في مضيق هرمز والخليج وبحر العرب.
وقال إن عدم التمديد سيسمح لإيران كذلك بشراء تكنولوجيا جديدة متقدمة "لوكلائها حول الشرق الأوسط بمن فيهم حماس وحزب الله والحوثيون." مضيفا إن إيران ستشكل تهديدا للاقتصاد العالمي والطاقة وتعرض دولا كروسيا والصين، التي تعتمد على استقرار أسعار الطاقة، للخطر.
ومن جهته حذّر وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، من خطورة السياسات الأميركية على إيران والمنطقة وتدخلاتها مذكرا بالانقلاب الذي قامت به وكالة المخابرات الأميركية (سي. آ ي. إيه) عام 1953 ضد رئيس الوزراء الإيراني المنتخب آنذاك محمد مصدق. وقال إن سياسيات الولايات المتحدة في المنطقة، ضد إيران وجيرانها، تؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة. واتهم الولايات المتحدة بمحاولة حماية السعودية والجرائم التي ترتكبها في اليمن.
وحول الاتفاق النووي الإيراني قال ظريف "إن الولايات المتحدة لم تكتف بخرق الاتفاق الذي قامت بالتفاوض حوله، بل تحاول التأثير في دول أخرى وتعاقب الدول التي تلتزم به. ووجه ظريف انتقادات لمجلس الأمن قائلا "على الرغم من عدم التزام الولايات المتحدة بالاتفاقية لم يجتمع المجلس ولو مرة واحدة لنقاش تلك الخروقات الأميركية".
كما انتقد كلاً من فرنسا وألمانيا وبريطانيا وتبني الوكالة الذرية للطاقة قراراً قدمته الدول الثلاث يتهم إيران بالمماطلة في المحادثات مع الوكالة وعدم الوفاء بكل التزاماتها. وقال إن الدول الثلاث انضمت للولايات المتحدة في الحظر الاقتصادي على إيران.
وناشد المجتمع الدولي، ومجلس الأمن على وجه التحديد، بتحميل الولايات المتحدة المسؤولية عن أفعالها غير القانونية. وشكر كلاً من روسيا والصين لموقفهما ودعم إيران.. وقال إنه وبعد 13 سنة من المفاوضات تم التوقيع على الاتفاقية المتعلقة بالنووي الإيراني وإن بلاده قامت بتنفيذ كل التزاماتها.
وحول تقرير الأمم المتحدة الذي يشير إلى خرق إيران لجزء من التزاماتها المتعلقة بالاتفاق، قال ظريف "لقد قمنا ولسنة كاملة بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاقية بالالتزام الكامل بكل البنود، وهذا ما تؤكده خمسة عشر تقريراً للأمم المتحدة." ثم ذكر برسالة بعثها للدول الأوربية وبقية الدول الأعضاء الموقعة على الاتفاقية ستة أشهر بعد الانسحاب الأميركي، والتي قال فيها "إن الولايات المتحدة قامت بإعادة فرض العقوبات وبشكل كامل على إيران ولم تتخذ أي من بقية الدول الأعضاء في الاتفاقية خطوات (مضادة)، بل إن أغلبيتها انضمت بفرض الإجراءات الأميركية ضد إيران". وقال إنه لم يبق أمام بلاده إلا أن تعيد الأوضاع لشيء من التوازن واتخاذ خطوات مضادة للخطوات الأميركية.
وعبّر عدد من السفراء بمن فيهم سفراء دول غربية، من بينها بلجيكا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، عن أسفهم للقرار الأميركي بالانسحاب من الاتفاقية، وقالوا إن تأثير ذلك انعكس سلبا عليها. كما ناشدوا إيران بالعودة للالتزام بكل بنود الاتفاق.
وقدمت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري دي كارلو، ملخصا لتقرير الأمين العام التاسع حول تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2231. وقالت دي كارلو في مستهل حديثها "تعد خطة العمل الشاملة المشتركة، التي أيدها القرار 2231، إنجازا هاما للدبلوماسية المتعددة الأطراف والحوار". ووصفتها بالحاسمة للأمن الدولي ومنع انتشار الأسلحة النووية وللأمن الإقليمي والدولي. وعبرت عن أسفها أن مستقبل الاتفاقية على المحك. وفي هذا السياق تحدثت عن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية في مايو 2018 وفرض عقوبات أحادية الجانب على إيران. ثم أردفت إنه وقبل الانسحاب الأميركي أحادي الجانب من الاتفاقية وإعادة فرض العقوبات على إيران، فإن إيران كانت قد طبقت جميع التزاماتها الواردة بالاتفاق النووي، وهذا ما أكده أحد عشر تقريرا للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ثم أشارت دي كارلو إلى أن الخطوات الأميركية التي اتخذت لاحقا، بما فيها إعادة فرض العقوبات الأميركية وعدم تمديد الإعفاءات المتعلقة بالتجارة والنفط مع إيران وجميع المشاريع الأخرى الناشئة، تتعارض مع أهداف خطة العمل الشاملة المشتركة. وأضافت إن الخطوات الأميركية أعاقت قدرة إيران والدول الأعضاء الأخرى على التنفيذ الكامل للاتفاق النووي. وعبرت دي كارلو عن أسفها كذلك للخطوات التي اتخذتها إيران، كرد على الخطوات الأميركية بعد سنة وشهرين من الانسحاب الأميركي، والتي تتعارض مع الاتفاق النووي الإيراني. وأشارت في هذا السياق إلى تجاوز إيران الحدود المنصوص عليها في خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن مستوى تخصيب اليورانيوم، ومخزونها من الماء الثقيل واليورانيوم منخفض التخصيب. إضافة إلى رفع إيران للقيود المفروضة عليها بموجب الخطة والمتعلقة بأنشطة البحث والتطوير النووي.