بول ووكر: المجد يحدث بعد الموت أحياناً

14 سبتمبر 2015
في مكان وفاته (Getty)
+ الخط -
مشهد متخيل ولم يحصل، في 12 سبتمبر/أيلول 2015: الممثل الأميركي بول ووكر يحتفل بعيد ميلاده الـ42، كل شيء جيد، كل شيء جميل، يستعد لتصوير الجزء الثامن من سلسلة Fast and Furious، بعدما حقق الجزء السابع إيرادات قياسية حول العالم.

هذا المشهد لن يحدث للأسف، "ووكر" لن يحتفل اليوم بعيد ميلاده، ولن يصور حتماً الجزء الثامن، إن لم يكن لأنه ودَّع صديقه "فان ديزل" للأبد في نهاية الجزء السابع، فلأنه –وكما تعرف الأغلبية- قد مات، بحادثة عنيفة ومفاجئة في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2013.

أكثر الأشياء الملفتة في موت "ووكر"، وهي أشياء مستدعاة في ذكرى ميلاده اليوم، هو اقتران (موته) بخلود اسمه، بشكل أزيد بكثير مما كان عليه وهو لم يزل حياً.

أول الأشياء التي خلقت قدراً من الأسطورية في موت "ووكر" هو أنه جاء بشكل مفاجئ، لممثل ونجم في سن مبكر نسبياً، وفي إحدى نقاط الذروة بمسيرته. الشيء الثاني أن "ووكر" كان ناشطاً في جمعيات وفاعليات خيرية كثيرة في المجتمع الأميركي وخارجه.. والليلة التي مات فيها (30 نوفمبر/تشرين الثاني) كان متوجهاً إلى حفل خيري لجمع تبرعات لإعصار "هايان" في الفلبين، اقتران اسمه ووفاته بأمور إنسانية من هذا القبيل زادت من التعاطف والأثر الذي أحدثه الخبر. والأمر الثالث كان المفارقة في أن تكون (حياة) "ووكر" السينمائية مرتبطة أكثر من أي شيء بأشهر سلسلة أفلام "سيارات" في تاريخ السينما.. وأن يأتي (موته) نتيجة لحادث سيارة عنيف.

كل تلك الأشياء جعلت رحيله في أواخر 2013 أكثر قوة بكثير من الـ40 عاماً التي حضر فيها، وأحد الأسئلة البارزة التي خلفها هذا الغياب هو سؤال: "كيف ستكمل شركة يونيفرسال" تصوير الجزء السابع من Furious بعد وفاة بطله قبل الانتهاء من تصوير مشاهده"؟

تم اقتراح أكثر من حل: (1) أن يتم تغيير السيناريو على المشاهد التي صورها "ووكر"، (2) الاستعانة بأخويه "كالب" و"كودي"، اللذين يشبهانه كثيراً، للعمل على مشاهد الشخصية وتصويرهم من بعيد وبإضاءة خاصة تزيد من مقاربتهم لـ"بول". (3) اللجوء لشركة Weta Digital لفنون المؤثرات الرقمية، والتي يشارك في ملكيتها المخرج بيتر جاكسون، وساهمت في (خلق) شخصيات مثل "جولوم" في ثلاثية The Lord of the Rings، وذلك من أجل إعادة تصوير "بول ووكر" حاسوبياً في بعض المشاهد

الحل في النهاية كان دمج الحلول كلها، تم إعادة كتابة السيناريو ليتمحور حول شخصية "بريان أوكونر" أكثر مع قراره في نهاية الفيلم أن يترك سباق السيارات للأبد ويرحل ليعيش في هدوء –مما يمنح الشركة فرصة إنتاج أجزاء جديدة دون "ووكر"، كذلك صور المخرج "جاميس وان" الأخوين "كالب وكودي" في المشاهد البعيدة والسريعة، بينما بعض اللقطات القريبة نفذتها شركة "ويتا ديجيتال" بتقنية الـ CGI.

مع عرض الفيلم في 3 أبريل/نيسان عام 2015، كان هناك بعث جديد وحياة أخرى لـ"بول ووكر"، حقق الفيلم نجاحات أسطورية غير متوقعة أبداً، تحديداً في مردوده حول العالم، حيث حصد الفيلم في أميركا 350 مليون دولار –وهو رقم عالٍ ولكن ليس نجاحاً خارقاً- بينما حول العالم حقق الفيلم ملياراً و100 مليون دولار إضافية، موزعة على قرابة الـ50 دولة، ومن بينها 390 مليون دولار في الصين وحدها. وبالمجمل فإن الـ (مليار و511 مليوناً و726 ألف دولار) التي حققها الفيلم جعلته خامس أعلى الأفلام إيراداً في تاريخ السينما.

بدا الأمر أشبه بوداعية أخيرة لـ"بول ووكر"، وفي المشهد الأخير الذي ينظر فيه للكاميرا ويودع أصدقاءه كان الأمر مؤثراً جداً للمشاهدين، حيث شعروا –كما أراد صناع الفيلم- أن "ووكر" يودعهم هم.

لم يشهد "ووكر" كل تلك النجاحات التي ارتبطت باسمه، كما أنه لن يحتفل اليوم بعيد ميلاده، ولكن الأمر الجيد أنه ظل باقياً في أذهان الناس، وكان حضوره الأخير على شاشة السينما أشبه ببعث جديد لساعتين فقط.. بعث مرتبط بالمجد الأبدي.

دلالات
المساهمون