بول سيزان.. لوحات الصخور والمحاجر

19 يوليو 2020
بول سيزان/ فرنسا
+ الخط -

لبول سيزان أكثر من ثلاثين لوحة كان موضوعها الصخور والمحاجر، وقد خصّص "متحف جامعة برنستون" معرلضاً افتراضياً خاصاً لها بالتعاون مع "الأكاديمية الملكية للفنون" في لندن، وكان من المفترض أن يكون هذا المعرض الذي افتتح الأسبوع الماضي ويتواصل حتى منتصف تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، مباشراً لكن بسبب انتشار كوفيد -19 تحول إلى الافتراضي غير أن المتحف والأكاديمية يعرضان جزءاً بسيطاً من اللوحات أونلاين. 

عالج سيزان الصخور في لوحاته مثلما تعالج الحياة الصامتة في اللوحات، واستخدم الأصباغ الخضراء والأزرق والأرجواني، مع لمسة من أشعة الشمس الذهبية في منتصف اللوحة، وجعل الأحجار تتمتع بحيوية رغم صمتها وقسوتها. 

ولد سيزان (1890-1906) في بلدة "إكس إن بروفنس" القديمة، المنطقة التي سوف تلهم أعماله طوال حياته، فرسم تضاريسها الوعرة ومسطحاتها الخضراء التي تتخللها جرف الصخور والكهوف والحجار؛ غالبًا ما تسجل هذه اللوحات القريبة التركيز من التكوينات الصخرية إحساسه العميق بالمكان وتجسد انشغالاته الرئيسية المرسومة بروح بطيئة وتأملية وهادئة. 
يقول سيزان في رسالة إلى صديقه الشاعر يواكيم جاسكيت عام 1897، "من أجل رسم منظر طبيعي جيدًا ، أحتاج أولاً إلى اكتشاف أسسه الجيولوجية"، ما يكشف أنه لم يكن مجرد انجذاب للمواقع الصخرية، ولكن اهتمامًا قويًا بالجيولوجيا، "العلم الجديد" كما تم تسميته في القرن التاسع عشر. 

سيزان

وما كان حديثًا على لوحة سيزان هو أنه كان يحب أن يؤكد على جودة سطح اللوحة وجعلها عنصرًا أساسيًا في طريقة قراءة اللوحة، في لوحاته تظهر الأنهر والغابات والبلدات القديمة والجسور والأبنية كذلك منزل صديقه إميل زولا وضفاف نهر السين بطريقة جعلت النقاد يصفونه بأنه ما بعد انطباعي، وجعله صاحب تأثير كبير على ظهور المدرسة التكعيبية بعد رحيلة بسنوات.

كذلك رسم سيزان محجر بيبموس في مسقط رسه، والذي كانت حجارته أساس القصور الرائعة التي تصطف على شوارع مدينته القديمة. في بعض اللوحات رسم سيزان مواقع مهجورة وأخرى مليئة بالحجر الجيري وبعض المواقع رسمها باللون البرتقالي المحمر دلالة على طبيعة الصخور، هذه اللوحات تجسد التأمل العميق للفنان في الإنسان والطبيعة، والحركة والسكون، والديمومة والشفافية، وربما الحياة والموت.

ثمة مناظر طبيعية تعبر عن العزلة المطلقة، وهذه هي لوحات "شاتو نوار" القصر الذي ساهمت أساطير مختلفة في إضقاء هالة المكان الغامضة، على الأقل أن مالك القصر القديم أجرى تجارب الخيمياء في القبو، وسمح المالك الجديد لسيزان الذي كان غائبًا لفترات طويلة، بالتجول في الأراضي حتى أنه استأجر غرفة في مبنى صغير لتخزين معدات الطلاء الخاصة به. 

وجد سيزان الجرف المشجر في الحافة الشمالية للتضاريس كان غنيًا بشكل خاص بالزخارف ومشى في المسارات الضيقة بين مناظر الصخور المتراكمة المتداخلة مع نباتات غنية دائمة الخضرة، وظهرت كل هذه التفاصيل في لوحاته. 

 

المساهمون