25 اغسطس 2019
بولتون... خروج لتخفيف الاندفاعة الأميركية
محمد عياش
كاتب وباحث سياسي فلسطيني، يؤمن بمقولة "من طلب الشيء قبل أوانه، عوقب بحرمانه".
لا شيء يتغير في الاستراتيجية الأميركية، سيما الأهداف المعقدة تجاه "قيادة العالم"، إذ لا يوجد في الإدارة الحالية من يوصفون بأهل العقل والنقد والمشورة الحسنة، فأغلب الذين استقالوا من مناصبهم كانوا من المقربين والمأثورين عند الرئيس ترامب. وبالتالي فمحاولات الإدارة الأميركية إيجاد صيغة تحاول من خلالها المحافظة على الوضع العام باتت أشبه بالمستحيلة، خصوصاً مع تنامي وصعود الدول التي تقف موقف الند لسياسات واشنطن العنجهية الإقصائية.
يعتبر جون بولتون مستشار الأمن القومي الأميركي، بنظر السياسيين، "صقر الصقور"، لما لمواقفه تجاه خصوم واشنطن من حدّة وصرامة، حيث أن هذا الرجل مجبول على شن الحروب باعتبار الولايات المتحدة القائدة الوحيدة لهذا العالم. وبالتالي فإن وجوده في أي إدارة، سواءً في الماضي أو الحاضر، يكون لشن الحروب والقضاء على كل من يفكر أن يعترض على سياسة واشنطن.
جاءت إقالة بولتون ومسؤولين غيره سبقوه تأكيداً وتذكيراً بالموجة العالية من الإقصاء والعزل في عام ترامب الأول، بسبب قلة الخبرة والمعرفة بالشؤون السياسية، أو فقدان الأشخاص من الوزن الثقيل، لإسداء النُصح والمشورة. وها هو يُّغير ويُبدل والانتخابات على الأبواب، والتأرجح والتذبذب سيدا السياسة الخارجية.
في ظل التردد والتخبط، ومن باب الاطمئنان، وبعث الثقة في نفوس الخائفين على مستقبل إسرائيل، أقدم ترامب على خطوات غير محسوبة لصالح دولة الكيان، وإجراءات متسرعة تغطي فشله على المستوى الدولي، ولكي يضمن عطف الجماعات الضاغطة التي تعمل لمصلحة إسرائيل ودعمها، كان لا بد من هذه القرارات ورقة مسبقة تجيز له العفو والصبر على الزلات والهفوات والأخطاء والمضي نحو الانتخابات الأميركية. وتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بضم غور الأردن وبعض الأراضي في الضفة الغربية، أكبر دليل، وكلاهما يستبقان الاستحقاق الانتخابي.
برّرَ ترامب عزل بولتون بمخالفته رؤيته تجاه الأحداث، ويقول إن بولتون تجاوز حدوده، عندما طرح الحل لقضية كوريا الشمالية، وفق النموذج الليبي، ما أزعج القيادة الكورية، مذكراً (أي ترامب) أن مستشاره للأمن القومي كان من صانعي القرار في غزو العراق، بينما عارض ترامب بشدة الهجوم على العراق.
تحتاج الحقيقة دائماً للقدح على زناد الفكر، وأنها تحتاج لذوي العقل الحصيف والرزين، على اعتبار أن واشنطن لم تتغير باستراتيجيتها، بينما المتغير هو زيادة الخصوم لها. وبالتالي، فإن خوض حرب في هذه الأيام سيكشف العدد الحقيقي لأعدائها، وهي في غنى عن هذه الحقيقة، والاستمرار بالسياسة الحالية أفضل كون مسلسل فرض العقوبات مستمراً بالرغم من فشله.
يكشف عزل بولتون العجز الأميركي لحسم القضايا التي تواجه واشنطن، فإعادته إلى الواجهة السياسية كان بمثابة المناورة والتعمية عن الفشل المستمر، وخصوصاً التكلفة العالية التي مُنيت بها واشنطن وحلفاؤها عند إرسالهم السفن والمدمرات وحاملات الطائرات ودعوة الدول لمؤازرتها ودعمها لحماية الملاحة في الخليج، فالجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تذهب إلى المفاوضات، وهي إلى هذه اللحظة تقاوم كل المحاولات لعزلها وإفقارها.
تخشى واشنطن من أن تنجر للحرب، وتخشى من أن تُفرض عليها، وهي التي تقف موقف العداء لنماذج الدول الناجحة، ووقوفها المُعلن ضد القضية المركزية للدول العربية فلسطين، ناهيك عن الدول التي لا تفضل السير بموجب الرؤية الأميركية لهذا العالم. وبالتالي، فإن عزل الأشخاص الذين يرون في الحرب وسيلة مختصرة لفرض الهيمنة والسيطرة على العالم ما هو إلا تخفيف الاندفاعة التي تستند على هذه الحيثيات التي لا يمكن للولايات المتحدة تجاهلها.
جاءت إقالة بولتون ومسؤولين غيره سبقوه تأكيداً وتذكيراً بالموجة العالية من الإقصاء والعزل في عام ترامب الأول، بسبب قلة الخبرة والمعرفة بالشؤون السياسية، أو فقدان الأشخاص من الوزن الثقيل، لإسداء النُصح والمشورة. وها هو يُّغير ويُبدل والانتخابات على الأبواب، والتأرجح والتذبذب سيدا السياسة الخارجية.
في ظل التردد والتخبط، ومن باب الاطمئنان، وبعث الثقة في نفوس الخائفين على مستقبل إسرائيل، أقدم ترامب على خطوات غير محسوبة لصالح دولة الكيان، وإجراءات متسرعة تغطي فشله على المستوى الدولي، ولكي يضمن عطف الجماعات الضاغطة التي تعمل لمصلحة إسرائيل ودعمها، كان لا بد من هذه القرارات ورقة مسبقة تجيز له العفو والصبر على الزلات والهفوات والأخطاء والمضي نحو الانتخابات الأميركية. وتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بضم غور الأردن وبعض الأراضي في الضفة الغربية، أكبر دليل، وكلاهما يستبقان الاستحقاق الانتخابي.
برّرَ ترامب عزل بولتون بمخالفته رؤيته تجاه الأحداث، ويقول إن بولتون تجاوز حدوده، عندما طرح الحل لقضية كوريا الشمالية، وفق النموذج الليبي، ما أزعج القيادة الكورية، مذكراً (أي ترامب) أن مستشاره للأمن القومي كان من صانعي القرار في غزو العراق، بينما عارض ترامب بشدة الهجوم على العراق.
تحتاج الحقيقة دائماً للقدح على زناد الفكر، وأنها تحتاج لذوي العقل الحصيف والرزين، على اعتبار أن واشنطن لم تتغير باستراتيجيتها، بينما المتغير هو زيادة الخصوم لها. وبالتالي، فإن خوض حرب في هذه الأيام سيكشف العدد الحقيقي لأعدائها، وهي في غنى عن هذه الحقيقة، والاستمرار بالسياسة الحالية أفضل كون مسلسل فرض العقوبات مستمراً بالرغم من فشله.
يكشف عزل بولتون العجز الأميركي لحسم القضايا التي تواجه واشنطن، فإعادته إلى الواجهة السياسية كان بمثابة المناورة والتعمية عن الفشل المستمر، وخصوصاً التكلفة العالية التي مُنيت بها واشنطن وحلفاؤها عند إرسالهم السفن والمدمرات وحاملات الطائرات ودعوة الدول لمؤازرتها ودعمها لحماية الملاحة في الخليج، فالجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تذهب إلى المفاوضات، وهي إلى هذه اللحظة تقاوم كل المحاولات لعزلها وإفقارها.
تخشى واشنطن من أن تنجر للحرب، وتخشى من أن تُفرض عليها، وهي التي تقف موقف العداء لنماذج الدول الناجحة، ووقوفها المُعلن ضد القضية المركزية للدول العربية فلسطين، ناهيك عن الدول التي لا تفضل السير بموجب الرؤية الأميركية لهذا العالم. وبالتالي، فإن عزل الأشخاص الذين يرون في الحرب وسيلة مختصرة لفرض الهيمنة والسيطرة على العالم ما هو إلا تخفيف الاندفاعة التي تستند على هذه الحيثيات التي لا يمكن للولايات المتحدة تجاهلها.
محمد عياش
كاتب وباحث سياسي فلسطيني، يؤمن بمقولة "من طلب الشيء قبل أوانه، عوقب بحرمانه".
محمد عياش
مقالات أخرى
25 يوليو 2019
21 يونيو 2019
18 مايو 2019