بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الإثنين، زيارة إلى السعودية، للمرة الأولى منذ أكثر من عشر سنوات. وقبل انطلاق اللقاءات الرسمية مع كل من الملك سلمان، وولي العهد محمد بن سلمان، رشحت الكثير من المعلومات حول استثمارات ضخمة تصل إلى ملياري دولار، ستجمع البلدين في الفترة المقبلة، من خلال التوقيع على عشر اتفاقيات. بالإضافة إلى المشاركة الروسية في طرح "أرامكو" الأوليّ.
ويضم الوفد المرافق لبوتين، كلا من وزير الطاقة ألكسندر نوفاك، ورئيس صندوق الثروة السيادي الروسي كيريل ديميترييف. وخلال اللقاءات مع القادة السعوديين، سيبحث الرئيس الروسي اتفاق أوبك+ الذي أدى إلى خفض الإنتاج بمقدار 1.2 مليون برميل يومياً، منذ يناير/كانون الثاني الماضي.
كما يُنظم منتدى يشارك فيه 300 من رؤساء الشركات التنفيذيين من السعودية وروسيا. ومن المنتظر أن يوقع الجانبان صفقات تتجاوز قيمتها ملياري دولار؛ من بينها استثمار مشترك بين شركة "أرامكو" النفطية وصندوق الثروة السيادي الروسي.
طرح "أرامكو"
وانتشرت أعلام روسيا والسعودية في شوارع الرياض، قبل زيارة بوتين التي تستغرق يوماً واحداً، وتتضمن حفلاً موسيقياً لأوركسترا تشايكوفسكي السيمفوني.
وقالت "أرامكو" إنّ الإعلان عن الطرح الأوليّ سيتم "قريباً جداً"، في حين أكد رئيس صندوق الثروة السيادي كيريل ديميترييف، للصحافيين، أنّ عدداً من المستثمرين الروس مهتمون بالطرح العام الأوليّ المزمع لشركة "أرامكو" التي قد تطرح ما بين 1 و2% من أسهمها في السوق المحلية، خلال نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، قبل الطرح الدولي المحتمل.
وأضاف أنّ "الاتفاق بين أعضاء منظمة أوبك والدول الأخرى خارج أوبك، ستتم مناقشته خلال المحادثات في الرياض".
في حين أعلن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، أنّ شركة "غازبروم" الروسية مهتمة بالتعاون مع شركات سعودية في مجال الغاز الطبيعي.
وتابع: "نحن على ثقة من أنّ أرامكو السعودية ستستثمر في مشاريع الغاز المسال الروسية مستقبلاً". وأكد، لصحيفة "أراب نيوز" السعودية، أنّ روسيا والمملكة قد توقعان اتفاقات بقيمة مليار دولار، خلال زيارة بوتين.
وأضاف "تبدي شركات نفط وغاز روسية كثيرة مثل غازبروم وسيبور، اهتماماً بالتعاون مع الشركات السعودية". وتابع قائلاً إنّ البلدين يدرسان إقامة مؤسسة مشتركة للتعاون في مجال الطاقة.
اتفاق "أوبك"
وشدد نوفاك، اليوم الإثنين، على أنّه لا توجد محادثات حالية لتعديل الاتفاق العالمي لإنتاج النفط المبرم بين "أوبك" وحلفائها. وأضاف، للصحافيين، أنّ موسكو ملتزمة بالكامل بالاتفاق.
ولفتت مصادر مطلعة، لـ"رويترز"، اليوم الإثنين، إلى أنّه من المتوقع أن يبلغ مستوى امتثال منتجي النفط في "أوبك"، والمنتجين من خارج المنظمة، باتفاق خفض الإمدادات ما يزيد عن 200% في سبتمبر/أيلول.
وأضافت المصادر أنّ مستوى الالتزام المرتفع يرجع بشكل أساسي إلى الهجمات على منشأتي نفط لشركة "أرامكو" في السعودية، مما خفض إنتاج المملكة.
بدوره، قال وزير الطاقة السعودي، اليوم الإثنين، إنّ من المهم التركيز على استقرار سوق النفط لا أسعار الخام، وإنّ السعر العادل "هو سعر مستقر".
وأضاف الوزير عبد العزيز بن سلمان، أنّ مُصدري النفط المشاركين في اتفاق عالمي للإنتاج بين "أوبك" وحلفائها، "يظهرون التزاماً صارماً بالتخفيضات".
إلا أنّ الرئيس التنفيذي لشركة "غازبروم نفت" الروسية ألكسندر ديوكوف، قال إنّ الأمر يستحق إعادة النظر في تعديل طفيف لاتفاق إنتاج النفط العالمي المبرم بين "أوبك" وحلفائها لوضع مستوى الطلب في الاعتبار.
وقال، اليوم الإثنين، إنّ "غازبروم نفت"، أسرع منتج للنفط نمواً في روسيا، قد ترفع الإنتاج بمقدار 150 ألف برميل يومياً، في غضون ثلاثة أشهر "إذا اقتضت الضرورة".
تقارب مستجدّ
ومن مظاهر اكتساب العلاقات بين البلدين قوة، انضمام روسيا غير العضو في منظمة "أوبك"، والتي كانت في وقت من الأوقات تعتبر منافساً للمنظمة في أسواق النفط، إلى السعودية في تشكيل تحالف يُعرف باسم "أوبك+" لدعم أسعار النفط الخام العالمية، من خلال تقييد الإنتاج.
وقبل الزيارة، قال بوتين الذي عرض تزويد المملكة بأنظمة دفاعية روسية بعد الهجمات التي وقعت على منشآتها النفطية في 14 سبتمبر/أيلول الماضي، إنّ بوسعه أيضاً أن يلعب "دوراً إيجابياً" في تخفيف حدة التوترات مع طهران، بفضل علاقاته الطيبة مع الجانبين.
وسُئل وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، عن مخاوف من تقارب الرياض وموسكو، فقال إنّه لا يرى تعارضاً.
وأضاف الجبير، للصحافيين، أمس الأحد، أنّ المملكة "لا تعتقد أنّ العلاقات الوثيقة مع روسيا لها أثر سلبي على العلاقات مع الولايات المتحدة". وتابع أنّ "السعودية ترى أن بالإمكان إقامة علاقات استراتيجية وقوية مع الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه تطوير العلاقات مع روسيا".
استثمارات زراعية
ولفت مصدر مشارك على نحو مباشر في الترتيب لاتفاق بين صندوق الاستثمار المباشر الروسي و"سالك" السعودية، لوكالة "رويترز"، اليوم الإثنين، إلى أنّ صندوق الثروة السيادي الروسي و"سالك" يخططان لتوقيع اتفاق تعاون خلال زيارة بوتين إلى المملكة.
وكانت روسيا، أكبر دولة مصدرة للقمح في العالم، قد حققت بعض التقدم في دخول أسواق السعودية والشرق الأوسط، عندما وافقت المملكة، في أغسطس/آب الماضي، على تخفيف مواصفات القمح المستورد؛ مما فتح الباب أمام الاستيراد من منطقة البحر الأسود.
وأضاف المصدر أنّ الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني "سالك"، وصندوق الاستثمار المباشر الروسي، سيبحثان على نحو مشترك، عن مشاريع استثمارية في قطاع الزراعة والثروة الحيوانية في روسيا.
وكان صندوق الاستثمار المباشر الروسي قد أكد، أمس الأحد، أنّ روسيا والسعودية ستوقعان 10 اتفاقات بقيمة تزيد عن ملياري دولار، خلال زيارة بوتين إلى السعودية. في حين أعلن بوتين أنّ روسيا تدرس بناء مجمع بتروكيماويات، بأكثر من مليار دولار في السعودية.
(رويترز، العربي الجديد)