13 نوفمبر 2024
بنت من دار السلام
روت لي صديقة بغضب حادثةً وقعت لابنتها الشابة، حين كانت تسير في هجير أحد أيام تموز في أحد أكثر شوارع المدينة ازدحاماً، حيث أصيبت بإغماء مفاجئ أمام أحد المولات الضخمة تحديدا، وحيث سمعت رجلي الأمن الواقفين أمام أبواب المول، يطلبون من المارة الابتعاد، وبأن تتقدم بنتان أو امرأتان، لكي تحملاها إلى محفّة الإسعاف، حيث لا يجوز أن يحملها شابان من الشباب الكثر الذين تجمهروا في المكان، وقد سمعت ذلك قبل أن تغيب تماما عن الوعي.
أردفت الصديقة، وهي لا تصدق، أن البحث عن متطوعتين لحمل ابنتها كاد أن يكلفها حياتها، لولا أن بدأت امرأة مسنة بالصراخ على الجمع المحتشد بأن ينقذوا الفتاة بأي ثمن، مردّدة مقولة "إن الضرورات تبيح المحظورات".
يعيد هذا الموقف ذاكرتي إلى المشهد الأخير من فيلم حذفت منه مشاهد كثيرة، بسبب جرأة القضية التي تناولها، وهو "بنت من دار السلام".. يحاول الزوج المدّعي التقوى والإيمان أن يمنع المنقذين على الشاطئ من إنقاذ زوجته التي أوشكت على الغرق، وذلك لكي لا يلمسوا جسدها أو يحملوها بين أيديهم. وحين دفعه أحدهم، وأسرعوا لإنقاذ تلك البائسة، استقل سيارته وغادر المكان، وتركها وحيدة لمصيرها المحتوم، وهو المصير البائس أيضا مثلها، حين أوقعتها ظروف فقر عائلتها، لكي تتزوج بزوج يعاني من "المازوخية"، لكنه الرجل الثري ذو الكلمة المسموعة أمام الناس، والذي استطاع إيقاع هذه الفتاة الصغيرة ببراثنه، حين اعتدى عليها، فلم تجد بداً من الزواج به، ولم تكن تعلم عن شذوذه الذي كشفته صديقتها، واستغلته لكي تستنزفه ماديا إلى أقصى حد.
والزوج في الفيلم يشبه أبا آسيويا، ترك ابنته تغرق على شاطئ دبي، ورفض بشدة أن ينقذها رجال الإنقاذ، خوفا على شرفها. ولسنا بذلك نعتب على الأفلام الكوميدية القديمة، والتي دعتنا ننقلب على ظهورنا من شدة الضحك، حين يرفض العمدة أن يكشف الطبيب على زوجته، فيكشف طرف ذراعها من النافذة، أو يمد لسانه بدلا عنها، بصفته زوجها ووكيلها في كل أمر.
اعتقدت الأمر مجرد مشهد كوميدي يعبر عن فئة الرجال من الزمن الغابر، وحيث يعيشون في عمق الريف أو الصحراء، لكن هذه الأفعال ما زالت تمارس في مجتمعاتنا حتى الوقت الحالي. وعلى الرغم من كل الادعاءت بأن المرأة قد حصلت على بعض الحقوق، وبدأت تسير جنباً إلى جنب مع الجنس الآخر، وهو الرجل، لكن الحقائق الصادمة أن العقول المتحجرة ما زالت تنظر إلى المرأة كنقيصة، أو عورة يجب إخفاؤها، ومما مر بي أن فتاة شابة كانت بحاجة للنقل للعلاج خارج غزة، حيث يطبق الحصار عليها، وقد نشرت مناشدات عبر حسابي على "فيسبوك"، وإذا بي أفاجأ بطلب غريب من عائلتها، وهو أن أحذف هذه المناشدات، وأترك الفتاة لمصيرها، لأنهم يخشون على ابنتهم من الفضيحة، وأن يعلم الناس أنها مريضة بمرض خطير، وأن هذا الأمر سوف يجعل الخطاب يحجمون عن التقدم لها لو شفيت، وقد تناسى أهل الفتاة أنهم يعيشون في مجتمع ضيق، لا ينام فيه خبر حتى شروق شمس النهار، ويكون هذا الخبر قد انتشر مثل انتشار النار في الهشيم، فكيف حين تتداول مواقع التواصل الاجتماعي الأخبار بسرعة البرق، مثل نشر خبر يبدو في ظاهره بريئا، وهو طلب الدعاء لابنة العم التي اكتشف أهلها وجود عيب خلقي لديها، بعد أن أصبحت شابة وبات يهدد حياتها.
ازدواجية النظرة إلى المرأة والتمسك بأهداب الدين، وبأن الرجل لا يعيبه سوى جيبه، ما زالت سارية في مجتمعاتنا، فزوج بنت دار السلام كان ثريا، واستطاع أن يتمسّك بأهداب الدين، ويجيد تلميع نفسه أمام المجتمع، وأخفى مرضه النفسي، والذي يجعله لا يشعر بالمتعة الجنسية، إلا إذا تعرّض للتعذيب من الطرف الآخر، كما خرج داعية ديني يجرّم الأب الذي يسمح لابنته بدراسة الطب أو التمريض، وفي الوقت نفسه، يحرّم أن تنكشف المرأة عند الولادة على طبيب أجنبي.
أردفت الصديقة، وهي لا تصدق، أن البحث عن متطوعتين لحمل ابنتها كاد أن يكلفها حياتها، لولا أن بدأت امرأة مسنة بالصراخ على الجمع المحتشد بأن ينقذوا الفتاة بأي ثمن، مردّدة مقولة "إن الضرورات تبيح المحظورات".
يعيد هذا الموقف ذاكرتي إلى المشهد الأخير من فيلم حذفت منه مشاهد كثيرة، بسبب جرأة القضية التي تناولها، وهو "بنت من دار السلام".. يحاول الزوج المدّعي التقوى والإيمان أن يمنع المنقذين على الشاطئ من إنقاذ زوجته التي أوشكت على الغرق، وذلك لكي لا يلمسوا جسدها أو يحملوها بين أيديهم. وحين دفعه أحدهم، وأسرعوا لإنقاذ تلك البائسة، استقل سيارته وغادر المكان، وتركها وحيدة لمصيرها المحتوم، وهو المصير البائس أيضا مثلها، حين أوقعتها ظروف فقر عائلتها، لكي تتزوج بزوج يعاني من "المازوخية"، لكنه الرجل الثري ذو الكلمة المسموعة أمام الناس، والذي استطاع إيقاع هذه الفتاة الصغيرة ببراثنه، حين اعتدى عليها، فلم تجد بداً من الزواج به، ولم تكن تعلم عن شذوذه الذي كشفته صديقتها، واستغلته لكي تستنزفه ماديا إلى أقصى حد.
والزوج في الفيلم يشبه أبا آسيويا، ترك ابنته تغرق على شاطئ دبي، ورفض بشدة أن ينقذها رجال الإنقاذ، خوفا على شرفها. ولسنا بذلك نعتب على الأفلام الكوميدية القديمة، والتي دعتنا ننقلب على ظهورنا من شدة الضحك، حين يرفض العمدة أن يكشف الطبيب على زوجته، فيكشف طرف ذراعها من النافذة، أو يمد لسانه بدلا عنها، بصفته زوجها ووكيلها في كل أمر.
اعتقدت الأمر مجرد مشهد كوميدي يعبر عن فئة الرجال من الزمن الغابر، وحيث يعيشون في عمق الريف أو الصحراء، لكن هذه الأفعال ما زالت تمارس في مجتمعاتنا حتى الوقت الحالي. وعلى الرغم من كل الادعاءت بأن المرأة قد حصلت على بعض الحقوق، وبدأت تسير جنباً إلى جنب مع الجنس الآخر، وهو الرجل، لكن الحقائق الصادمة أن العقول المتحجرة ما زالت تنظر إلى المرأة كنقيصة، أو عورة يجب إخفاؤها، ومما مر بي أن فتاة شابة كانت بحاجة للنقل للعلاج خارج غزة، حيث يطبق الحصار عليها، وقد نشرت مناشدات عبر حسابي على "فيسبوك"، وإذا بي أفاجأ بطلب غريب من عائلتها، وهو أن أحذف هذه المناشدات، وأترك الفتاة لمصيرها، لأنهم يخشون على ابنتهم من الفضيحة، وأن يعلم الناس أنها مريضة بمرض خطير، وأن هذا الأمر سوف يجعل الخطاب يحجمون عن التقدم لها لو شفيت، وقد تناسى أهل الفتاة أنهم يعيشون في مجتمع ضيق، لا ينام فيه خبر حتى شروق شمس النهار، ويكون هذا الخبر قد انتشر مثل انتشار النار في الهشيم، فكيف حين تتداول مواقع التواصل الاجتماعي الأخبار بسرعة البرق، مثل نشر خبر يبدو في ظاهره بريئا، وهو طلب الدعاء لابنة العم التي اكتشف أهلها وجود عيب خلقي لديها، بعد أن أصبحت شابة وبات يهدد حياتها.
ازدواجية النظرة إلى المرأة والتمسك بأهداب الدين، وبأن الرجل لا يعيبه سوى جيبه، ما زالت سارية في مجتمعاتنا، فزوج بنت دار السلام كان ثريا، واستطاع أن يتمسّك بأهداب الدين، ويجيد تلميع نفسه أمام المجتمع، وأخفى مرضه النفسي، والذي يجعله لا يشعر بالمتعة الجنسية، إلا إذا تعرّض للتعذيب من الطرف الآخر، كما خرج داعية ديني يجرّم الأب الذي يسمح لابنته بدراسة الطب أو التمريض، وفي الوقت نفسه، يحرّم أن تنكشف المرأة عند الولادة على طبيب أجنبي.