بعض ما لأبي العلاء

13 مايو 2017
نجا المهداوي/ تونس
+ الخط -

عندما قال حكيم المجرّة لا المعرّة فحسب: "والعيش مثل السهاد"، كان أبعد غوراً وأسشع دلالةً من ناظم حكمت حين قال: "المنفى أرق طويل". أفكر في أمور من هذا القبيل، وأنا أرى شبح الشيخ يخبّ في "الرمبلا"، ويوافيني في شارع المشاة الأكثر زحاماً على مستوى القارة العجوز.

أفكّر: في وقته، لم يكن أحد في كوكب الأرض (ولست بالديماغوج)، يماثل أو يُطاول قامته كشاعر ومفكر، صنع لنا هذه السبيكة ما فوق الذهبية ـ هذا المزيج العصي على المضاهاة أو الموازاة.

في إنكلترا يفتخرون بشكسبير، وفي إسبانيا بثربانتس، وهكذا في باقي بلدان أوروبا. كل بلد هنا في "أرض المتروبول" المزعومة، وله أيقونته الأدبية المؤسِّسة لتاريخ آدابه.

وهم لا يتوانون، بين حين وآخر، عن جلْي الأيقونة، وصنفرتها وتلميعها أكثر مما فعلوا سابقاً. كل هذا وأيقوناتهم لا يزيد عمرها عن خمسمئة سنة.
فماذا نفعل نحن وأيقونتنا الكبرى، جاوزت الألف بنيّف؟
وماذا نفعل نحن وشاعرنا كان نسيج وحدِهِ في زمنه ـ وإلى الآن، على مستوانا، وعلى مستوى العالم.

فلنتخيّل أن إنكلترا اللعينة كانت امتلكته بلسانها منذ ذلك الدهر.
أما في بلاد يتساوى فيها التبر والتراب، فكَم علينا!


* شاعر فلسطيني مقيم في برشلونة

المساهمون