بطرف العين

13 ديسمبر 2015
(تصوير: هوغو باساريلو لونا)
+ الخط -

الحقيقة، الحقيقة هي أنه وضع يده على مؤخّرتي وأنا كنتُ على وشك الصراخ حين مرّت الحافلة أمام كنيسة، فرأيته يشير على نفسه بإشارة الصليب. قلت في نفسي إنه ولد طيّب رغم كل ما فعله. ربما لا يقوم بذلك عمداً، أو ربما تجهل يده اليمنى ما تفعله يده اليسرى.

حاولت التوغل إلى داخل الحافلة -لأن التبرير شيء وتركه يتلمس بيده شيئ آخر مغاير تماماً - لكن في كل موقف حافلة، كان يصعد ركّاب أكثر ولم يكن في وسعي الابتعاد عنه.

لم ينفع التوائي في شيء غير إتاحة الفرصة له لكي يضع يده بطريقة أفضل، وحتى أن يلاطفني. كنت أتحرّك بعصبية وهو أيضاً. مررنا بجانب كنيسة أخرى، لكن هذه المرة لم يتفطن أصلاً، ووضع يده على وجهه لكي يجفف العرق. بدأتُ بالنظر إليه بطرف العين مظهرة تجاهلاً، لا أريده أن يظن أن الوضع أعجبني.

من المستحيل أن أتنحّى جانباً رغم أنني كنت أنتفض. قررت حينها الأخذ بالثأر، ووضعت بدوري يدي على مؤخرته. بعد قطعنا مسافة قصيرة أزاحتني موجة من الناس دفعاً من أمامه. أنزلني النازلون في طريقهم من الحافلة.

والآن أشعر بالندم لخسارتي ذلك الشاب دفعة واحدة، لأن حافظة نقوده لم يكن فيها سوى 7400 بيزو من العملة القديمة، وكنت سآخذ منه أكثر من ذلك في لقاء على انفراد. فهو على ما يبدو حنون وكريم جداً.


* Luisa Valenzuela كاتبة أرجنتينية وُلدت سنة 1938

** ترجمة عن الإسبانية إبراهيم اليعيشي


اقرأ أيضاً: الرسالة

المساهمون