يعتقد المحلل السياسي أحمد عوض، أن بطاقات الـ"BMC" والـ"VIP"، التي يمنحها كيان الاحتلال الإسرائيلي لرجال أعمال وشخصيات سياسية، وسيلة تمييز فئوي بين أبناء الشعب الفلسطيني، عبر خلق مجموعة من أصحاب المصالح تقاتل لأجل امتيازاتها، بما يجعلها تقبل التطبيع الحياتي مع الاحتلال، غير أن الخطر الأكبر من منح تلك البطاقات، "يتمثل في تعميق الشرخ المجتمعي، إذ ترسخ التفرقة بين أبناء الشعب الواحد الذي تتمتع فئة قليلة منه بتسهيلات تغيب عن بقية المواطنين، ما يسهل عملية التحكم في من يحوزون تلك البطاقات ودمجهم في منظومة الاحتلال"، كما يقول عوض.
وتمنح سلطات الاحتلال نوعين من البطاقات للفلسطينيين، أحداهما تعرف بـ"بطاقة رجل أعمال" (BMC)، وتوفر هذه البطاقة امتيازات لحامليها مثل الدخول إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، والسفر عبر مطار اللد (بن غوريون)، وتسهيل المرور على الحواجز الأمنية بدل الانتظار لساعات، كما تُمنح البطاقة تصريحاً مؤقتاً مدته ثلاثة أشهر للزوجة والأبناء للتمتع ببعض امتيازاتها كتسهيل المرور عبر بوابات الجدار الفاصل وفي منطقة القدس المحتلة، بينما تمنح بطاقة الشخصيات المهمة (VIP)، لمستويين، الأول VIP1 ويحملها الرئيس ورئيس الحكومة والوزراء، والثاني VIP2 ويحملها سياسيون من أعضاء المجلس التشريعي وقيادات في منظمة التحرير الفلسطينية واللجنة المركزية والمجلس الثوري لحركة فتح، وشخصيات تصنّفها "إسرائيل" بالمهمة، وفقاً لما وثقته معدة التحقيق عبر لقاءات مع حاصلين على هذه البطاقات.
اقــرأ أيضاً
تنافس للحصول على بطاقة رجال الأعمال
عبر تقديم طلب إلى وزارة الشؤون المدنية الفلسطينية، يمكن الحصول على بطاقات رجال الأعمال، إذ يتم رفع الطلبات من خلال اتحاد الغرف التجارية، كل عام في الفترة من أكتوبر/تشرين الأول حتى ديسمبر/كانون الأول، ليتم دراستها من قبل الجهات الفلسطينية وكيان الاحتلال، غير أن بعض الفلسطينيين يتجاوز الجهات الفلسطينية وينسق مباشرة مع الاحتلال،
وتمنح سلطات الاحتلال نوعين من البطاقات للفلسطينيين، أحداهما تعرف بـ"بطاقة رجل أعمال" (BMC)، وتوفر هذه البطاقة امتيازات لحامليها مثل الدخول إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، والسفر عبر مطار اللد (بن غوريون)، وتسهيل المرور على الحواجز الأمنية بدل الانتظار لساعات، كما تُمنح البطاقة تصريحاً مؤقتاً مدته ثلاثة أشهر للزوجة والأبناء للتمتع ببعض امتيازاتها كتسهيل المرور عبر بوابات الجدار الفاصل وفي منطقة القدس المحتلة، بينما تمنح بطاقة الشخصيات المهمة (VIP)، لمستويين، الأول VIP1 ويحملها الرئيس ورئيس الحكومة والوزراء، والثاني VIP2 ويحملها سياسيون من أعضاء المجلس التشريعي وقيادات في منظمة التحرير الفلسطينية واللجنة المركزية والمجلس الثوري لحركة فتح، وشخصيات تصنّفها "إسرائيل" بالمهمة، وفقاً لما وثقته معدة التحقيق عبر لقاءات مع حاصلين على هذه البطاقات.
تنافس للحصول على بطاقة رجال الأعمال
عبر تقديم طلب إلى وزارة الشؤون المدنية الفلسطينية، يمكن الحصول على بطاقات رجال الأعمال، إذ يتم رفع الطلبات من خلال اتحاد الغرف التجارية، كل عام في الفترة من أكتوبر/تشرين الأول حتى ديسمبر/كانون الأول، ليتم دراستها من قبل الجهات الفلسطينية وكيان الاحتلال، غير أن بعض الفلسطينيين يتجاوز الجهات الفلسطينية وينسق مباشرة مع الاحتلال،
كما يقول التاجر حسن خليل، (اسم مستعار) والذي رفض الكشف عن هويته حتى لا يتم حرمانه من بطاقته.
يروي خليل تجربته مع بطاقات رجال الأعمال، قائلا عقب تقديم طلبي، تم الإعلان عن 160 بطاقة من أصل 200 بطاقة كان الاحتلال قد أعلن عن منحهم، وعقب الاستفسار من الغرفة التجارية التي تقدم إليها بالطلب، توصل إلى أن البطاقات الـ40 المتبقية حصل عليها حائزوها بالتنسيق المباشر مع الاحتلال، ما حرم باقي المتقدمين من امتلاك هذه البطاقة رغم استكمال الإجراءات القانونية الخاصة بالحصول عليها.
يتابع، "لا ندري حتى اللحظة ما هي المعايير التي يتم اعتمادها للحصول على الــ"BMC"، ولا كيف يتم التعامل مع التجار الذين يتواصلون بشكل مباشر مع الاحتلال من قبل الجهات الفلسطينية"، وهو ما يعتبره المحلل الاقتصادي، نصر عبد الكريم؛ "تقسيم الناس وتصنيفهم"، موضحاً أنه عقب اندلاع الانتفاضة الثانية (عام 2000)، تم تقييد حرية الفلسطينيين على الحواجز والمعابر، ومن ثم تم وضع هذه الآلية حتى لا تتضرر المصالح الاقتصادية للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي من خلال منح بطاقات لرجال الأعمال والتجار والسلطة وموظفيها.
وبحسب رئيس اتحاد الغرف التجارية الفلسطينية، خليل رزق، فإن الغرفة لا تستطيع منع العلاقات المباشرة بين التجار الفلسطينيين والاحتلال للحصول على بطاقة رجل الأعمال، إذ لا يوجد قانون يمنع التاجر الفلسطيني من القيام بذلك، قائلا لـ"العربي الجديد": "في حال كان المنع سيقع، لا بد أن يتم الأمر عبر المستوى الأمني".
ألفا بطاقة BMC في ثلاثة أعوام
خلال السنوات الثلاث الماضية، تم إصدار ألفي بطاقة "BMC"، للتجار ورجال الأعمال الفلسطينيين من قبل كيان الاحتلال، بحسب إحصاء خاص حصلت عليه "العربي الجديد" من وزارة الشؤون المدنية الفلسطينية.
ويؤكد مصدر مطلع في الوزارة المعنية بتسهيل حصول الفلسطينيين على البطاقات، أن الملف بقي ثمانية أعوام لدى لجنة المفاوضات التي يترأسها صائب عريقات، ولم تحرز فيه تقدماً يُذكر، ليُسلم بعدها إلى الشؤون المدنية الفلسطينية".
وفي سؤال حول عدد طلبات بطاقات رجال الأعمال، التي رُفعت مؤخراً، أكد المصدر، رفع الوزارة 50 طلباً كان آخرها في شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 2015، لافتاً إلى عدم رفع طلبات عليها ملاحظات أمنية، من السلطة الفلسطينية.
ويبرر رئيس اتحاد الغرف التجارية الفلسطينية، ارتفاع حاملي بطاقة رجال الأعمال، إلى زيادة الحركة التجارية مع الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى زيادة أعداد الشركات التي لديها ارتباطات خارجية تقتضي تنقلهم من وإلى الضفة الغربية. فيما يؤكد رجل أعمال يمتلك بطاقة BMC منذ سبعة أعوام (رفض الكشف عن هويته)، أن العديد من التجار ممن لديهم واسطات ومعارف وعلاقات مع ضباط إسرائيليين، يتوجهون مباشرة لهم من أجل الحصول على البطاقة متجاوزين القطاع الخاص والغرفة التجارية والشؤون المدنية الفلسطينية.
ولا يبدي ماجد معالي، المدير العام لجمعية رجال الأعمال الفلسطينيين، حماساً للحديث في ملف بطاقات رجل الأعمال، في ظل سقوط العديد من الشهداء. قائلا لـ"العربي الجديد": "هناك لجان من القطاع الخاصة تتابع هذا الموضوع، كما أنه يحق لكل رجل أعمال أن يحصل على هذه البطاقة وأن تسهل حركته ويتمتع بالامتيازات التي تمنحها، ومن يعمل على هذا الملف خمس مؤسسات من القطاع الخاص، ليس هناك ضروري لتسميتها لأن الحديث في ملف الـBMC لا يخدم الصالح الخاص ولا العام".
306 بطاقات VIP في الضفة الغربية
بلغ عدد حاملي بطاقة كبار الشخصيات، 800 فلسطيني في عام 1999، بحسب وزارة الشؤون المدنية، وانخفض العدد تدريجياً، ولا سيما بعد اندلاع الانتفاضة الثانية. وتظهر إحصائيات الوزارة أنه منذ عام 2006 وحتى عام 2014 بلغ عدد البطاقات 306 فقط.
ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن لم يتم إصدار أي بطاقة، وهو ما يفسره عضو اللجنة المركزية لحركة فتح سلطان أبو العينين، بأنه يعود "لأسباب سياسية في ظل توقف المفاوضات بين الجانبين، كما أن البطاقات الموجودة حالياً هي شكلية إن لم تكن منتهية الصلاحية".
وتعرّض أبو العينين، إلى سحب بطاقة VIP الخاصة به من قبل كيان الاحتلال، وهو ما أرجعه إلى تصريح دعا فيه لتسليح المواطنين الفلسطينيين لمواجهة جرائم المستوطنين، وتلا ذلك منعه من السفر عبر معبر الكرامة بعد احتجازه أربع ساعات صدر أثناءها قرار بمنعه من مغادرة الضفة الغربية.
ليس أبو العينين وحده من سُحبت منه الــVIP، إذ إن العديد من حاملي بطاقات كبار الشخصيات، فقدها بسبب تصريحات سياسية، من بينهم نبيل شعث عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومسؤول ملف العلاقات الدولية، وعباس زكي ومحمد المدني، عضوا اللجنة المركزية لحركة فتح، لاتهامهم بالتحريض على "إسرائيل" والدعوة للعنف، غير أن أسباب سحب البطاقات توسعت مؤخراً لتصل إلى اعتبار زيارة بيوت عزاء الفدائيين "تحريضاً على العنف" وهو ما جرى لمحافظ الخليل كامل حميد، بعد زيارته بيوت عزاء منفذي العمليات الفدائية الأخيرة التي وقعت بالخليل في يوليو/تموز الماضي، وهو ما يصفه أبو العينين بأن البطاقات ليست للتسهيل بل للإذلال، قائلا "إن شاء الله ياخدوا كل البطاقات".
اقــرأ أيضاً
أداة للعقاب والتهديد
يعتبر الكاتب والمحلل السياسي بلال الشوبكي، أن بطاقات الاحتلال تعد جزءاً من الاستراتيجية الإسرائيلية الهادفة إلى خلق نموذجين في فلسطين، أحدهما يتمتّع ويروّض بتسهيلات وامتيازات، ونموذج مهدد ومعاقب بالجوع والخوف والحرمان. ويتابع " قد يبدو أن منح البطاقة غير مترافق مع ثمنٍ ما يدفعه من يحصل عليها، ولكن فيما بعد تصبح أداة للعقوبة والتهديد، بعد أن يعتاد الشخص وعائلته على تسهيلاتها ومميزاتها".
"حسناً هي جزرة تتحول وقت اللزوم إلى عصا، لمن يناوئ الاحتلال"، يكمل الشوبكي، وأوضح "أن من يساير الاحتلال سيظل متمتعاً بتلك البطاقة، وعليه فإنّ هذه البطاقة في حد ذاتها تعد عقوبة لمن يحملونها، أما رافضوها فإنهم غير معنيين بكل محاولات الترويض التي لا يتوقف عنها الاحتلال".
الحديث عن بطاقات الاحتلال ليس سياسياً فحسب، إذ إن له بعداً اجتماعياً مهماً، كما يرى وسام رفيدي، المحاضر في العلوم الاجتماعية في جامعة بيت لحم، والذي اعتبر أن اتفاقية أوسلو "خلقت شريحة منفصلة عن المجتمع، تتسم بكونها مميزة ولها علاقات جيدة مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ومع السلطة الفلسطينية"، موضحاً أن تلك البطاقات "تخلق تنافراً بين القيادات والشخصيات الاعتبارية الحاملة للبطاقة وبين الشعب، وتميزاً لحامليها من خلال نظام الامتيازات الذي تخلقه البطاقة والتي تجعل حاملها غير قادر على التخلي عنها. مما يدفع إسرائيل لاستخدامها للابتزاز"، قائلا باختصار "إما أن يعقل حاملها وإلا تسحب البطاقة".
ولفت رفيدي إلى أن الطبقة الساعية للحصول على بطاقات الاحتلال تتسم بكونها مرتبطة معه، لا تقاومه، تحاول أن تحد من حقدها الداخلي تجاهه، وتشكل وتقولب مزاجها وفق ما يراه، عدا عن خلق حالة رخوة لدى حائزها، تجعله أكثر قابلية للاستسلام الداخلي في مواجهة الاحتلال.
يروي خليل تجربته مع بطاقات رجال الأعمال، قائلا عقب تقديم طلبي، تم الإعلان عن 160 بطاقة من أصل 200 بطاقة كان الاحتلال قد أعلن عن منحهم، وعقب الاستفسار من الغرفة التجارية التي تقدم إليها بالطلب، توصل إلى أن البطاقات الـ40 المتبقية حصل عليها حائزوها بالتنسيق المباشر مع الاحتلال، ما حرم باقي المتقدمين من امتلاك هذه البطاقة رغم استكمال الإجراءات القانونية الخاصة بالحصول عليها.
وبحسب رئيس اتحاد الغرف التجارية الفلسطينية، خليل رزق، فإن الغرفة لا تستطيع منع العلاقات المباشرة بين التجار الفلسطينيين والاحتلال للحصول على بطاقة رجل الأعمال، إذ لا يوجد قانون يمنع التاجر الفلسطيني من القيام بذلك، قائلا لـ"العربي الجديد": "في حال كان المنع سيقع، لا بد أن يتم الأمر عبر المستوى الأمني".
ألفا بطاقة BMC في ثلاثة أعوام
خلال السنوات الثلاث الماضية، تم إصدار ألفي بطاقة "BMC"، للتجار ورجال الأعمال الفلسطينيين من قبل كيان الاحتلال، بحسب إحصاء خاص حصلت عليه "العربي الجديد" من وزارة الشؤون المدنية الفلسطينية.
ويؤكد مصدر مطلع في الوزارة المعنية بتسهيل حصول الفلسطينيين على البطاقات، أن الملف بقي ثمانية أعوام لدى لجنة المفاوضات التي يترأسها صائب عريقات، ولم تحرز فيه تقدماً يُذكر، ليُسلم بعدها إلى الشؤون المدنية الفلسطينية".
وفي سؤال حول عدد طلبات بطاقات رجال الأعمال، التي رُفعت مؤخراً، أكد المصدر، رفع الوزارة 50 طلباً كان آخرها في شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 2015، لافتاً إلى عدم رفع طلبات عليها ملاحظات أمنية، من السلطة الفلسطينية.
ويبرر رئيس اتحاد الغرف التجارية الفلسطينية، ارتفاع حاملي بطاقة رجال الأعمال، إلى زيادة الحركة التجارية مع الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى زيادة أعداد الشركات التي لديها ارتباطات خارجية تقتضي تنقلهم من وإلى الضفة الغربية. فيما يؤكد رجل أعمال يمتلك بطاقة BMC منذ سبعة أعوام (رفض الكشف عن هويته)، أن العديد من التجار ممن لديهم واسطات ومعارف وعلاقات مع ضباط إسرائيليين، يتوجهون مباشرة لهم من أجل الحصول على البطاقة متجاوزين القطاع الخاص والغرفة التجارية والشؤون المدنية الفلسطينية.
ولا يبدي ماجد معالي، المدير العام لجمعية رجال الأعمال الفلسطينيين، حماساً للحديث في ملف بطاقات رجل الأعمال، في ظل سقوط العديد من الشهداء. قائلا لـ"العربي الجديد": "هناك لجان من القطاع الخاصة تتابع هذا الموضوع، كما أنه يحق لكل رجل أعمال أن يحصل على هذه البطاقة وأن تسهل حركته ويتمتع بالامتيازات التي تمنحها، ومن يعمل على هذا الملف خمس مؤسسات من القطاع الخاص، ليس هناك ضروري لتسميتها لأن الحديث في ملف الـBMC لا يخدم الصالح الخاص ولا العام".
306 بطاقات VIP في الضفة الغربية
بلغ عدد حاملي بطاقة كبار الشخصيات، 800 فلسطيني في عام 1999، بحسب وزارة الشؤون المدنية، وانخفض العدد تدريجياً، ولا سيما بعد اندلاع الانتفاضة الثانية. وتظهر إحصائيات الوزارة أنه منذ عام 2006 وحتى عام 2014 بلغ عدد البطاقات 306 فقط.
ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن لم يتم إصدار أي بطاقة، وهو ما يفسره عضو اللجنة المركزية لحركة فتح سلطان أبو العينين، بأنه يعود "لأسباب سياسية في ظل توقف المفاوضات بين الجانبين، كما أن البطاقات الموجودة حالياً هي شكلية إن لم تكن منتهية الصلاحية".
ليس أبو العينين وحده من سُحبت منه الــVIP، إذ إن العديد من حاملي بطاقات كبار الشخصيات، فقدها بسبب تصريحات سياسية، من بينهم نبيل شعث عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومسؤول ملف العلاقات الدولية، وعباس زكي ومحمد المدني، عضوا اللجنة المركزية لحركة فتح، لاتهامهم بالتحريض على "إسرائيل" والدعوة للعنف، غير أن أسباب سحب البطاقات توسعت مؤخراً لتصل إلى اعتبار زيارة بيوت عزاء الفدائيين "تحريضاً على العنف" وهو ما جرى لمحافظ الخليل كامل حميد، بعد زيارته بيوت عزاء منفذي العمليات الفدائية الأخيرة التي وقعت بالخليل في يوليو/تموز الماضي، وهو ما يصفه أبو العينين بأن البطاقات ليست للتسهيل بل للإذلال، قائلا "إن شاء الله ياخدوا كل البطاقات".
أداة للعقاب والتهديد
يعتبر الكاتب والمحلل السياسي بلال الشوبكي، أن بطاقات الاحتلال تعد جزءاً من الاستراتيجية الإسرائيلية الهادفة إلى خلق نموذجين في فلسطين، أحدهما يتمتّع ويروّض بتسهيلات وامتيازات، ونموذج مهدد ومعاقب بالجوع والخوف والحرمان. ويتابع " قد يبدو أن منح البطاقة غير مترافق مع ثمنٍ ما يدفعه من يحصل عليها، ولكن فيما بعد تصبح أداة للعقوبة والتهديد، بعد أن يعتاد الشخص وعائلته على تسهيلاتها ومميزاتها".
"حسناً هي جزرة تتحول وقت اللزوم إلى عصا، لمن يناوئ الاحتلال"، يكمل الشوبكي، وأوضح "أن من يساير الاحتلال سيظل متمتعاً بتلك البطاقة، وعليه فإنّ هذه البطاقة في حد ذاتها تعد عقوبة لمن يحملونها، أما رافضوها فإنهم غير معنيين بكل محاولات الترويض التي لا يتوقف عنها الاحتلال".
الحديث عن بطاقات الاحتلال ليس سياسياً فحسب، إذ إن له بعداً اجتماعياً مهماً، كما يرى وسام رفيدي، المحاضر في العلوم الاجتماعية في جامعة بيت لحم، والذي اعتبر أن اتفاقية أوسلو "خلقت شريحة منفصلة عن المجتمع، تتسم بكونها مميزة ولها علاقات جيدة مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ومع السلطة الفلسطينية"، موضحاً أن تلك البطاقات "تخلق تنافراً بين القيادات والشخصيات الاعتبارية الحاملة للبطاقة وبين الشعب، وتميزاً لحامليها من خلال نظام الامتيازات الذي تخلقه البطاقة والتي تجعل حاملها غير قادر على التخلي عنها. مما يدفع إسرائيل لاستخدامها للابتزاز"، قائلا باختصار "إما أن يعقل حاملها وإلا تسحب البطاقة".
ولفت رفيدي إلى أن الطبقة الساعية للحصول على بطاقات الاحتلال تتسم بكونها مرتبطة معه، لا تقاومه، تحاول أن تحد من حقدها الداخلي تجاهه، وتشكل وتقولب مزاجها وفق ما يراه، عدا عن خلق حالة رخوة لدى حائزها، تجعله أكثر قابلية للاستسلام الداخلي في مواجهة الاحتلال.