عقب ثورة 25 يناير، اضطر المواطن السيناوي، يوسف المرزوقي، إلى سد احتياجات عائلته الغذائية، من البضائع الإسرائيلية، التي انتشرت في أسواق مدينة الشيخ زويد في شمال سيناء، بسبب قلة المنتجات المصرية التي كانت تصل إلى مدينته في ذلك الوقت، إذ نشط عدد من التجار السيناويين، في جلب تلك المنتجات التي شهدت إقبالا من الأهالي، و"تنوعت بين الأدوية، والهرمونات الزراعية، ومنتجات الألبان، والملابس، والشامبو، والصابون وأنواع مختلفة من العطور"، كما يؤكد مصطفى سنجر الناشط السيناوي، المُقيم في مدينة العريش، عاصمة محافظة شمال سيناء.
يحدد سنجر، الفترة التي شهدت رواجاً وازدهاراً للمنتجات الإسرائيلية في سيناء، بأنها كانت بين ثورة 25 يناير، وحتى نهايات عام 2013 بسبب قلة المنتجات المصرية، وسهولة التهريب آنذاك.
ويلفت الصحافي والناشط سنجر، إلى أن الفترة الحالية تشهد بيع منتجات مصرية على أنها إسرائيلية، عبر وضع ملصقات مزورة عليها، إذ يقبل المستهلكون على تلك السلع ظناً منهم أنها جيدة، لكونها مستوردة.
اقــرأ أيضاً
أسواق سيناء تعاني ندرة المنتجات المصرية
تواصل معد التحقيق، مع ثلاثة من التجار السيناويين الذين يعملون في جلب منتجات الاحتلال، داخل أسواق مدينة الشيخ زويد، لمعرفة كيف تدخل تلك السلع إلى سيناء، وبحسب أحدهم والذي رفض الكشف عن هويته، فإن تلك المنتجات كانت تنقل عبر الأنفاق الحدودية، خلال الفترة التي تلت 25 يناير، "وكانت تباع بشكل علني في الأسواق المتعطشة لمثل هذه المنتجات" على حد قوله، فيما يقوم وسطاء في الوقت الحالي بجلب تلك السلع، وتخزينها ليتم بيعها في صفقات على حسب الطلب.
بحسب التاجر الذي فضل تعريف نفسه بـ"عصام"، فإن المدن الحدودية تعاني حتى الآن من قلة وصول المواد الغذائية القادمة من مصر، وهو ما يدفع الأهالي إلى التواصل مع هؤلاء التجار، لجلب بديل للمنتجات المصرية.
في هذا الصدد، يذكر سنجر، أن الكمائن الكثيرة الموجودة على الطرق المؤدية إلى سيناء، تمنع وصول العديد من التجار ومنتجاتهم، كما أن المعديات التي تنقل البضائع والسيارات في مدينة القنطرة كثيرا ما تغلق، مما يضطر الشاحنات المُحملة بالبضائع إلى الانتظار لأيام عديدة، وهو ما يؤدي إلى تلف تلك المنتجات وخسائر محققة للتجار.
غراس الفاكهة
من سيناء إلى القاهرة، تتبع معد التحقيق، بيع غراس تفاح "ألانا"، وموز "وليامز" الإسرائيليين، وبحسب ياسر معروف أحد المتعاملين في هذين الصنفين، فإن كلا الصنفين يعدان الأغلى سعراً من كافة الأصناف الأخرى، وكان يتم جلبهما عبر شركة بيكو الزراعية التي تعد من أهم الشركات التي كان لديها علاقات زراعية مع دولة الاحتلال.
من جانبه، يقول الباحث بمركز يافا للدراسات السياسية، هيثم عبدالرؤوف، إن التطبيع الزراعي بين مصر وإسرائيل كان يعد المجال الأكثر رواجاً بين مجالات التطبيع، قبل أن يتطور الأمر بعد اتفاقية الكويز، وينتقل الأمر إلى صناعة المنسوجات.
وأضاف عبد الرؤوف، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" أن مجالات التطبيع شملت استيراد بذور ومبيدات زراعية، واستقدام خبراء زراعيين إسرائيليين لعدد من الشركات الخاصة، إلى جانب إرسال باحثين بمركز البحوث الزراعية إلى وزارة الزراعة الصهيونية وهو ما تزايد خلال فترة الرئيس السابق محمد حسني مُبارك ومازال يتم في الفترة الحالية.
من جانبه، قال الدكتورعبد السلام جمعة نقيب الزراعيين، أنه لا يوجد نص قانوني يمنع أي شركة زراعية داخل مصر من استيراد غراس زراعية من إسرائيل.
وأضاف جمعة في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن النقابة ليس لها صلة من قريب أو بعيد بهذا الأمر، موضحاً أن هذه النوعية سواء تفاح "الانا" أو موز "وليامز" من أغلى أسعار الفاكهة، ويتم تصدير الجزء الأكبر منها خارج مصر.
التبادل التجاري
بحسب تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، في عام 2015، فإن حجم التبادل التجاري، بين مصر وإسرائيل، وصل إلى 468 مليون جنيه (53 مليون دولار وفقاً للسعر الرسمي للجنيه في مقابل الدولار) خلال الفترة من يناير/كانون الثاني وحتى يونيو/حزيران من عام 2015، في مقابل 407 ملايين جنيه (46 مليون دولار) خلال الفترة ذاتها من عام 2014، وأوضح التقرير أن أكثر مُنتج مصري يدخل في تكوينه مواد مستوردة من إسرائيل، هي المنسوجات، إذ بلغت قيمة صادرات المنتجات النسيجية والملابس الجاهزة، التي دخل في تكوينها منتجات إسرائيلية، منذ توقيع اتفاقية الكويز المعدلة في عام 2007 "921.1 مليون دولار" (8 مليارات جنيه مصري).
ويعترف محمد قاسم، رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة، والمالك للشركة العالمية للتجارة، باستيراد شركته بعض المواد الرئيسية التي تدخل في صناعة النسيج من دولة الاحتلال، موضحاً أن هذا الأمر يُشكل التزاماً بتنفيذ الاتفاقية الموقعة بين مصر وإسرائيل وأميركا في عام 2004 والتي تم تعديلها في عام 2007 وتقليل نسبة المواد الإسرائيلية الداخلة في صناعات النسيج المصرية المخصصة للتصدير إلى أميركا من 11.7% إلى 10.5%.
من جانبه، قال السفير إبراهيم يسري، مساعد وزير الخارجية ومدير إدارة القانون الدولي والمعاهدات الدولية الأسبق، ومنسق حملة "لا لبيع الغاز للكيان الصهيوني"، إن شركات كُبرى يمتلكها رجال أعمال مصريون مرتبطون بالنظام هي المسؤولة عن توسع التطبيع التجاري، إذ تمارس هذه الأدوار تحت مظلة جهات أمنية سيادية تمنحها الحماية القانونية والشرعية لهذا الأمر، موضحاً أن هناك عدداً من رجال الأعمال يدخلون في شراكات تجارية مع هذه الأجهزة كنوع من أنواع تدعيم المصالح المشتركة بين الجانبين.
ويعد حسين سالم، أحد أهم الأمثلة على رجال الأعمال المرتبطين بالنظام، ممن قادوا عملية تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل عبر شركة غاز شرق المتوسط المصرية، بحسب السفير يسري، والذي تابع: "في الوقت الحالي فإن علاء عرفة، الصديق الشخصي للرئيس السابق محمد حسني مبارك، وصاحب شركة "عرفة جروب"، التي تُعد أكبر قلعة لصناعة النسيج في مصر، يمارس هذا الدور التطبيعي".
من جانبه، قال الباحث السياسي والمتخصص في الشأن الإسرائيلي، علاء يوسف، إن العلاقة بين مصر وإسرائيل في الفترة الحالية، تتسم بالدفء، ولا سيما بعد تعيين سفير مصري جديد في إسرائيل، وزيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري لإسرائيل، وهو ما يعني مزيداً من توسع الممارسات التطبيعية.
وأضاف يوسف أن السلطة الحالية تسعى إلى ترسيخ صورة مفادها أن التطبيع التجاري أمر طبيعي، ولا ينبغي التعامل مع ذلك باعتباره جريمة أو خيانة للوطن.
يحدد سنجر، الفترة التي شهدت رواجاً وازدهاراً للمنتجات الإسرائيلية في سيناء، بأنها كانت بين ثورة 25 يناير، وحتى نهايات عام 2013 بسبب قلة المنتجات المصرية، وسهولة التهريب آنذاك.
ويلفت الصحافي والناشط سنجر، إلى أن الفترة الحالية تشهد بيع منتجات مصرية على أنها إسرائيلية، عبر وضع ملصقات مزورة عليها، إذ يقبل المستهلكون على تلك السلع ظناً منهم أنها جيدة، لكونها مستوردة.
أسواق سيناء تعاني ندرة المنتجات المصرية
تواصل معد التحقيق، مع ثلاثة من التجار السيناويين الذين يعملون في جلب منتجات الاحتلال، داخل أسواق مدينة الشيخ زويد، لمعرفة كيف تدخل تلك السلع إلى سيناء، وبحسب أحدهم والذي رفض الكشف عن هويته، فإن تلك المنتجات كانت تنقل عبر الأنفاق الحدودية، خلال الفترة التي تلت 25 يناير، "وكانت تباع بشكل علني في الأسواق المتعطشة لمثل هذه المنتجات" على حد قوله، فيما يقوم وسطاء في الوقت الحالي بجلب تلك السلع، وتخزينها ليتم بيعها في صفقات على حسب الطلب.
بحسب التاجر الذي فضل تعريف نفسه بـ"عصام"، فإن المدن الحدودية تعاني حتى الآن من قلة وصول المواد الغذائية القادمة من مصر، وهو ما يدفع الأهالي إلى التواصل مع هؤلاء التجار، لجلب بديل للمنتجات المصرية.
في هذا الصدد، يذكر سنجر، أن الكمائن الكثيرة الموجودة على الطرق المؤدية إلى سيناء، تمنع وصول العديد من التجار ومنتجاتهم، كما أن المعديات التي تنقل البضائع والسيارات في مدينة القنطرة كثيرا ما تغلق، مما يضطر الشاحنات المُحملة بالبضائع إلى الانتظار لأيام عديدة، وهو ما يؤدي إلى تلف تلك المنتجات وخسائر محققة للتجار.
غراس الفاكهة
من سيناء إلى القاهرة، تتبع معد التحقيق، بيع غراس تفاح "ألانا"، وموز "وليامز" الإسرائيليين، وبحسب ياسر معروف أحد المتعاملين في هذين الصنفين، فإن كلا الصنفين يعدان الأغلى سعراً من كافة الأصناف الأخرى، وكان يتم جلبهما عبر شركة بيكو الزراعية التي تعد من أهم الشركات التي كان لديها علاقات زراعية مع دولة الاحتلال.
من جانبه، يقول الباحث بمركز يافا للدراسات السياسية، هيثم عبدالرؤوف، إن التطبيع الزراعي بين مصر وإسرائيل كان يعد المجال الأكثر رواجاً بين مجالات التطبيع، قبل أن يتطور الأمر بعد اتفاقية الكويز، وينتقل الأمر إلى صناعة المنسوجات.
وأضاف عبد الرؤوف، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" أن مجالات التطبيع شملت استيراد بذور ومبيدات زراعية، واستقدام خبراء زراعيين إسرائيليين لعدد من الشركات الخاصة، إلى جانب إرسال باحثين بمركز البحوث الزراعية إلى وزارة الزراعة الصهيونية وهو ما تزايد خلال فترة الرئيس السابق محمد حسني مُبارك ومازال يتم في الفترة الحالية.
من جانبه، قال الدكتورعبد السلام جمعة نقيب الزراعيين، أنه لا يوجد نص قانوني يمنع أي شركة زراعية داخل مصر من استيراد غراس زراعية من إسرائيل.
وأضاف جمعة في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن النقابة ليس لها صلة من قريب أو بعيد بهذا الأمر، موضحاً أن هذه النوعية سواء تفاح "الانا" أو موز "وليامز" من أغلى أسعار الفاكهة، ويتم تصدير الجزء الأكبر منها خارج مصر.
التبادل التجاري
بحسب تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، في عام 2015، فإن حجم التبادل التجاري، بين مصر وإسرائيل، وصل إلى 468 مليون جنيه (53 مليون دولار وفقاً للسعر الرسمي للجنيه في مقابل الدولار) خلال الفترة من يناير/كانون الثاني وحتى يونيو/حزيران من عام 2015، في مقابل 407 ملايين جنيه (46 مليون دولار) خلال الفترة ذاتها من عام 2014، وأوضح التقرير أن أكثر مُنتج مصري يدخل في تكوينه مواد مستوردة من إسرائيل، هي المنسوجات، إذ بلغت قيمة صادرات المنتجات النسيجية والملابس الجاهزة، التي دخل في تكوينها منتجات إسرائيلية، منذ توقيع اتفاقية الكويز المعدلة في عام 2007 "921.1 مليون دولار" (8 مليارات جنيه مصري).
ويعترف محمد قاسم، رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة، والمالك للشركة العالمية للتجارة، باستيراد شركته بعض المواد الرئيسية التي تدخل في صناعة النسيج من دولة الاحتلال، موضحاً أن هذا الأمر يُشكل التزاماً بتنفيذ الاتفاقية الموقعة بين مصر وإسرائيل وأميركا في عام 2004 والتي تم تعديلها في عام 2007 وتقليل نسبة المواد الإسرائيلية الداخلة في صناعات النسيج المصرية المخصصة للتصدير إلى أميركا من 11.7% إلى 10.5%.
من جانبه، قال السفير إبراهيم يسري، مساعد وزير الخارجية ومدير إدارة القانون الدولي والمعاهدات الدولية الأسبق، ومنسق حملة "لا لبيع الغاز للكيان الصهيوني"، إن شركات كُبرى يمتلكها رجال أعمال مصريون مرتبطون بالنظام هي المسؤولة عن توسع التطبيع التجاري، إذ تمارس هذه الأدوار تحت مظلة جهات أمنية سيادية تمنحها الحماية القانونية والشرعية لهذا الأمر، موضحاً أن هناك عدداً من رجال الأعمال يدخلون في شراكات تجارية مع هذه الأجهزة كنوع من أنواع تدعيم المصالح المشتركة بين الجانبين.
ويعد حسين سالم، أحد أهم الأمثلة على رجال الأعمال المرتبطين بالنظام، ممن قادوا عملية تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل عبر شركة غاز شرق المتوسط المصرية، بحسب السفير يسري، والذي تابع: "في الوقت الحالي فإن علاء عرفة، الصديق الشخصي للرئيس السابق محمد حسني مبارك، وصاحب شركة "عرفة جروب"، التي تُعد أكبر قلعة لصناعة النسيج في مصر، يمارس هذا الدور التطبيعي".
من جانبه، قال الباحث السياسي والمتخصص في الشأن الإسرائيلي، علاء يوسف، إن العلاقة بين مصر وإسرائيل في الفترة الحالية، تتسم بالدفء، ولا سيما بعد تعيين سفير مصري جديد في إسرائيل، وزيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري لإسرائيل، وهو ما يعني مزيداً من توسع الممارسات التطبيعية.
وأضاف يوسف أن السلطة الحالية تسعى إلى ترسيخ صورة مفادها أن التطبيع التجاري أمر طبيعي، ولا ينبغي التعامل مع ذلك باعتباره جريمة أو خيانة للوطن.