بشير أبو منّة: خيارات الرواية الفلسطينية

في كتابه الصادر حديثاً بعنوان "الرواية الفلسطينية، من النكبة حتى الآن" (منشورات كامبريدج)، يضيء الباحث الفلسطيني بشير أبو منة على واقع الرواية الفلسطينية بعد النكبة، وكيف تناول الروائيون والكتّاب أحداثها ونتائجها وتعقيداتها.

في هذا العمل يكون أبو منة قد وضع أول مرجع من نوعه باللغة الإنجليزية، متناولاً نماذج بعينها، وهي: غسان كنفاني وإميل حبيبي وجبرا إبراهيم جبرا وسحر خليفة، يستعين أبو منة أيضاً بكتابة الفرنسي جان جينيه عن المسألة الفلسطينية، وكذلك بأعمال الروائي اللبناني إلياس خوري.

يرصد الباحث المحاضر في عدّة جامعات بريطانية، العلاقة بين السياسي والجمالي من خلال هذه النماذج، لكن السؤال الذي يُطرح هنا حول مروحة السنوات التي اختارها، وإن كان يمكن فعلاً اعتبار أن هذه التجارب تمثّل اتجاهات الرواية الفلسطينية المعاصرة، بما أنه يحدد الفترة الزمنية قيد الدراسة بـ "الآن"، فهل يقصد بذلك كتاباً ما زالوا أحياء، في هذه الحالة يمكن تجاوزاً اعتبار سحر خليفة تمثّل هذه المرحلة.

إما إن كانت الآن تعني اتجاهات أدبية سائدة الآن، تتعلق بالرواية الشابة وأجيال تعرّضت للانتفاضات والاجتياحات وعاشت "أوسلو" وما بعدها، فيمكن القول إن نموذج سحر خليفة وحده لن يكون كافياً ولا مناسباً لتمثيل الأدب الفلسطيني الآن.

في ما يتعلّق بمنهجية الدراسة، فقد مزجت بين التحليل التاريخي وتحليل النص، وهذا مفهوم إذا عرفنا أن أبو منّة متخصّص بدارسات الواقعية الأدبية والحداثة، وبالآداب الإنجليزية التي تناولت قضايا "الشرق الأوسط"، وكذلك بالبحوث الأدبية والثقافية الماركسية وما بعد الكولونيالية. حتى أن الأكاديمي هنا، يلجأ إلى نظريات ما بعد الكولونيالية وإلى لوكاش وأدورنو لتحليل وقراءة مسألة تحديد المصير الجمعي والفردي في الأدب الفلسطيني، والتي تأخذ موقعاً أساسياً في العمل.

يحقق الباحث في مفاهيم التضحية والخلاص الجمعي وإدراك الذات، والتحديات السياسية، ولعبة الأمل والاحتمالات ثم تضاؤل وتفرّق مساحة الجمعي واضطراب الفردي أيضاً، وقد جاءت عناوين الفصول كالتالي: "مقدمة تاريخية ونظرية"، و"المضحّون بأنفسهم في أعمال جبرا إبراهيم جبرا: الواقعية، الثورة والتجديد"، و"الأخلاق الثورية الجديدة عند غسان كنفاني" و"إميل حبيبي: الأسْر والهروب الثقافي عند المتشائل 1974" و"سحر خليفة: أسئلة جذرية ونسوية ثورية" و"نغمية الهزيمة والحداثة الفلسطينية"، ثم يختم بـ "ذكرى ما بعد الهزيمة: باب الشمس".