وكانت بريطانيا أول دولة تعلق رحلاتها الجوية إلى شرم الشيخ بعد حادث تفجير الطائرة الروسية فوق سيناء، في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2015، مستبقةً بهذه الخطوة روسيا نفسها ودولاً أخرى، كما أنها تمسكت بقرار التعليق طيلة تلك الفترة رغم الجهود التي بذلتها مصر لاستيفاء معايير السلامة البريطانية.
وقال وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أندرو موريسون إن "المملكة المتحدة كانت واضحة أنه سيتم استئناف الرحلات الجوية إلى شرم الشيخ عندما يسمح الوضع الأمني بذلك".
وأضاف وفقا لبيان نشرته السفارة البريطانية على صفحتها الرسمية على فيسبوك أنه "يسعدني اليوم أن نعلن عن رفع القيود الحالية. سنواصل العمل عن كثب مع شركائنا في مصر وشركات الطيران التي تخطط لاستئناف الرحلات في المستقبل".
من جهته، قال السفير البريطاني في مصر جيفري آدامز إن "الإعلان يأتي بعد تعاون وثيق بين خبراء أمن الطيران في المملكة المتحدة ومصر".
وأضاف أننا "سوف نعمل عن كثب مع شركات الطيران التي ترغب في استئناف الرحلات الجوية. وسنواصل عملنا مع المسؤولين المصريين لضمان سلامة وأمن المواطنين البريطانيين، والتي تظل على رأس أولوياتنا ".
من جهتها، رحّبت وزارة الطيران المدني المصرية بالقرار البريطاني، واعتبرته مؤشراً على قوة العلاقات وتنامي الثقة بين مصر والمملكة المتحدة.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، قالت مصادر دبلوماسية مصرية لـ"العربي الجديد"، إنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عبّر خلال لقائه الأول مع رئيس وزراء بريطانيا، بوريس جونسون، على هامش قمة مجموعة الدول السبع الكبرى في بياريتز الفرنسية؛ عن رغبته في تجاوز العلاقة الفاترة بين البلدين.
وأكدت المصادر أنّ "اللقاء جعل السيسي أكثر تفاؤلاً لجهة تحسين وتعميق مستوى التفاوض حول قضية عودة الطيران".
وفي يوليو/تموز الماضي، أكّد مصدر في وزارة الطيران المدني المصرية، لـ"العربي الجديد"، أنّ "بريطانيا كانت الدولة الأكثر تشدداً، من بين الدول التي أرادت التدخل في مراقبة إجراءات تطوير وسائل الأمن والسلامة بالمطارات المصرية، حتى أكثر تشدداً من روسيا التي ما زالت تماطل في التنفيذ الكامل لقرار استئناف الرحلات الجوية".
وكشف المصدر آنذاك أن "بريطانيا أرسلت منذ نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2015 أكثر من 30 فريق تفتيش أمني، تعاونوا مع السلطات المصرية في تطوير معايير السلامة بمطارات القاهرة وشرم الشيخ والغردقة. وكان آخرها فريق تفتيش زار مطاري القاهرة وشرم الشيخ في مايو/أيار الماضي"، مشيراً إلى "أن الفريق سجّل إشادة بمستوى التطور والتشديد الأمني وباستخدام استراتيجيات جديدة ووسائل لم تكن متبعة في المطارات المصرية من قبل".
وتشير إحصائيات وزارة الخارجية البريطانية إلى أنّ 900 ألف بريطاني سافروا إلى مصر في 2015، فيما انخفض هذا العدد إلى 231 ألفاً في 2016 بعد منع الرحلات إلى شرم الشيخ، التي كانت تعتبر المقصد السياحي الأول في الشرق الأوسط للمواطنين البريطانيين، ثم ارتفع هذا العدد إلى 415 ألفاً العام الماضي ممن يصلون إلى شرم الشيخ عبر رحلات داخلية من القاهرة، مما يجعل المصريين متفائلين بمضاعفة هذا الرقم بعد استئناف الرحلات.
خريطة الأخطار الأمنية
وكانت الخطوط الجوية البريطانية قد علّقت رحلاتها إلى مطار القاهرة أسبوعاً في يوليو/تموز الماضي، في خطوة أثارت حساسية سياسية بين البلدين، نظراً لعدم إعلان لندن أسباب ذلك القرار حتى الآن، علماً بأن في الفترة ذاتها شهدت عملية إرهابية في وسط القاهرة على بعد نحو كيلومترين من السفارة البريطانية.
وطالبت مصر مراراً، كما طالب النائب عن حزب "العمال" ستيفن تيمز، رئيس مجموعة العمل الخاصة بمصر بالبرلمان البريطاني، في فبراير/شباط الماضي برفع الحظر على الرحلات الجوية إلى شرم الشيخ، وذلك انطلاقاً من حضور رئيسة الوزراء البريطانية، حينها، تيريزا ماي، القمة العربية الأوروبية في فبراير/شباط الماضي.
وعقدت القمة العربية الأوروبية في المدينة الساحلية، التي تصنفها بريطانيا أمنياً بأنها "من الضروري استشارة السلطات قبل زيارتها"، وفقاً لخريطة الأخطار الأمنية الخاصة بمصر، الموجودة على الموقع الرسمي للحكومة البريطانية.
وتخلو الخريطة من أي مناطق آمنة تماماً، إذ تمّ تصنيف القاهرة والإسكندرية والدلتا والساحل الشمالي غرباً حتى مطروح وساحل البحر الأحمر وشرم الشيخ بجنوب سيناء، مناطق ينبغي الاطلاع على نصائح السفر الخاصة قبل التوجه إليها، وتم تصنيف باقي مناطق جنوب سيناء ومحافظة الوادي الجديد بالكامل والامتدادات الصحراوية الغربية لمحافظات الصعيد، مناطق لا ينصح بالسفر إليها عدا الرحلات المهمة للغاية، فيما تمّ تصنيف محافظة شمال سيناء بالكامل منطقة غير مسموح السفر إليها بالنسبة لرعايا بريطانيا.