بريطانيا تتاجر في تأشيرات الإقامة

26 فبراير 2014
بريطانيا تتاجر في تأشيرات الإقامة
+ الخط -

تبحث الحكومة البريطانية مشروع خطة بيع تأشيرات الإقامة في المملكة المتحدة للأثرياء، التي طرحتها اللجنة الاستشارية للهجرة منذ أشهر. ويقضي هذه المشروع، بحسب ما نشرته صحيفة "غارديان" البريطانية، بمنح الاقامة للاشخاص الذين يقدمون مساعدات مالية سخية للمؤسسات الحكومية في بريطانيا. ونظراً لحدة المنافسة المتوقعة، تم اقتراح عقد مزاد علني لمَن يدفع أعلى سعر بين الأثرياء ورجال الأعمال الأجانب.

وأعرب رئيس اللجنة الاستشارية للهجرة، البروفيسور السير ديفيد ميتكالف، أمام أعضاء في مجلس العموم البريطاني، عن دعمه للخطة، باعتبارها "وسيلة جديدة لجذب المستثمرين الأثرياء إلى البلاد"، وطالب بفتح مزاد على تأشيرات الإقامة في بريطانيا وقال: "إن هناك مَن يعتبر بيع تأشيرة الاقامة أمر فظيع، لكنني أقول لهم هذا أفظل من أن ندفعهم بعيداً للاستثمار خارجاً، وهذا ما نفعله الآن".

كما يقول المدافعون عن الخطة إنها خطة ثورية ستسهم في إخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية، وستضع أسساً قوية لإحياء المنظومة الاقتصادية، بجلب الأثرياء الى البلاد، ما يؤدي الى إنعاش الاقتصاد وتعزيز مكانة لندن كعاصمة لأثرياء العالم ولكبريات الشركات متعددة الجنسيات. كما ستضمن الخطة أيضاً تدفق مئات المليارات من الجنيهات إلى الخزينة البريطانية.

وقال آخرون، حسب "الغارديان"، إن منح هؤلاء الأثرياء إقامة دائمة على أراضيها، سيجعل من لندن مقراً دائماً لهم ولاستثماراتهم، ما يؤدي إلى توسيع الأفق الاستثماري وضمان مستويات معيشة مرتفعة في بريطانيا.

لكن وجهة النظر هذه، لا تجد ترحيباً لدى جهات بريطانية أخرى. فقد اعترض بعض نواب مجلس العموم البريطاني عليها، وقالوا إنه لا يوجد "دليل قاطع" على أنها ستجلب فائدة لمواطني المملكة المتحدة، وخاصة أنها ستزيد من الغلاء المعيشي وقد تُعسّر قدرتهم على "مسايرة" الحياة في مدينتهم.

كما ذكر آخرون، أن وزارة الداخلية البريطانية كانت قد عارضت خططاً أوروبية لبيع تأشيرات إقامة دائمة للأثرياء، لأن هذا يعني أنه يحق لهم الإقامة في بريطانيا، باعتبارها عضواً في الاتحاد الأوروبي.

وكانت قد كتبت في تقرير لها أن برنامج منح التأشيرات للمستثمرين، المعمول به حالياً في بريطانيا، أصبح "طريقة رخيصة" للكثير من الأثرياء الروس والصينيين وغيرهم من أجل الحصول على إقامات في المملكة المتحدة، ومن ثم الانتقال وعائلاتهم للعيش في لندن، في الوقت الذي لم يتمكن فيه هذا البرنامج من تحقيق الكثير من الامتيازات للاقتصاد البريطاني. كما تشير إلى أن إحصائيات شهرسبتمر/ أيلول المنصرم أظهرت أن عدد الاثرياء الأجانب الذين تقدموا بطلب للحصول على تاشيرة مستثمر من الروس والصينيين وصل إلى 560 خلال 12 شهراً.

ولإدراكه لما سيثيره الاقتراح من جدل في المجتمع البريطاني، دعا السير ديفيد ميتكاليف عبر وسائل الإعلام البريطانية إلى فتح نقاش حول هذا الملف، كما أكد مرة أخرى أن شراء تلك الإقامة الدائمة سيكون بملايين الجنيهات الإسترلينية، وقال: "سنمنحها لمَن يتبرّع، مثلاً، بمدرسة تعليمية في الطب أو لمدرسة لندن للاقتصاد بمبلغ عشرة ملايين جنيه إسترليني".

لكن هذا السعر وأسعاراً أخرى طرحت للنقاش لهذا النوع من التأشيرات الذي لا يزال يثير الكثير من اللغط.

وتتجه الترجيحات الى أن الأسعار قد تكون 2.5 مليون جنيه إسترليي كحد أدنى، وستكون 500 ألف منها في شكل هبات للمدارس والمستشفيات، فيما سيقتصر الباقي على استثمارات أو شراء سندات من الخزينة مقابل البقاء في المملكة لمدة محدودة ما بين سنتين او خمس سنوات يستطيع بعدها المستثمر التقدم بطلب للحصول على الجنسية البريطانية. ولا يضع القانون البريطاني شروطاً أو قيوداً على الاستثمار، فيما ينص على إتقان اللغة الانكليزية كما هو الحال عند المهاجرين الذين تنطبق عليهم شروط الاغنياء.

حركة عنصرية ضد الأجانب

وفي سياق اخر، إذا تجولت في شوارع العاصمة البريطانية لندن، وتحديداً في وسط المدينة، فربما تعتقد نفسك في إحدى البلاد العربية. تختلف الجنسيات ولكن هناك طابعا عربيا أصبح يضع بصمته في الشوارع والمحلات التجارية.

حركة جديدة تطلق على نفسها اسم "بريطانيا أولاً" تسعى لتغيير تلك الأوضاع وفق ما تسميه "إعادة بريطانيا إلى البريطانيين"، على حد قول الحركة، وهو ما يعتبره كثيرون نوعا من الحث على العنصرية والكراهية تجاه "غير البريطانيين" داخل المملكة المتحدة، وسط ارتفاع ملحوظ في الخطاب العنصري ضد الأجانب، والمسلمين خاصةً، مع غياب التدخل من قبل الحكومة لمنع هذا الخطاب.

"بريطانيا أولاً"

تعرف الحركة نفسها على موقعها على شبكة الإنترنت بأنها "منظمة وطنية سياسية هدفها محاربة العديد من المظالم التي لحقت بالشعب البريطاني بشكل روتيني". وترى الحركة أن الشعب البريطاني يجب أن يأتي أولاً قبل "الأجانب وطالبي اللجوء والمهاجرين" في الوقت الذي يعامل فيه المواطن البريطاني باعتباره مواطن من الدرجة الثانية من قبل الحكومة.

وعن بناء المساجد في قارة أوروبا، أعلنت الحركة موقفها وهو إعادة الدين المسيحي كأساس للحياة الوطنية البريطانية ووضعت صورة على موقعها في وقفة نظمتها سابقا للمطالبة بالتوقف عن بناء مساجد أخرى في بريطانيا.

وتطرقت الحركة للاقتصاد البريطاني وارتفاع نسبة البطالة، حيث طالبت الحكومة بتوفير وظائف للبريطانيين وأن تكون لهم الأولوية في الوظائف، مشيرة إلى أن السماح بزيادة عدد المهاجرين يؤدي إلى الضغط على الموارد البريطانية وتحميل العبء على الرعاية الصحية والإسكان والبيئة، مطالبة بغلق أبواب الهجرة حتى لا يزيد الضغط على الموارد.

وفي خطاب متشدد تخاطب الحركة الجديدة الحكومة البريطانية محذرة "إذا استمر الوضع كما هو الأن، فنتوقع أن يصبح البريطانيون أقلية بعد 25 عاماً من الأن".

دعم من السفارة المصرية

وتكرر الحركة العنصرية في بيان صادر عنها على أن الإسلام يشكل خطرا على مستقبل بريطانيا، نظرا لما تعتبره النمو السريع لـ "الإسلام المتشدد" الذي يقوم حسب زعمها بقمع النساء وحرية التعبير وينتج عنه اعتداءات عنصرية في بريطانيا.

وقامت الحركة بالتظاهر أمام مقر لجماعة الإخوان المسلمين في العاصمة لندن واتهامهم في هتافات ووفق لافتات بالعنف والتطرف. وبعد انتهاء الوقفة كتبت سهير يونس، المستشارة الإعلامية بالسفارة المصرية، عبر حسابها على تويتر: "مظاهرة: "بريطانيا أولاً" تنظم مظاهرة ناجحة أمام مقر الإخوان المسلمين الإرهابية في لندن".

واستغلت الحركة البريطانية التغريدة والصور المنشورة من قبل المستشارة الإعلامية ووصفتها بالدعم الرسمي من السفارة المصرية.