برهم صالح... رئيس يواجه الضغوط بإشهار ورقة الاستقالة

26 ديسمبر 2019
يصف مقربون صالح بمتقلب المزاج (Getty)
+ الخط -

فاجأ الرئيس العراقي برهم صالح خصومه ومؤيديه على حد سواء، بالإعلان عن استعداده لتقديم استقالته بسبب الضغوط التي يتعرض لها من قوى متنفذة مقربة من إيران، تحاول فرض مرشحها أسعد العيداني، الذي رفضته ساحات الاحتجاج قبل أن يعتذر رئيس الجمهورية عن تكليفه.

ويشغل العيداني الآن منصب محافظ البصرة وهو المرشح الثالث الذي يقدمه تحالف "البناء" المدعوم من إيران، ويرفض رئيس الجمهورية تكليفه، بعد الوزير السابق محمد شياع السوداني، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي بحكومة تصريف الأعمال قصي السهيل، الأمر الذي تسبب بحدوث خلافات عميقة بين الرئيس صالح من جهة، والجبهة السياسية الحليفة لإيران من جانب آخر، بعد محاولات متكررة للأخيرة لفرض مرشح تابع لها لرئاسة الوزراء.

وتبنى الرئيس العراقي موقفاً مرناً مع الاحتجاجات منذ انطلاقها مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وظهر في خطاب متلفز تعهد فيه بالاستجابة لمطالب المتظاهرين، إلا أنه اختفى بعد ذلك عن وسائل الإعلام بعد انتهاج حكومة عادل عبد المهدي أسلوب العنف ضد المتظاهرين.

وفي محاولة للتخفيف من غضب المتظاهرين طرح صالح الشهر الماضي مشروع قانون للانتخابات يقسم البلاد إلى دوائر انتخابية على أساس الأقضية تم رفضه من قبل مجلس الوزراء، إلا أن البرلمان عاد لاعتمادها في صيغة قانون الانتخابات التي صوّت عليها الثلاثاء الماضي.

وبعد استقالة عادل عبد المهدي مطلع الشهر الحالي وتحول حكومته إلى تصريف الأعمال كان على رئيس الجمهورية أن يكلف بديلا عنه في غضون 15 يوماً، إلا أنه لم يتمكن من ذلك على الرغم من تمديده المهلة ليومين، الأمر الذي اعتبره مراقبون خرقا دستوريا، إذ وجد صالح نفسه بين خيارين أحلاهما مر، إما تكليف مرشح تحالف "البناء" وخسارة الجماهير الغاضبة، أو الانحياز للشارع وخسارة حلفائه في الكتل السياسية التي جاءت به للمنصب.

وفي محاولة للخروج من هذا المأزق، أرسل خطابين، أحدهما إلى المحكمة الاتحادية للاستفهام عن الكتلة البرلمانية الكبرى، والآخر إلى البرلمان لمعرفة اسم هذه الكتلة، وجاءه الرد من رئيس البرلمان محمد الحلبوسي الاثنين الماضي، بأن تحالف "البناء" هو الكتلة الكبرى التي يتوجب على رئيس الجمهورية تكليف مرشحها لرئاسة الحكومة المؤقتة، التي ستتولى السلطة حتى إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة التي لم يتم تحديد موعدها بعد.

ويعدُّ برهم صالح (من مواليد السليمانية 1960 -59 عاماً)، من أبرز الشخصيات السياسية الكردية، ضمن معسكر السليمانية، وشغل مناصب عدة داخل "الاتحاد الوطني الكردستاني"، أبرزها كان مساعداً لزعيمه السابق جلال الطالباني، كما تولى مناصب عدة في الحكومة العراقية بعد الاحتلال الأميركي.

ويحمل صالح شهادة البكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة كارديف الإنكليزية، وشهادة الدكتوراه في الإحصاء والتطبيقات الهندسية في الكمبيوتر من جامعة ليفربول. عمل مستشاراً هندسياً في المملكة المتحدة. متزوج ولديه طفلان.

انضم صالح إلى صفوف "الاتحاد الوطني الكردستاني" في نهاية السبعينيات من القرن الماضي، حيث تدرّج إلى أن أصبح عضواً في تنظيمات أوروبا للحزب، ثم مسؤولاً في مكتب العلاقات الخارجية في "الاتحاد" في لندن.

ترأس صالح حكومة إقليم كردستان بين عامي 2001 و2004، وعمل وزيراً للتخطيط في الحكومة العراقية الانتقالية عام 2005، ثم نائباً لرئيس الوزراء خلال حكومة نوري المالكي الأولى.


أسّس صالح الجامعة الأميركية في السليمانية، وشغل منصب رئيس مجلس أمناء الجامعة، وله نشاطات ثقافية إلى جانب نشاطه السياسي، وله بصمات واضحة في إقناع جامعات أوروبية بتقديم منح للطلاب الأكراد للدراسة فيها.

رشّح نفسه لمنصب رئاسة الجمهورية عام 2014، إلى جانب الرئيس الحالي فؤاد معصوم، لكنه لم يحصل على تأييد القوى الكردية في الإقليم.

انشق عن حزب "الاتحاد" عام 2016، بعد خلافات حادة نشبت مع جناح كوسرت رسول، عقب مرض جلال الطالباني وسفره الطويل إلى ألمانيا، وأسس حزب "تحالف من أجل الديمقراطية" الذي فاز أخيراً بمقعدين داخل البرلمان العراقي.

يصفه مقربون بمتقلب المزاج ويغير مواقفه التي يتبناها بسرعة، وهو ما تأكد بعد عودته إلى حزب "الاتحاد" الذي ترشح عبره لرئاسة الجمهورية، ما جعل أعضاء حزبه (تحالف من أجل الديمقراطية)، وهم في الغالب المنشقون معه من "الاتحاد"، يحتارون فيما إذا كان عليهم أن يعودوا هم أيضاً إلى "الاتحاد" أو يبقوا في حزبهم الجديد.