برشلونة لن يكون الأول في رحلة "الانفصال الكروي"

10 أكتوبر 2014
رغبة كبيرة في انفصال كتالونيا عن إسبانيا (فرانس برس/Getty)
+ الخط -
فتحت تصريحات خافيير تيباس، رئيس لجنة الدوري الإسباني لكرة القدم، حول عدم بقاء برشلونة وإسبانيول في "الليجا" حال استقلال كتالونيا، أبواب التساؤلات حول مصير الفريقين، وإن كان سيوافق الدوري والاتحاد الفرنسيين على انضمامهما أو انضمام أحدهما إلى صفوفه في المستقبل، وهو الأمر الذي يتعلّق بأمور سياسية واقتصادية أكثر منها رياضية.

وبالرغم من التصريحات التي أكدت أخيراً أن أمر غياب برشلونة عن الدوري الإسباني لن يكون سهلاً، كما هو متوقع، فإن احتمال خروجه وانضمامه للدوري الفرنسي واردة للغاية، وكانت لها سوابق على مر تاريخ كرة القدم، حيث تحكّمت السياسة في كثير من الأحيان بالرياضة وبمصير الأندية.

وحتى الآن، وحسب القواعد والقوانين التي تسيّر اللعبة في إسبانيا، سيكون البرسا وجاره إسبانيول، إلى جانب فرق الدرجات الدنيا في بدالونا وتاراجونا، بين مقاطعات أخرى داخل أقليم كتالونيا، مجبرين على عدم مواصلة المسيرة في الليجا، وسيكون الحل الوحيد لبقائهما، بعد الاستقلال، هو استصدار تعديل للقانون.

استثناء أندورا
وتنص القوانين الإسبانية على أن الدولة الوحيدة التي لا تستطيع اللعب في الدوري المحلي للبلاد، وهي أندورا، بعد الحصول على إذن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، لكن الأمر مع برشلونة وإسبانيول سيكون مختلفاً بسبب الأمور السياسية التي ستعقّد الأمر بسبب رفض الحكومة الإسبانية لاستقلال كتالونيا، لذا قد يكون الدوري الفرنسي هو الحل في حالة موافقة الاتحادين الفرنسي والدولي.

ولعبت فرق أندورا في الدوري الإسباني قبل أن يتم إنشاء الدوري الأندوري في تسعينيات القرن الماضي، وقبل ذلك كان الفريق، الذي يحمل اسم البلد نفسه، قد شارك في الدوري الإسباني، ووصل إلى الدرجة الثانية وقرر مواصلة الرحلة دون الانضمام للدوري المحلي، ولكنه عانى من انخفاض في المستوى هبط به إلى الدرجات الدنيا في البطولة، ولكن لعبة كرة الصالات قد شهدت وصول فرق أندورية إلى أعلى درجات البطولة الإسبانية.

فريق كتالوني في فرنسا..
وقد يكون هذا، أي الانضمام إلى الدوري الفرنسي، هو الأقرب للواقع، وبخاصة أن الاتحاد الدولي قد سمح لفريق كتالوني باللعب في الدوري الفرنسي عام 1920. ففي بدايات القرن العشرين، كانت مقاطعة بوسوت شبه معزولة عن إسبانيا بسبب وجودها على أطراف البلاد على الحدود مع فرنسا، وعدم وجود طرق ممهّدة أو وسائل مواصلات تساعد على تداول البضائع أو التجارة أو الوصول لمعظم مناطق إسبانيا بسهولة قبل بناء نفق فييليا.

وكان الحل أمام المقاطعة هو توجيه أنظارها إلى فرنسا لتمدّ معها أواصر التجارة والأعمال وتتحوّل إلى مقاطعة فرنسية على أرض إسبانيا، ويتقدم مسؤولوها بطلب انضمام للدوري الفرنسي، وهو ما وافق عليه الاتحادان الفرنسي والدوري، ليبدأ الفريق الكتالوني رحلته في الدوري الفرنسي، ولكنه لم يتعدّ مرحلة نادي الهواة، ويلعب الآن في الدوريات الدنيا بفرنسا.

موناكو.. استثناء بالتراضي
ومن ضمن الفرق التي تلعب في الدوري الفرنسي رغم عدم تشكيلها جزءاً من البلاد، فريق إمارة موناكو، إلا أن وضع موناكو يعتبر مختلفاً كليا عن برشلونة وكتالونيا بشكل عام، إذ تجمعها علاقات رائعة بالحكومة الفرنسية، وبينهما العديد من الأمور السياسية والاقتصادية والعسكرية المشتركة، وهو ما زاد من أواصر التعاون بينهما في عالم الرياضة، وأصبح لاعبو الإمارة يمثّلون جزءاً من منتخب "الديوك"، ويلعب فريقها أيضاً في الدوري الفرنسي دون أي مشاكل، مع العلم أن موناكو لا تمثّل جزءاً من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، كما يريد أن يفعل إقليم كتالونيا.

ليختنشتاين (ليشينشتاين).. والدوري السويسري!
وفي حالة أخرى مغايرة، تأتي ليختنشتاين، الدولة الأوروبية العضو في الاتحاد الأوروبي للعبة، ولكن مع ذلك ليس لها دوري خاص بها، وتقيم فقط بطولة الكأس، وهو ما دفع اتحاد اللعبة للبحث عن حل لهذه الأزمة، ليتوصل إلى اتفاق بمشاركة فرقه في درجات الدوريات المختلفة في سويسرا بموافقة الاتحاد الدولي.

ومن أشهر فرق ليختنشتاين في الدوري السويسري هي ترسيين وتريسينبرج وفيدوز، وكان الأخير هو الفريق الأول من البلاد الذي يصعد لدوري الدرجة الأولى السويسري، وكان ذلك عام 2008، ولكن هذه الفرق تشارك تحت شروط مجحفة وصارمة، حيث لا يستطيع أي منها أن يتوّج بلقب الدوري السويسري حتى ولو أنهى الموسم في المركز الأول.

ويلز وإنجلترا
أما في الدوري الإنجليزي، فتبرز أربعة فرق من ويلز وتخوض غمار البطولة الأبرز في أوروبا بعد الدوري الإسباني، وعلى رأسها سوانزي سيتي وكارديف سيتي في الدوري الممتاز هذا الموسم، وبالرغم من وجود اتحاد ودوري ومنتخب لويلز، إلا أنهما فضّلا المشاركة في الدوري الإنجليزي. وكان كارديف هو الفريق الوحيد من خارج البلاد الذي حصد كأس الاتحاد الإنجليزي.

وعلى صعيد آخر، يشارك فريقا ريكسهام ونيوبورت كونتري في الدرجات الدنيا من الدوريات الإنجليزية ولم ينجحا في الصعود إلى دوري الدرجة الأولى أو الممتاز حتى الآن.

وفي النهاية، إذا خرج برشلونة من الدوري الإسباني، فلن يكون هذا الخروج هو الأول، ولكن ذلك سيمثل ضربة قاسية للطرفين على الصعيد الاقتصادي والإعلامي، ولن يكون هناك "كلاسيكو" مع ريال مدريد، وستغيب الإثارة عن صفحات وسائل الإعلام الإسبانية، وستنحدر أهمية البطولة الأبرز في العالم في الوقت الحالي، وهو ما سيدفع الجميع إلى التفكير أكثر من مرة قبل اتخاذ خطوة "الانفصال الكروي" والسياسي.
المساهمون