علقت لوحة عند مدخل منجم كيلينغلي كتب عليها بفخر: "أفْضلُ عمال المناجم البريطانيين يعملون هنا"، إلا أنهم، أيضاً، آخر العاملين في هذا القطاع، الذي طبع بعمق التاريخ الاقتصادي والاجتماعي في بريطانيا.
وكانت هذه الأيام الأخيرة على عمق 800 مترٍ تحت سطح الأرض بالنسبة لعمال المناجم. فمنجم كيلينغلي في شمال إنجلترا، وهو منجم الفحم الأخير في البلد، توقف عن العمل بعد نصف قرن من الاستثمار.
غير أن عمال المنجم الـ450 في كيلينغلي، لن يفقدوا وظائفهم فحسب، بل سيتغير نمط حياتهم بالكامل.
وقال طوني كارتر، الذي يعمل في المنجم منذ 35 سنة: كان والدي عاملاً في المنجم، كما غالبية السكان. هذا العمل هو بمثابة إرثنا. إنه أمر مؤسف، وأنا منزعج كثيراً".
وتعتبر نقابة العاملين في المناجم، أن الحكومة تخلت عن العمال بتوجهها إلى مصادر جديدة للطاقة ومضاعفتها الضريبة على الفحم المحلي، في وقت تواجه فيه هذه الصناعة أصلاً من صعوبات كبيرة في ظل تراجع أسعار الفحم في الأسواق العالمية.
ورأى كيث بولسون، الأمين العام للاتحاد الوطني لعمال المناجم - فرع كيلينغلي، أن "من غير المنطقي التخلي عن صناعة مربحة ويد عاملة بارعة في استخراج الفحم، وإغلاق المنجم هكذا بكل بساطة... إنها فضيحة فعلية".
وكانت الحكومة البريطانية قد أعربت، قبيل مؤتمر المناخ الذي استضافته العاصمة الفرنسية باريس، أخيراً، عن نيّتها إغلاق المحطات العاملة على الفحم الأكثر تلويثاً بحلول عام 2025.
وبهدف الحد من إنتاجها الغازات، المسبِّبة لمفعول الدفيئة، لجأت المملكة المتحدة إلى الطاقة النووية، غير أن إغلاق منجم كيلينغلي لا يؤثر على عماله فحسب، وإنما يهدد الاقتصاد المحلي عموماً.
وفي هذا السياق، قال كيفن باتلر، والد عامل في منجم كيلينغلي: "إنها مدينة قديمة، مدينة عمال مناجم. وعمال المناجم يريدون العمل، لا يريدون معونات مخصصة للعاطلين عن العمل. ما يحصل هو جريمة في حق مدينتنا".
وبعد مرور ثلاثين عاماً على الاحتجاجات العنيفة لعمال المناجم في وجه حكومة مارغريت تاتشر، أتت حكومة ديفيد كامرون لتضع حداً لهذه الصناعة التي كانت توظف منذ قرن من الزمن أكثر من مليون شخص.