باسم الإرهاب ضاعت مدن العراق

10 سبتمبر 2015
تنزح العائلات العراقية إلى المخيمات خوفاً من داعش(فرانس برس)
+ الخط -
اندلعت المظاهرات من البصرة قبل تفجّرها في بغداد بأسبوعين، تظاهرات البصرة، اشتعلت حريقاً تصاعد حتى بغداد.

وكان مما أشعل هذا الحريق استمرار انقطاع التيار الكهربائي في محافظات العراق التي وصلت فيها درجات الحرارة حتى أواسط الخمسين، فكانت الكهرباء البداية، لتشمل بعدها كافة الخدمات.

وبينما عمّت التظاهرات بغداد ومعظم محافظات الوسط والجنوب العراقي، كانت محافظات عراقية أخرى ترزح في عالم النسيان، النزوح، والضياع.. إذ منذ أكثر من سنة ومحافظات: الأنبار، نينوى، صلاح الدين، ديالى، تعيش خارج إطار الدولة العراقية بعدما اجتاحها "داعش" وسيطر عليها وفرض عليها قوانينه وقواته.

الأنبار
تخضع مدن الأنبار منذ أكثر من سنة ونصف سنة لسيطرة واحتلال داعش، تعيش مدنها حالة من الحرب مستمرة، وسكّانها ما بين نازح مشرّد، أو ماكث في المدينة تحت القصف والجوع والخوف.

وحول النازحين وأعدادهم تحدّثنا مع شاكر العيساوي رئيس المجلس المحلي لناحية العامرية التي لم تسقط حتى الآن بيد داعش.

قال: حسب الإحصائية الأخيرة يوجد في ناحية العامرية ما يقارب من 25 ألف عائلة نازحة من مدن الأنبار المختلفة، يعيش 80% منها في ظروف إنسانية صعبة بسبب نقص الغذاء والدواء، وكذلك رداءة المخيمات التي لا تقيهم حرارة الصيف، ورغم مطالباتنا الكثيرة لوزارة الهجرة والمهجرين لم نجد آذاناً صاغية.

وحول سؤالنا من أي المناطق نزحت هذه العوائل؟.. أجاب العيساوي: نزحت من المناطق التي يسيطر عليها "داعش" مثل مدن الرمادي، الكرمة، الصقلاوية، الرطبة، وبعض من مدن غرب الأنبار.

ورغم الظروف الصعبة التي يعيشونها إلا أن تخوف بغداد من كونهم عوائل تشكّل خطراً على أمنها يجعلها ترفض إدخالهم بحجة تأييدهم لداعش.

أما الناشط المدني محمد الهاشمي فيقول: ترفض بغداد فتح الطريق لأسباب طائفية بحتة، علماً أن المتصرف بفتح وإغلاق الجسر ليس الجيش العراقي وإنما مليشيات حزب الله التي تسيطر على المنطقة. فالكثير من العوائل ما تزال عالقة بسبب إغلاق الجسر، وهناك حوالي 200 عائلة كعدد ثابت وحالة انتظارها دائمة.

نينوى
محافظة نينوى في الشمال الغربي للعراق، اجتاحها "داعش" في يونيو/ حزيران 2014 وأحكم سيطرته عليها بعد انهيار قطاعات الجيش العراقي المتمركزة في المحافظة، تعيش الموصل، مركز المحافظة وضعاً سيئاً للغاية، دون أن يكون باستطاعة وسائل الإعلام تغطيته بسبب منع "داعش" لذلك.

أحمد الملاح الناشط الموصلي تحدث حول محافظة نينوى وما آل إليه حالها وحال سكّانها قائلا: خرجت نينوى بالكامل من سيطرة الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان بعد الاندفاع الذي سبق تشكّل التحالف الدولي، حيث وصل "داعش" إلى داخل حدود محافظة أربيل في إقليم كردستان، إن عددا من مناطق سهل نينوى وسنجار وربيعة هو بيد إقليم كردستان حاليا، وقد أعلن البارزاني أن سنجار سيتم ضمّها للإقليم، وهذه المناطق هي مناطق للمسيحيين والإيزيديين بالدرجة الأولى بالإضافة لبعض القرى العربية التي تقطنها قبيلة شمّر.

وحول عدد النازحين يذكر الملاح: بلغ عدد نازحي نينوى حوالي مليون ومئة وثمانين ألف نازح يتركّزون حسب الكثافة في دهوك وأربيل وكركوك، وكذلك السليمانية وبابل وبغداد بالإضافة إلى نزوح نسبة كبيرة إلى تركيا.

ديالى
لمحافظة ديالى الواقعة شرقي العراق على الحدود الإيرانية وضع خاص، فهي تعيش مأساة خاصة تختلف عن المحافظات الأخرى، فهي من ناحية مستهدفة بشكل دائم من قبل المليشيات على اختلاف مسمياتها، ومن ناحية أخرى، يسيطر "داعش" على بعض مدنها، ما جعل معظم سكّانها نازحين في مناطق عراقية مختلفة.

الناشط المدني ماجد الجبوري تحدّث حول مأساة ديالى ومدنها قائلا: إن المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة داعش تتمثل بشمال المقدادية حيث أطراف قرى سنسل، وهي منطقة مكتظة بالبساتين ويمر من خلالها نهر ديالى، كذلك منطقة أطراف المخيسة، منطقة جبال حمرين، بعض مناطق بهرز التابعة لمركز المحافظة بعقوبة. بينما يتعرض مركز قضاء المقدادية لبطش المليشيات بشكل دائم، كذلك قرى سنسل ومناطق نهر الإمام ومنطقة المخيسة.

وحول وضع النازحين يذكر الجبوري: إن النازحين يعيشون حالة مأساوية من شدة الحرارة وفقدان المواد الضرورية كالماء والدواء والكهرباء، حيث تمنح بعض المنظمات الإغاثية العوائل وجبات غذائية أو مبردات هواء أو خزان ماء دون أن توفر لهم السبيل لإمكانية استعمالها، فلا مكان للاحتفاظ بالطعام، ولا كهرباء ليتم وضع مبردات الهواء، حيث تفتقد المخيمات أبسط مقومات الحياة.

ويقول الجبوري: حدثت عدة وفيات في المخيمات حيث توفي 9 رجال من كبار السن بسبب الأتربة في مناطقهم التي أدت إلى اختناقهم وموتهم، وتوفي 3 أطفال بسبب حريق نشب في خيمة، وكان النفط الذي يتم توزيعه ممزوجا بمادة البنزين أو الكاز يؤدي إلى اندلاع حرائق تقتل عوائل بأكملها.

صلاح الدين
محافظة صلاح الدين وسط العراق، سقطت هي الأخرى بيد "داعش" وانسحب الجيش العراقي منها تاركاً السكان بين خياري الموت أو النزوح، ورغم أن الجيش العراقي قام مع قوات الحشد الشعبي بعملية لتحرير مدينة تكريت إلا أن حال المدينة والمحافظة لم يتغيّر، ولم يستطع سكان المدينة العودة إلى مدينتهم إما لخراب بيوتهم وأراضيهم أو خوفاً من انتقام المليشيات.

عامر السامرائي الناشط المدني من صلاح الدين حدّثنا عن حال المحافظة قائلا: هناك مناطق في المحافظة لا تقع تحت سيطرة داعش مثل سامراء وبلد والدجيل، بالإضافة إلى المناطق التي اقتحمتها قوات الجيش والحشد الشعبي وهي العلم، تكريت، الدور، وبعض القرى، لكن ورغم أن تكريت تم تحريرها فإن الحال لم يتغير، فرغم عودة مئات العوائل إلا أن الأمن لم يستتب بعد، بالإضافة لحدوث انتهاكات من قبل قوات الحشد الشعبي.

أما عن أوضاع النازحين فيقول: المشكلة أن النازحين في سامراء معظمهم فلاحون أو يعملون في الزراعة وقد توقفت أعمالهم بسبب نزوحهم عن أراضيهم، ويعانون ظروفاً حياتية صعبة، كما أن الإيجارات المرتفعة تشكل عبئاً إضافيا عليهم.

(العراق)
المساهمون