بائع "الفالصو" يرسم الابتسامة على وجوه المصريين

19 سبتمبر 2015
محل للذهب الصيني في الإسكندرية بمصر (العربي الجديد)
+ الخط -

داخل محل صغير لا يتعدى حجمه أمتاراً قليلة بغرب الإسكندرية، يقف عمر نشأت منهمكا في عمله أمام واجهة زجاجية يحاول ترتيب بضاعته من المشغولات الحديدية أو "الفالصو" (الذهب المزيف) كما يحلو لبعض المصريين أن يسموها، استعدادا لاستقبال زبائنه الراغبين في ارتداء الحلي والمجوهرات، وغيرها من أشكال المعادن النفيس باهظة الثمن بأقل التكاليف.

ساعات طويلة قضاها محمد في تزيين محله بمنطقة الورديان في الإسكندرية (شمال مصر) ليبدو جاذبا لزبائنه خلال عيد الأضحى، الذي شارف على الاقتراب، باعتباره من أهم المناسبات التي يأمل خلالها رواج بضاعته، بعد فترة كساد طويلة ضاقت خلالها الأرزاق على غالبية المواطنين.

عمر، ليس هو الوحيد في المنطقة الذي تختص في تجارة "الفالصو" أو ما بات يُطلق عليه حديثا "الذهب الصيني"، التي انتعشت في الفترة الأخيرة في مختلف المناطق والأحياء المصرية؛ لرخص ثمنه وارتفاع ذوقه، وأصبح يلقى ترحيبا واسعا بين النساء والفتيات في بلدٍ يعيش غالبية سكانه تحت خط الفقر.

وأضاف في حديثه لـ "العربي الجديد" أن عيد الأضحى من المناسبات المهمة التي تشهد إقامة الحفلات وتزاور العائلات، لذلك يحرص قبلها على أن يكون مستعدًا لاستقباله بشكل مختلف، وذلك لأن الكثير من الزبائن يحرصون على شراء منتجات كثيرة من بضاعته التي يحصل عليها من تجار متخصصين في تصنيعها.

وأشار إلى أن تجارة الذهب الصيني في بداياتها قبل سنوات لم تكن تلقى بالًا عند جمهور المستهلكين، ويطلقون عليه اسم "الفالصو"، إلا أنه في السنوات الحالية أصبحت محلات الذهب الصيني تلقى رواجًا وإقبالًا من الكبار والصغار على حد سواء، وتخصص بعضها في تقليد جميع أشكال المشغولات الذهبية بتقنية عالية الجودة، تشبه الأصلي وبأسعار زهيدة.

اقرأ أيضاً: مصر..سرقة 50 كيلوغراماً من الذهب من مصلحة صك العملة

وأكد أن جمهوره أو زبائنه ليسوا غير القادرين فقط، وإنما شرائح كثيرة يجذبها بريق الذهب سواء كان صينيا أو أصليا، وأصبح حلا لمشكلة غلاء الشبكة لبعض العرائس وتوفير ثمنها في تجهيز منازلهم، فضلا عن أن هناك أعدادا كبيرة من المستهلكين يقومون في الفترة الحالية ببيع ما يمتلكونه من مشغولات ذهبية، للاستفادة من ارتفاع أسعارها، واستبدالها بالمشغولات الصينية التي قد تكون قريبة الشبه منها، أو غيرها من الأشكال التي يتم تصنيعها أو تقليدها بتقنية عالية.

وأوضح أن صغار السن هم من كانوا يقبلون على شرائه، إلا أنه ومع مرور الوقت، واستمرار ارتفاع أسعار الذهب وانخفاض مستوى دخل المواطنين أصبحت الأمهات والموظفات الأكثر إقبالًا عليه، مؤكدًا أن ذلك أصبح ظاهرة في كل المناطق على اختلاف مستويات سكانها المادية والاجتماعية والثقافية.

أما سهيلة عبد الرحمن الموظفة وإحدى زبائن محل "عمر نشأت للمشغولات الصينية"، فترى أن الذهب الصيني يليق بأحوال المصريين التي أصبحت كلها تميل إلى الزيف والابتعاد عن الأصل واللجوء إلى التقليد، قائلة: "الذهب سعره مرتفع، ولا يستطيع رب الأسرة شراء مصوغات لزوجته أو بناته بسهولة، بل يتطلب الأمر تحمل ديون طائلة لا يمكن سدادها إلا ببيع الذهب مرة أخرى، الأمر الذي زاد إقبال الأهالي على شراء هذا النوع من المصوغات غير الحقيقية".

وتعتبر، أن تغير معالم الذهب الصيني وألوانه أهم مشكلة تواجهها بعد الشراء، وتتغلب عليها بتغييره كل فترة بسهولة؛ لأن ثمنه رخيص وغير مرهق لميزانية الأسرة، عكس الذهب الحقيقي الذي تزداد أسعاره ويصعب تعويضه.

وعن اقتراب شكله من الذهب الحقيقي، قال الحاج أحمد جاب الله، أحد العاملين في محل بيع ذهب صيني في منطقة محرم بك: "عند تصنيع المشغولات يراعَى من جانبنا كصانعين من أهل المهنة أن نستخدم أحدث الأشكال والتصميمات التي تعتبر مصدر الجاذبية، حتى يبدو منتجنا النهائي شديد الشبه بالمصوغات والمجوهرات الحقيقية".

وأشار إلى أن "الذهب الصيني" لا يباع بالغرام كما هو حال الذهب الحقيقي والمجوهرات، وإنما بالقطعة أو بالطقم، ويتم تحديد ثمنه بحسب الشكل والتصميم، "لأنه عبارة عن إكسسوار مصنوع من معدن يحمل ألوان الذهب نفسها، ويتميز بدقة كبيرة في صنعه وبجودة عالية، إلى حد يجعل من المستحيل على الكثير من الناس التفرقة بينه وبين الذهب الحقيقي".

وأضاف "جاب الله": "أما عن اللون فنستطيع أن نقارب بين الذهب الحقيقي والصيني قدر الإمكان عند تصنيعه وقبل بيعه، أما بعد استخدامه وتعريضه للمياه والهواء، فإن لونه يميل إلى التغيير فينطفئ بريقه، وذلك لأنه مهما كانت جودته أو حرفية صانعه فإنه ليس ذهبًا حقيقيًا".


اقرأ أيضاً: شركة كندية تتجه للتنقيب عن الذهب في شرق مصر

دلالات
المساهمون