قبل وقت الغروب بقليل، تحمل الأربعينية لال بنت سالم إناءً كبيراً فوق رأسها يسمى "التبصيل"، وقد ملأته بـ "الكسكس" الذي يعد من أهم الوجبات الغذائية لدى الموريتانيين وأكثرها رواجاً. تشير إلى إحدى سيارات التاكسي وتتّفق مع السائق على السعر والوجهة.
لال بنت سالم واحدة من بين مئات النساء اللواتي يعملن في مهنة بيع "الكسكس"، ويسهرن الليل من أجل إعالة أطفالهن على الرغم من مشقة المهنة. منذ سنوات تعاني بسبب الفقر بعدما أصيب زوجها بمرض عضال قبل أن توافيه المنية. هكذا وجدت نفسها مجبرة على أخذ زمام المبادرة والعمل على توفير لقمة العيش لأبنائها الخمسة.
من جهتها، توضح فاطمة بنت عليون أنّ تعب مهنة بيع "الكسكس" يبدأ من مرحلة الإعداد التي تتطلب وقتاً طويلاً. بعد صلاة الظهيرة، تشتري كمية من دقيق القمح والفحم من الدكان المجاور لـ"العريش" الذي تسكنه، وتبدأ في إعداد الكسكس. وتقول لـ"العربي الجديد"، إنها تضع دقيق القمح في إناء كبير يسمى "التبصيل"، وتضيف عليه كمية من الماء. عملية تجهيزه تسمى محلياً بـ"لبريم"، أي فتله وإضافة القليل من مادة "فارين" على دقيق القمح حتى يصير جاهزاً.
وتستمر عملية الفتل لنحو ساعة لمزج دقيق القمح مع الفارين، وإضافة كميات من المياه بحسب الحاجة.
وبعد انتهاء عملية "لبريم"، تبدأ مرحلة الطبخ، ويوضع "المرجن" على النار وفوقه إناء مثبت جيداً يسمى "أركاب". يُترك الكسكس داخله لينضج على بخار المياه المتسرب عبر ثقوب "أركاب"، وتتكرر عملية طبخ الكسكس ثلاث مرات. وبعد المرة الثانية، يمزج بمادة تسمى محلياً بـ"تقيه"، وبعدها يكون جاهزاً.
اقــرأ أيضاً
وتحمل اعويشه بنت الفاضل فوق رأسها إناء "التبصيل" المليء بالكسكس، وتتجه إلى أحد التقاطعات في مقاطعة توجنين في العاصمة نواكشوط، لتجلس في العراء بعيد صلاة المغرب بدقائق قليلة. وتأمل ببيع الكسكس الذي تحمله قبل منتصف الليل لتعود إلى أبنائها الذين تركتهم داخل "عريش" متهالك في حي الترحيل الأكثر فقراً في العاصمة. وتقول بنت الفاضل لـ"العربي الجديد"، إنها لا ترغب في التصوير، لكنها في الوقت ذاته لا تشعر بأي حرج بسبب عملها، هي التي تعيل أبناءها. ترى أن "شرف المهنة أسمى من كلام الناس"، وإن كانت نظرة الكثيرين لنساء المهنة "دونية"، على الرغم مما يقمن به من أعمال شاقة لتوفير لقمة العيش لأبنائهن بعيداً عن التسول.
وتدرك بنت الفاضل ما يعنيه الجلوس لأكثر من أربع ساعات على قارعة الطريق، وهي تراقب المارة على الأرصفة أو المتجهين إلى أماكن جلوسها كل مساء، علّ أحدهم يرغب في شراء الكسكس الذي يعد من أهم الوجبات لدى الموريتانيين. وتتحدث بنت الفاضل لـ"العربي الجديد"، وهي تجهز كمية من الكسكس لأحد زبنائها، عما عاشته من فقر وعوز بعدما تركها زوجها مع أبنائها الخمسة، وقرر الزواج بأخرى والاستقرار في مدينة أزويرات المنجمية في شمال البلاد.
وترى أنها كسبت المعركة ضد الفقر والبطالة، بعدما بدأت العمل في بيع الكسكس منذ ثلاث سنوات، وتأقلمت مع التعب الناتج عن عملها هذا، إذ ينصب تفكيرها على مواصلة العمل وتأمين لقمة العيش لأبنائها بأي ثمن.
وتقول لال بنت سالم لـ"العربي الجديد"، إنها اختارت مهنة بيع "الكسكس" لأنها توفر لقمة العيش لأبنائها بكرامة، لتخفف من معاناتهم في ظلّ الفقر. وتؤكد أن عملها يساعدها على إرسال أبنائها إلى المدرسة وتأمين احتياجاتهم على الرغم مما تعانيه من مشقة. تضيف: "رأس مالي هو المزيد من العزة والثقة في النفس والكرامة والرضى لتوفير لقمة العيش من دون اللجوء إلى التسول والوقوف على أبواب المنازل طلباً للمساعدة".
اقــرأ أيضاً
وتبدأ بائعات الكسكس في العاصمة نواكشوط بالتوافد والجلوس عند بوابات المحال التجارية وعلى الأرصفة قبل غروب الشمس لأخذ أماكنهن المعتادة، في انتظار الزبائن الذين يخرجون إلى السوق بعد صلاة المغرب وحتى منتصف الليل.
ولا يخلو أي شارع أو تقاطع أو بوابة محل تجاري كبير في العاصمة نواكشوط، من بائعات الكسكس. هؤلاء النساء اخترن بيع الكسكس وسيلة للعيش بكرامة بدلاً من التسوّل. همهنّ الوحيد تأمين احتياجات أطفالهن من طعام وشراب، إضافة إلى التعليم. وقد برهنّ أنهنّ قادرات على مواجهة الصعوبات وتحمّل أعباء الحياة من دون الحاجة إلى طلب المساعدة من أحد، أو اللجوء إلى خيارات سهلة كالتسول وطلب المال من المحسنين أو المقتدرين.
لال بنت سالم واحدة من بين مئات النساء اللواتي يعملن في مهنة بيع "الكسكس"، ويسهرن الليل من أجل إعالة أطفالهن على الرغم من مشقة المهنة. منذ سنوات تعاني بسبب الفقر بعدما أصيب زوجها بمرض عضال قبل أن توافيه المنية. هكذا وجدت نفسها مجبرة على أخذ زمام المبادرة والعمل على توفير لقمة العيش لأبنائها الخمسة.
من جهتها، توضح فاطمة بنت عليون أنّ تعب مهنة بيع "الكسكس" يبدأ من مرحلة الإعداد التي تتطلب وقتاً طويلاً. بعد صلاة الظهيرة، تشتري كمية من دقيق القمح والفحم من الدكان المجاور لـ"العريش" الذي تسكنه، وتبدأ في إعداد الكسكس. وتقول لـ"العربي الجديد"، إنها تضع دقيق القمح في إناء كبير يسمى "التبصيل"، وتضيف عليه كمية من الماء. عملية تجهيزه تسمى محلياً بـ"لبريم"، أي فتله وإضافة القليل من مادة "فارين" على دقيق القمح حتى يصير جاهزاً.
وتستمر عملية الفتل لنحو ساعة لمزج دقيق القمح مع الفارين، وإضافة كميات من المياه بحسب الحاجة.
وبعد انتهاء عملية "لبريم"، تبدأ مرحلة الطبخ، ويوضع "المرجن" على النار وفوقه إناء مثبت جيداً يسمى "أركاب". يُترك الكسكس داخله لينضج على بخار المياه المتسرب عبر ثقوب "أركاب"، وتتكرر عملية طبخ الكسكس ثلاث مرات. وبعد المرة الثانية، يمزج بمادة تسمى محلياً بـ"تقيه"، وبعدها يكون جاهزاً.
وتحمل اعويشه بنت الفاضل فوق رأسها إناء "التبصيل" المليء بالكسكس، وتتجه إلى أحد التقاطعات في مقاطعة توجنين في العاصمة نواكشوط، لتجلس في العراء بعيد صلاة المغرب بدقائق قليلة. وتأمل ببيع الكسكس الذي تحمله قبل منتصف الليل لتعود إلى أبنائها الذين تركتهم داخل "عريش" متهالك في حي الترحيل الأكثر فقراً في العاصمة. وتقول بنت الفاضل لـ"العربي الجديد"، إنها لا ترغب في التصوير، لكنها في الوقت ذاته لا تشعر بأي حرج بسبب عملها، هي التي تعيل أبناءها. ترى أن "شرف المهنة أسمى من كلام الناس"، وإن كانت نظرة الكثيرين لنساء المهنة "دونية"، على الرغم مما يقمن به من أعمال شاقة لتوفير لقمة العيش لأبنائهن بعيداً عن التسول.
وتدرك بنت الفاضل ما يعنيه الجلوس لأكثر من أربع ساعات على قارعة الطريق، وهي تراقب المارة على الأرصفة أو المتجهين إلى أماكن جلوسها كل مساء، علّ أحدهم يرغب في شراء الكسكس الذي يعد من أهم الوجبات لدى الموريتانيين. وتتحدث بنت الفاضل لـ"العربي الجديد"، وهي تجهز كمية من الكسكس لأحد زبنائها، عما عاشته من فقر وعوز بعدما تركها زوجها مع أبنائها الخمسة، وقرر الزواج بأخرى والاستقرار في مدينة أزويرات المنجمية في شمال البلاد.
وترى أنها كسبت المعركة ضد الفقر والبطالة، بعدما بدأت العمل في بيع الكسكس منذ ثلاث سنوات، وتأقلمت مع التعب الناتج عن عملها هذا، إذ ينصب تفكيرها على مواصلة العمل وتأمين لقمة العيش لأبنائها بأي ثمن.
وتقول لال بنت سالم لـ"العربي الجديد"، إنها اختارت مهنة بيع "الكسكس" لأنها توفر لقمة العيش لأبنائها بكرامة، لتخفف من معاناتهم في ظلّ الفقر. وتؤكد أن عملها يساعدها على إرسال أبنائها إلى المدرسة وتأمين احتياجاتهم على الرغم مما تعانيه من مشقة. تضيف: "رأس مالي هو المزيد من العزة والثقة في النفس والكرامة والرضى لتوفير لقمة العيش من دون اللجوء إلى التسول والوقوف على أبواب المنازل طلباً للمساعدة".
وتبدأ بائعات الكسكس في العاصمة نواكشوط بالتوافد والجلوس عند بوابات المحال التجارية وعلى الأرصفة قبل غروب الشمس لأخذ أماكنهن المعتادة، في انتظار الزبائن الذين يخرجون إلى السوق بعد صلاة المغرب وحتى منتصف الليل.
ولا يخلو أي شارع أو تقاطع أو بوابة محل تجاري كبير في العاصمة نواكشوط، من بائعات الكسكس. هؤلاء النساء اخترن بيع الكسكس وسيلة للعيش بكرامة بدلاً من التسوّل. همهنّ الوحيد تأمين احتياجات أطفالهن من طعام وشراب، إضافة إلى التعليم. وقد برهنّ أنهنّ قادرات على مواجهة الصعوبات وتحمّل أعباء الحياة من دون الحاجة إلى طلب المساعدة من أحد، أو اللجوء إلى خيارات سهلة كالتسول وطلب المال من المحسنين أو المقتدرين.