اهتمام أوروبي بغاز الجزائر بعيداً من شرق المتوسّط

11 فبراير 2020
منشآت لإنتاج الغاز جنوب الجزائر (Getty)
+ الخط -
تواجه الجزائر منافسة جديدة في السوق الأوروبية للغاز، من خلال مشاريع أقيمت مؤخرا شرق البحر المتوسط نحو القارة العجوز، وإطلاق ما أصبح يعرف بـ "منتدى غاز شرق المتوسط".

وأُعلن مطلع العام الماضي عن تأسيس "منتدى غاز شرق المتوسط"، الذي ضم كلا من مصر واليونان وإيطاليا والأردن وفلسطين وقبرص الرومية وكيان الاحتلال الإسرائيلي.

ومطلع العام الجاري وقعت اليونان وقبرص الرومية وإسرائيل اتفاقا لمد خط أنابيب تحت البحر بطول ألفي كيلومتر لنقل الغاز الطبيعي من شرق المتوسط إلى أوروبا.

وقوبل المشروع بتشكيك من طرف المتابعين، بالنظر إلى عدم ضمان تمويل للمشروع، وشكوك تحوم حول جدواه الاقتصادية.

ثاني مورد لأوروبا

وعلى الطرف الآخر، تعتبر الجزائر حاليا ثاني مورد للغاز إلى أوروبا بعد روسيا، بكميات بلغت العام الماضي أكثر من 36 مليار متر مكعب حسب أرقام رسمية لشركة "سوناطراك".

وصدّرت الجزائر أكثر من 20 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي؛ بينما بلغت صادرات الجزائر نحو أوروبا 16 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال "LNG" في 2019.

وأنتجت الجزائر نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز خلال 2019، وفق بيانات "سوناطراك"، صدرت منها ما يفوق 51 مليار متر مكعب نحو الخارج.

وترتبط الجزائر بأوروبا عبر ثلاثة أنابيب تعبر البحر المتوسط، الأول يمر عبر تونس إلى جزيرة صقلية الإيطالية، والثاني عبر الأراضي المغربية وصولا إلى إسبانيا، والثالث عبر "ألميريا" جنوب إسبانيا.

وفي 2018 و2019، وقعت الجزائر عقود تجديد صادرات الغاز لمعظم شركائها في أوروبا لفترات تراوحت بين 5 إلى 10 سنوات، على غرار تركيا وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا والبرتغال.

تجديد العقود

وجددت الجزائر عقود توريد الغاز الطبيعي المسال لتركيا، عبر شريكها "بوتاش" حتى 2024، بكميات سنوية تقدر بـ 5.4 مليارات متر مكعب.

ووقعت "سوناطراك" عقد تجديد عقود توريد الغاز لشركة "ناتيرجي" الإسبانية، اعتبارا من 2019، لمدة 10 سنوات بكميات تقدر بـ 8 مليارات متر مكعب سنويا.

وفي 2019 قامت سوناطراك بتجديد عقود توريد الغاز نحو إيطاليا لكل من شركة "إيني" لمدة 10 سنوات بكميات تصل إلى 10 مليارات متر مكعب سنويا، و"إينال" لمدة 8 سنوات بكميات تصل إلى 3 مليارات متر مكعب كل عام.

وجاء الدور على شركة "إديسون" الإيطالية التي تبدأ باستيراد الغاز الجزائري لـ 8 سنوات اعتبارا من 2020، بكمية تقدر بمليار متر مكعب كل عام.

وشمل تجديد العقود أيضا البرتغال، من خلال شركة "غالب" التي ستستورد الغاز الجزائري لمدة 8 سنوات بكميات تبلغ 3 مليارات متر مكعب سنويا.

وحذت "إنجي" الفرنسية حذو بقية شركاء سوناطراك في أوروبا، إذ جددت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 عقود استيراد الغاز المسال من الجزائر لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد، بكميات تقدر بـ 1.7 مليار متر مكعب سنويا.

كذلك تم تجديد عقد تزويد الشركة الفرنسية "إنجي" بالغاز الطبيعي عبر خطوط الأنابيب من خلال إيطاليا أو إسبانيا لمدة 3 سنوات بكميات تصل إلى 500 مليون متر مكعب سنويا.

استراتيجية جديدة للتسويق

وباشرت الجزائر بإدخال تعديلات على استراتيجيتها التسويقية للغاز في أوروبا والعالم، والابتعاد أكثر عن العقود طويلة المدى التي تقلصت من 25 و20 سنة على 10 سنوات كحد أقصى.

وفي 2018 أعلنت سوناطراك الجزائرية نيتها اعتماد سياسة تسويقية جديدة والتخلي تدريجيا عن عقود تسويق الغاز الطويلة المدى.

تمسك بالغاز الجزائري

في السياق، يرى وزير الموارد المائية الأسبق الرئيس التنفيذي السابق لشركة سوناطراك الحكومية للمحروقات ما بين 1997 و2000، عبد المجيد عطار، أن صادرات الغاز نحو أوروبا لن تتأثر على الأقل حتى 2030.

وعدد مسؤول سوناطراك الأسبق، في حديث للأناضول، عدة أسباب لعدم تأثر صادرات الغاز الجزائر نحو القارة العجوز حتى 2030.

وقال "عطار" إن السبب الأول هو قدرات الإنتاج، إذ إن الجزائر تنتج حاليا بأقصى طاقتها وتصدر بأقصى طاقتها ما بين 45 إلى 50 مليار متر مكعب سنويا.

وزاد: "إن سبب عدم تخطي مستويات الإنتاج القصوى الحالية، يعود لتراجع الاحتياطات وارتفاع الاستهلاك الداخلي من الغاز".

واستهلكت الجزائر في 2019 ما يفوق 45 مليار متر مكعب من الغاز (البيوت والقطاع الصناعي)، وهو رقم يقترب من صادرات البلاد نحو الخارج.

أما السبب الثاني حسب "عطار"، فهو أن هذا الرقم (صادرات الجزائر نحو أوروبا) ليس مهما في الواردات الأوروبية من الغاز مقارنة مع روسيا.

وشدد عطار على أن أوروبا لها كل الاهتمام في الحفاظ على وارداتها من الغاز الجزائري، لأسباب تتعلق باستقلالية التزود بالطاقة مقارنة بمصادر أخرى، سواء كان ذلك من الشرق الأوسط وخاصة روسيا (تقليل التبعية لمصدر غازي واحد).

ويعتقد أن الاحتياطات الغازية التي اكتشفت أو أعلن عنها شرق البحر المتوسط لم يجر تطويرها كلها لحد الآن، كما أنها لا تتوفر على خطوط أنابيب لنقلها نحو قلب أوروبا، حيث يتركز معظم الاستهلاك.

تحدي 2030

وخلال هذه الفترة، شدد عطار أنه على الجزائر أن تقوم بما يكفي للحفاظ على حصصها في السوق الأوربية للغاز، حتى 2030، ليس فقط من خلال الأسعار التنافسية ولكن أيضا من خلال تأمين الإمدادات.

و"اعتبارا من 2030، ستكون هناك مخاوف خطيرة وجدية بالنسبة لصادرات الغاز الجزائري نحو القارة العجوز.. وإذا تمكنت الجزائر من تجديد احتياطاتها الغازية لما بعد 2030، ستكون قادرة حينها على البدء في استغلال الغاز الصخري"، وفق المسؤول السابق.

(الأناضول)
المساهمون