ويحاول وزير الداخلية، اللواء مجدي عبد الغفار، إدخال تعديلات تشريعية على قانون الشرطة بعد توجيهات من السيسي خلال تواجدهما في مدينة شرم الشيخ، قبل أيام، عقب مقتل سائق في محيط مديرية أمن القاهرة على يد أمين شرطة. وتصاعدت الأصوات بين أمناء الشرطة حول الرغبة من الوزارة في تضخيم الأزمات مع أفراد الشرطة للتغطية على ممارسات مماثلة وأشدّ من الضباط أنفسهم.
وفي سبيل حلّ الأزمة، تلقّى السيسي توصيات من أجهزة سيادية بضرورة إقالة وزير الداخلية الحالي، خلال الفترة المقبلة، لعدم قدرته على ضبط الأداء داخل الوزارة. وتقول مصادر مطلعة، إن التوصيات رصدت تفاقم الأزمات والتجاوزات من قبل أفراد الشرطة منذ تولي عبد الغفار، والتي تزايدت بشكل كبير وملحوظ. وتضيف المصادر لـ"العربي الجديد" أن التوصيات حذرت من تأثير هذه التجاوزات على الأمن الداخلي وإحداث خلل كبير، لناحية الاحتجاجات التي يمكن أن تنشب جراء الصدام بين قيادات الوزارة وأمناء الشرطة في حال عدم القدرة على احتواء الموقف.
وتشير المصادر ذاتها إلى ضرورة الاعتماد أساساً في منصب الوزير على قيادي في الأمن العام، يفهم طبيعة التعامل في أقسام الشرطة وضبط إيقاع عمل الأمناء وأفراد الأمن. وهو أمر ثبت فشله مع لواء من الأمن الوطني، في إشارة إلى الوزير الحالي. وتلفت هذه المصادر إلى أن الأزمة لا تكمن في أمناء الشرطة، لكن في تأثيرات عمل جهاز الأمن الوطني الذي عادت سطوته مرة أخرى بشكل كبير، وتأثير ذلك في اتساع رقعة الغضب ضد النظام الحالي، على حدّ تعبير المصادر.
اقرأ أيضاً: مصر: "حكومة الظل" تخطط لتعديل وزاري لاحتواء الغضب
وسبق لـ"العربي الجديد" أن نشرت تفاصيل اجتماع قيادات جهازَي المخابرات العامة والحربية، الأسبوع الماضي، لتكشف المصادر ذاتها عن تطرق اللقاء إلى تعاملات وزارة الداخلية والأمن الوطني. وتوضح أن قيادات الجهازَين اتفقوا على ضرورة رفع توصيات للسيسي بخفض حدة الممارسات والتجاوزات من قبل الجهاز ورجال الشرطة، لناحية تأثير ذلك على إثارة الأزمات المجتمعية، لكن حال دون ذلك توجّه الرئيس المصري للمشاركة في مؤتمر الاستثمار في أفريقيا في مدينة شرم الشيخ. وتشير المصادر المطلعة نفسها إلى أن قيادات الجهازَين أكدوا على أهمية دور جهاز الأمن الوطني، لكن التجاوزات ستؤدي إلى تفاقم الغضب الشعبي، باعتبارها أحد أكثر الأسباب التي أدت إلى خفض شعبية السيسي، في ضوء التقارير التي تعدها الأجهزة السيادية.
في المقابل، تقول هذه المصادر إن هناك "اتجاهاً داخل مؤسسة الرئاسة يفضّل عدم التضحية بعبد الغفار، وضرورة مساندته، ودعمه في الوقت الحالي بدلاً من إقالته هو أمر مرجّح بشكل كبير لدى السيسي". وتضيف أن بعضاً من مستشاري السيسي يدعمون عبد الغفار لأنه يحقق طفرة أمنية في مواجهة الإرهاب، على حد قولهم، فضلاً عن عدم الرغبة في اتباع سياسة التضحية بالمسؤولين والوزراء لمعالجة الأزمات.
في غضون ذلك، أصدرت وزارة الداخلية تعليمات إلى مديريات الأمن بضرورة احتواء أي بوادر غضب من قبل أمناء وأفراد الشرطة، في إطار حالة الاضطراب بين قيادات الوزارة والأمناء. ويقول الخبير الأمني، العميد محمود قطري، إن الأزمة تكمن في ملف جهاز الشرطة لا التشريعات، التي تُقْدم الوزارة على تعديلها لوقف ممارسات أفراد الشرطة. ويوضح قطري لـ"العربي الجديد" أن عقلية وثقافة ضباط وأفراد الشرطة بحاجة إلى تعديلات جذرية تتعلق بالمناهج والدراسة قبل التخرج، ثم مرحلة التعامل مع المواطنين من الأساس.
ويؤكد الخبير الأمني أنّه لا مجال للحديث عن وقف تجاوزات الشرطة إلّا بإعادة هيكلة تامة للجهاز ككل، نظراً لأن ثقافة الاعتداء والانتهاكات باتت من أصول العمل الشرطي. ويتساءل قطري عمّا إذا كان يجب قتل وتعذيب المواطنين من قبل الأمناء حتى يتم ضبط الأداء، مشيراً إلى أنّ تجاوزات جهاز الشرطة كانت واضحة للجميع. ويلفت إلى أن السيسي يعلم تماماً ممارسات الشرطة، لكن لم يتحرك لإدخال تشريعات لعدم إثارة الجهاز ضده، وجاء التحرك بعد تظاهرات غاضبة أمام مديرية أمن القاهرة.
اقرأ أيضاً: أمناء الشرطة يهددون بالإضراب... وفضح الداخلية وراء اعتقال 7 قيادات