انضمام الجبل الأسود لـ"الأطلسي": مخاوف روسية من استمرار التوسع

14 يونيو 2017
من مراسم انضمام "الجبل الأسود" للحلف (سافو بريليفيتش/فرانس برس)
+ الخط -
أعاد انضمام جمهورية الجبل الأسود إلى "حلف شمال الأطلسي" للواجهة ملفاً خلافياً وشائكاً في العلاقات بين روسيا والغرب، والمتمثل في توسع "الحلف" شرقاً، والذي تعتبره موسكو تهديداً لمصالحها وأمنها القومي. ومن شأن هذا التطور أن ينذر بموجة جديدة من التوتر وسط تساؤلات حول مدى واقعية انضمام أوكرانيا وجورجيا إلى "الحلف" في المستقبل أيضاً.

وتعتبر مديرة مركز دراسات أزمات البلقان بمعهد الدراسات السلافية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، يلينا غوسكوفا، أن الغرب قام بكل ما بوسعه لتجنيد قيادة دول غرب البلقان ضد موسكو، مرجحةً تدهور العلاقات بين روسيا وجمهورية الجبل الأسود بعد انضمامها إلى "الناتو". وتقول في حديثها مع "العربي الجديد" إن "جمهورية الجبل الأسود انضمت إلى حلف يعتبر موسكو عدواً، وبالتالي، سيؤثر ذلك سلباً على التعاون بين روسيا والجبل الأسود في مجالات الاقتصاد والسياحة"، وفق تعبيرها.

وعلى الرغم من أن منتجعات الجبل الأسود ظلت على مدى سنوات طويلة، من الواجهات الرائدة للسياحة الخارجية الروسية (نحو ربع مليون سائح روسي في العام الماضي)، إلا أن وزارة الخارجية الروسية أوصت رعاياها بـ"التفكير مرتين" قبل السفر إلى هذا البلد في ظروف "استمرار الهيستريا المعادية لروسيا في الجبل الأسود"، وذلك في إشارة إلى الاتهامات الموجهة إلى موسكو بعرقلة انضمام البلاد إلى "الناتو" و"تدبير محاولة انقلاب" فيه.

في السياق ذاته، تقدم غوسكوفا مثلاً حول جمهورية يوغوسلافية سابقة أخرى تتسابق روسيا والغرب على النفوذ فيها، مشيرةً إلى صربيا. وتقول إن "بروكسل تربط عضوية صربيا في الاتحاد الأوروبي باعترافها باستقلال إقليم كوسوفو والانضمام إلى العقوبات الاقتصادية بحق روسيا". وحول دوافع إصرار روسيا على عدم الاعتراف باستقلال كوسوفو، تضيف الباحثة الروسية أن بلادها "تعتبر أن مثل هذه الخطوات يجب أن تكون وفقاً لمنهجية وآلية يحددهما القانون الدولي، وإلا ستسير الأقاليم مثل أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية على طريق الانفصال عن جورجيا، وترانسنيستريا عن مولدافيا، إلخ"، بحسب تعبيرها.


وكانت روسيا قد اعترفت في أغسطس/آب 2008 باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية عن جورجيا في إثر ما عرف إعلامياً بـ"حرب الأيام الخمسة" في أوسيتيا الجنوبية، وهو تطور فسّره محللون سياسيون بوصفه رداً روسياً على اعتراف الغرب باستقلال كوسوفو.

تأثير محدود
بعد أيام على انضمام الجبل الأسود إلى "الأطلسي"، صادق البرلمان الأوكراني بأغلبية 276 صوتاً على مشروع قانون يحدد عضوية أوكرانيا في "حلف الشمال الأطلسي" باعتبارها أولوية لسياستها الخارجية. وفيما رأى معدو مشروع القانون أن هذا الإجراء "سيضمن تطور العلاقات المتكافئة ومتبادلة المنفعة مع الدول الأخرى في العالم بما يصب في مصلحة أوكرانيا"، وصف الكرملين، على لسان الناطق الرسمي باسمه دميتري بيسكوف، هذه الخطوة بأنها "تهدد الأمن وتوازن القوى في القارة الأوراسية".

ومع ذلك، يرى أستاذ العلوم السياسية بمعهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، كيريل كوكتيش، أن انضمام الجبل الأسود إلى "الناتو" لن يؤثر كثيراً على العلاقات الروسية الغربية، مقللاً في الوقت نفسه من احتمال نجاح أوكرانيا وجورجيا في نيل عضوية الحلف. ويقول في حديثه مع "العربي الجديد" إن "العلاقات بين روسيا والغرب وصلت إلى مستوى متدهور جداً، وبالتالي، فإن انضمام الجبل الأسود لن يؤثر عليها كثيراً، لا سيما أن ذلك كان معروفاً منذ أشهر"، وفق تعبيره. ويضيف أن "حلف الناتو أنشئ في عام 1949 لمواجهة الاتحاد السوفييتي، وبعد تفكك الاتحاد، أصبح يحاول تبرير وجوده من خلال مواجهة روسيا". وحول العوائق أمام انضمام أوكرانيا وجورجيا إلى الحلف، يتابع أنه "باستثناء بلدان أوروبا الشرقية، لا تريد أغلبية الدول الغربية تحمل المسؤولية عن بلدين آخرين غير مستقرين، وإفساد العلاقات مع روسيا بشكل نهائي"، بحسب قوله. ويذكّر بأن جورجيا وأوكرانيا بظروفهما الحالية لا تلبيان شروط الانضمام إلى "الناتو"، وذلك في إشارة إلى معاهدة واشنطن التي تشترط على الأعضاء الجدد في الحلف تسوية كافة نزاعاتها الإثنية والحدودية.

وكان وزير الخارجية الأوكراني، بافيل كليمكين، قد وصف انضمام الجبل الأسود إلى "الناتو" بأنه "دليل على سياسة الانفتاح بالحلف"، متوقعاً أن "شراكة أوكرانيا الموسعة مع الناتو ستؤدي إلى نفس النتيجة"، وفق وصفه. ورحبت جورجيا هي الأخرى بإعلان الجبل الأسود العضو الـ29 في حلف "الناتو"، مع العلم بأن تبليسي توجهت نحو التقارب مع "الناتو" والاتحاد الأوروبي منذ "ثورة الورود" عام 2003، قبل أن يزداد هذا التوجه بقوة بعد الحرب مع روسيا في عام 2008.