انسحاب أميركا من "نافتا" يضرب شركاتها والتوظيف

21 مايو 2018
شركات السيارات الأميركية ستضطر للانسحاب من الاتفاق (Getty)
+ الخط -


وكأن المناوشات التجارية المتصاعدة مع الصديق الصيني اللدود، والانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران لم يكن كافيا، فقد استأنفت الولايات المتحدة مفاوضاتها مع المكسيك وكندا الأسبوع الماضي، من أجل إعادة صياغة اتفاقية نافتا، التي تجمع البلدان الثلاثة، في محاولة للوصول إلى تفاهمات جديدة، لتجنب انسحاب واشنطن من الاتفاقية التي تم توقيعها قبل 24 عاماً.

وتبدو احتمالات الوصول إلى اتفاق في القريب العاجل ضعيفة، وهو ما يعني تلاشي فرص إجراء تصويت في الكونغرس الأميركي على أي اتفاق جديد قبل نهاية العام.

وقالت لورا داوسون، مدير معهد كندا في مركز ويلسون بواشنطن: "لا أعتقد أنهم سيقدمون شيئاً للكونغرس الأسابيع القادمة، أو حتى الأشهر القادمة".

كما أكد الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتايزر أن "الدول الثلاث ليست قريبة من الاتفاق"، راصداً اختلافات كبيرة في قضايا تتعلق بحقوق الملكية وتنظيم العمالة.

ويوم الجمعة الماضي، قال المستشار الاقتصادي للرئيس الأميركي لاري كادلو "تم الوصول إلى اتفاق في بعض النواحي، ولم يتم في البعض الآخر، لكنها لم تمت".

وكان الخميس الماضي هو الموعد الذي طلب المتحدث باسم مجلس النواب بول رايان، الوصول إلى اتفاق قبله، لكي يتمكن الكونغرس بتكوينه الحالي من التصويت عليه، قبل انتخابات التجديد النصفي المقرر عقدها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، مشيرا في تصريحات الأسبوع الماضي إلى أن الكونغرس الجديد "سيغير تماماً من الأسلوب الذي يتم به تكوين الاتفاق".

وتركز الولايات المتحدة طلباتها في هذه الجولة على صناعة السيارات، حيث تطلب تطبيق قواعد جديدة، تسمح لها بمعاقبة صناعة السيارات في المكسيك لو لم ترفع أجر الساعة للعاملين فيها ليكون المعادل لحوالي 16 دولارا أميركيا، في محاولة للتغلب على ميزة نسبية توفرها العمالة الرخيصة للسيارات المكسيكية.

وبعد ثمانية أشهر من المباحثات، ما زالت الولايات المتحدة متمسكة بشروطها، بينما ترفض المكسيك وكندا الرضوخ، لما تسببه الشروط الأميركية من إضرار بمصالح الدولتين.

ويعتقد أغلب المحللين الاقتصاديين أن الاتفاقية كانت لها فوائد كثيرة بالنسبة للمواطن العادي في البلدان الثلاثة، إلا أنها أضرت بفئات قليلة في الصناعات التي يوجد فيها منافسة بينها.

وعلى الرغم من التأثير السلبي المتوقع للانسحاب الأميركي، أو إعادة صياغة بعض البنود بما يسمح بوضع قيود على حرية التجارة بين البلدان الثلاثة، على المكسيك، حيث أنها ستفقد آلاف الوظائف، وسيقل معدل النمو فيها على المدى المتوسط والبعيد، فإن كثيرا من الاقتصاديين يرون أن الاقتصاد والعملاء الأميركيين سيتحملون جزءاً لا بأس به من الثمن المدفوع.

وتشير تقارير حديثة إلى أن الاتفاقية ساعدت على جعل الشركات الأميركية أكثر قدرة على المنافسة في السوق العالمية، ودعمت خلق ملايين الوظائف في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى المكاسب التي حققها الملايين من المستهلكين الأميركيين. وتقوم حوالي 14 مليون فرصة عمل اليوم في الولايات المتحدة على التجارة مع كندا والمكسيك، كما أن هناك ما يقرب من 200 ألف فرصة عمل متعلقة بالتصدير يتم خلقها سنوياً بسبب وجود تلك الاتفاقية، وهذه الوظائف تدفع أجوراً تفوق أجور الوظائف التي فُقدت بحوالي 15%-20%.

وقد أظهر اتحاد سلاسل التوريد أن الاتفاقية أنقذت صناعة السيارات في الولايات المتحدة من انهيار كان قريباً، وهو ما كان سيأخذ في طريقه كل تلك الوظائف الصناعية.

المساهمون