واضطر العديد من الدول إلى تشديد الحظر وإغلاق الأسواق، بعد الزيادة الكبيرة في عدد الإصابات بالوباء خلال الفترة الأخيرة.
وأعلن السودان عن تمديد الحظر لأسبوعين بدءا من أمس، كما واصل إغلاق مطاراته أمام حركة الركاب للرحلات الدولية والداخلية حتى يوم 31 مايو/ أيار الجاري.
وفي مصر، أعلنت الحكومة أمس تشديد حظر التجول ووقف حركة النقل الجماعي للحد من انتشار فيروس كورونا خلال أسبوع العيد، ولم تكن أسواق الخليج بعيدة عن شظايا كورونا التي كبّدت التجّار خسائر باهظة في موسم كان يأملون أن تنشطه مبيعات الملابس والحلويات والعديد من السلع المرتبطة بالعيد.
السودان
أعلنت الحكومة السودانية مد فترة الحظر الشامل لأسبوعين آخرين بدءاً من أمس، عقب وصول حالات الإصابة بفيروس كورونا إلى أكثر من ألفي حالة، وسط تدهور الأوضاع الاقتصادية وشكاوى بعض التجار من تكبدهم خسائر باهظة بسبب الإغلاق الشامل.
وأعلنت لجنة الطوارئ الصحية أول من أمس، منع السفر بين الولايات، وقالت إن أكثر من 80% من حالات الإصابة بولاية الخرطوم.
وفي الأثناء، جددت سلطة الطيران المدني السوداني قرار تمديد إغلاق المطارات أمام حركة الركاب للرحلات الدولية والداخلية حتى نهاية الشهر الجاري، واستثنت السلطة بعض الرحلات من قرار الإغلاق، تمثلت في رحلات البضائع المجدولة والإضافية، والمساعدات الإنسانية والدعم الفني والإنساني، والشركات العاملة في حقول البترول، وإجلاء الرعايا الأجانب.
وقطع اقتصاديون بأن خطوة إغلاق الأسواق بقدر ما فيها من خسارة اقتصادية للتجار، إلا أنها خطوة احترازية لمجابهة تفشي جائحة كورونا وسط المواطنين.
ويقول الخبير الاقتصادي، محمد إبراهيم، لـ"العربي الجديد" إن العادات الاجتماعية والضغوط الاقتصادية للناس قد تؤثر وتجعلهم يخرجون إلى الشوارع رغم استمرار زيادة حالات الإصابة بالفيروس. ويؤكد أن العواقب على الاقتصاد ستكون قاسية، نظرا لما كان يعانيه الاقتصاد السوداني قبل الجائحة وأثناءها من أزمات.
ومن جانبه، أكد المختص في الشؤون الاقتصادية، إبراهيم الزين، أن تأثير فيروس كورونا على الاقتصاد السوداني أصبح ظاهرا، إذ تأثر بموجبه قطاع النقل والخدمات. وقال إن استمرار الحظر الشامل ضغط على الأسواق، ما سيؤدي إلى مزيد من الركود لمختلف الأنشطة.
ومع تشديد إجراءات الحظر، رصدت "العربي الجديد" عودة تجارة الأوراق النقدية مجددا بسبب توقف البنوك وخروج بعض الصرافات الآلية ATM عن الخدمة، حيث يستغل البعض تحويل المبالغ من بطاقة إلى أخرى وبيعها بنسبة عمولة تصل إلى 10 في المائة، ما عده مراقبون استغلالا للمواطن.
الخليج
تستعد دول خليجية عديدة لاستقبال عيد الفطر المبارك، بمزيد من الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي فيروس كورونا، إذ تم الإعلان عن حظر كامل طوال أيام العيد الثلاثة في بعض من تلك الدول، كان آخرها السعودية، التي أعلنت عن تلك الخطوة.
وتتميز أسواق دول الخليج في العيد بالإقبال الكبير على شراء الملابس والحلويات والإنفاق على أماكن الترفيه، إلا أنه في زمن كورونا سيتغير الوضع حيث ما زالت الأسواق شبه مغلقة.
وتتواصل في موسم العيد الحالي عمليات إغلاق المراكز التجارية والمولات والأسواق ومتاجر الألبسة والأحذية والإكسسوارات وغيرها، واعتمد سكان الخليج بشكل كبير على المتاجر الإلكترونية للحصول على هذه السلع، إلا أنها لا تعتبر بديلا مثاليا في شراء الثياب تحديدا.
وتتيح المتاجر الإلكترونية خدمة توصيل المنتج بالمجان أحياناً، أو بأسعار زهيدة وفي أوقات معينة، ما جعل الطلب عليها مرتفعاً في الآونة الأخيرة.
ويُرجح أن تزيد الطلبات على المتاجر الإلكترونية في منطقة الخليج خلال الأسبوع الجاري، لشراء المستلزمات الخاصة بالعيد، خصوصاً ما له علاقة بالأطفال، من أجل إبقاء طعم العيد موجوداً في الأجواء ولو كان من داخل البيوت ومع غياب للساحات ومدن الألعاب والرحلات.
ومع إعلان وزارة الداخلية السعودية، فرض حظر تجول كامل بمختلف أنحاء المملكة، من نهاية رمضان وحتى رابع أيام عيد الفطر، حيث منع التجول الكامل طوال اليوم في مدن ومناطق المملكة كافة بداية من 30 رمضان الجاري (23 مايو/أيار الجاري)، حتى نهاية 4 شوال (27 مايو)، يعيش سكان المملكة أجواء صعبة لم يشهدوا مثلها من قبل حيث لم يستطع أحد شراء مستلزمات العيد هذا العام بسبب الحظر الكلي الذي تفرضه الحكومة بسبب تفشي فيروس كورونا حيث يوجد بها أكبر عدد من الإصابات على مستوى دول الخليج.
الكويت هي الأخرى، والتي تعيش بالفعل حظرا كليا شاملا منذ الأحد 10 مايو/ أيار الجاري، فإنها ستشهد أيضا حظرا كليا في أيام العيد، حسب وزير الصحة الكويتي، باسل الصباح.
أما في الإمارات فحذرت المتحدثة باسم الحكومة، آمنة الضحاك، من التجمعات والزيارات العائلية المحتملة في عيد الفطر، قائلة: "أعيادنا ارتبطت بعادات التزاور والتجمعات وإقامة الولائم، لذا ننصح كافة الأسر بضرورة تجنب هذه العادات حفاظاً على سلامة الجميع". ويأتي ذلك وسط تواصل إغلاق معظم الأسواق والمتاجر.
من جانبه، يقول عبدالله الكندري، أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت لـ"العربي الجديد" إن التأثير الاقتصادي المترتب على إغلاق الأسواق والمحلات التجارية في منطقة الخليج خلال عيد الفطر بسبب تفشي كورونا سيكون بالغا، نظرا لأن هناك العديد من التجار يعتمدون على بيع بضائعهم خلال عطلة العيد أو الأيام التي قبلها.
وتوقع الكندري حدوث ركود بالغ في اقتصادات الخليج، خاصة السعودية التي يتجاوز فيها حجم التجارة السلعية التي تخصص خلال فترة عيد الفطر من ثياب وألعاب أطفال ما يزيد عن 10 مليارات دولارات.
ويضيف الكندري أن الكويت تختلف عن باقي دول الخليج في العادات والتقاليد في عمليات الشراء، حيث استطاعت أن تغير نمط الشراء المعتاد إلى عمليات شراء إلكتروني، لتصبح من أكثر الدول استهلاكاً وشراءً للسلع عبر المتاجر الإلكترونية خلال الشهرين الماضيين وهو ما يجعلها تتجنب إلى حد كبير خسائر ركود البضائع الموسمية التي تباع خلال عطلة عيد الفطر كل عام.
أما الخبير الاقتصادي، مروان سلامة، فكان له رأي آخر وهو أن "قضية إغلاق المحلات يجب ألا تطول أكثر من اللازم، حيث كان يجب اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة وفتح محدود للمحلات التجارية خلال عطلة العيد. لكنه أكد خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن قرار عودة الحياة إلى طبيعتها يخضع بالدرجة الأولى إلى وزارة الصحة.
اليمن
تجاوبت المطاعم ومختلف المحال التي تقدم الوجبات الخفيفة في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين مع قرار السلطات المحلية القاضي بإغلاقها، بدءا من الأحد الماضي، وإلزامها بطريقة البيع الخارجي مع تطبيق الإجراءات الاحترازية والتنظيم والتباعد بين الزبائن أثناء الطلب.
واتخذت اللجنة العليا لمكافحة الأوبئة الخاضعة لسيطرة الحوثيين قراراً يقضي بإغلاق المطاعم، في إطار الإجراءات الاحترازية التي تنفذها لمكافحة فيروس كورونا.
وكانت غرفة عمليات الطوارئ باللجنة الفنية لمكافحة الأوبئة بأمانة العاصمة صنعاء، في إطار توجهاتها الاحترازية لمكافحة الفيروس، قامت بإغلاق المراكز التجارية وأسواق الملابس وتجهيزات العيد لمدة 12 ساعة خلال الأيام المتبقية من شهر رمضان.
والتزمت المطاعم ومحال تقديم الوجبات الخفيفة بالقرار، إذ شوهدت أبواب العديد منها مغلقة والقيام بالبيع عبر نوافذ محددة في واجهاتها لما تقدمه من وجبات وسلع للزبائن المتجمعين أمام نوافذها.
وقال عامل في كافيتيريا "الشيباني" الشهيرة وسط مدينة حدة شمال صنعاء لـ"العربي الجديد"، إن الطريقة الجديدة طارئة عليهم ويحتاجون لبعض الوقت للتكيف معها، لكنه أكد تضرر مبيعاتهم اليومية عن المعتاد وهو ما قد يتسبب بخسائر فادحة قد تتعرض لها هذه القطاعات العاملة في تقديم المأكولات والوجبات.
من جانبه، يرى المواطن جمال علي، أهمية القرار القاضي بإغلاق المطاعم حماية للناس، لأنها وفق حديثه لـ"العربي الجديد" مكتظة بالمرتادين والازدحام لا يفارقها بسبب اعتماد كثير من المواطنين عليها في تلبية احتياجاتهم من الوجبات اليومية.
ويشكو ملاك المطاعم والمحال التجارية العاملة في بيع الملابس من تعسف سلطات الحوثيين التي ضاعفت من الجبايات المفروضة عليهم، والقيام بابتزازهم في القرارات التي يتم اتخاذها في إطار مكافحة فيروس كورونا ومساومتهم على دفع المال أو الإغلاق.
وحسب (مفيد ع) تاجر لـ"العربي الجديد"، فإنه دفع أكثر من ثلاث مرات للمندوبين الذين يأتون لإغلاق محله التجاري منذ نحو خمسة أيام فقط، وهو ما يعد تعسفا يطاولهم بشكل غير قانوني في استغلال للإجراءات التي يتم تنفيذها لمكافحة فيروس كورونا.
في السياق، أكد رئيس غرفة عمليات الطوارئ التابعة للجنة العليا للحوثيين عبد الوهاب شرف الدين، ضرورة تنفيذ التوجيهات الصادرة عن الغرفة واللجنة الفنية واتخاذ الإجراءات الرادعة بحق المخالفين وغير الملتزمين بالإجراءات الاحترازية لمكافحة كورونا.
وعلى الرغم من الأزمة الإنسانية وانتشار الفقر والجوع في اليمن جراء الحرب التي تشهدها منذ خمس سنوات، إلا أن المطاعم تشهد انتشاراً لافتاً مع ارتفاع كبير في أسعار الوجبات في ظل أوضاع معيشية صعبة تطاول غالبية السكان.
مصر
في مصر، شدّدت الحكومة من إجراءات الحظر للحد من أعداد الإصابات بفيروس كورونا. وقال رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي أول من أمس، إن حظر التجول سيبدأ الساعة الخامسة مساء بدلا من التاسعة مساء اعتبارا من الأحد المقبل وحتى الجمعة 29 مايو/ أيار، كما تقرر وقف حركة النقل الجماعي للحد من انتشار فيروس كورونا خلال أسبوع العيد.
وقررت الحكومة أيضا إغلاق المحال التجارية والمطاعم والحدائق العامة والشواطئ والمتنزهات تماما، خلال الأسبوع المقبل الذي يحل فيه عيد الفطر. وأعلنت مصر أكثر من 12 ألف إصابة بالإضافة إلى أكثر من 630 حالة وفاة، منذ بداية انتشار الوباء.
وكشف عدد من البائعين وأصحاب المتاجر، الذين كانوا يعتمدون على موسم العيد كأحد مواسم الرواج التي لا تتكرر كثيرا، عن تراجع مبيعاتهم بمعدلات وصلت إلى 90 في المائة. وهو ما أكده إبراهيم صلاح، صاحب متجر لصناعة وتسويق المنظفات، لـ"العربي الجديد"، موضحا أن التجّار تكبدوا خسائر باهظة هذا الموسم.