31 يناير 2019
انتصار أم انكسار في الجزائر؟
نورالدين خبابه
كاتب وإعلامي جزائري مقيم في فرنسا، يحلم بمصالحة حقيقية شاملة يتآخى فيها الجزائريون والجزائريات، ثم مصالحة مغاربية، عربية، دولية.
كذب من يقول إن الحراك في الجزائر انتهى بمجرّد تدخّل قيادة الجيش وفرض الأمر الواقع، وذلك بتحديد موعد الانتخابات وتهيئة الظروف لمرشح بعينه أو سينتهي بمجرّد انتخاب رئيس أو برلمان.
لم ينطلق الحراك في الجزائر أولا من ذاته، فهناك تراكمات سلبية، ذكرناها وكررناها، منذ سنوات وفصّلنا فيها قبل أن يطل الشهيلي العربي، وهي موثقة ومنشورة لمن أراد الرجوع إليها والتأكد.
إذا خمد الحراك في الجزائر لسبب أو آخر، فستبقى مراجله مشتعلة، تشبه البركان الخامد إلى حين اشتعاله من جديد ووقوع ثورة كبرى ستؤدي إلى إحراق الجزائر برمتها مع الأسف الشديد، وينتهي بذلك استقلالها على الأقل مدة قرن آخر أو تتمزق وحدتها وتقسّم إلى دويلات.
الذين يراهنون على عامل الوقت لترويض الشعب، أو حصر المسألة في أشخاصٍ قصد تخويف البقية الباقية من عواقب مواجهة النظام، لم يشخصوا الأزمة الجزائرية، ولا يعرفون نفسية المواطن الجزائري، بل لا يعرفون جذور الأزمة ومخرجاتها، وإن زعموا ذلك، وهم ينهجون نهج الاحتلال الذي صوّر لنفسه أن الجزائر أصبحت قطعة من ترابه الأبدي.
إنّ معالجة الأزمة الجزائرية يجب أن تكون جذرية، فالحلول الارتجالية والترقيعية لم تعد تنفع، وتأجيل الحلول الحقيقية للأزمة المعقدة لن يزيد الوضع الا تعقيدا وتعفينا.
وإن فرض أي خيار للتغيير على الشعب الجزائري لا يتلاءم مع طبيعة الأزمة وحجمها، وطبيعة الشعب وهويته وتاريخه، وطبيعة الجغرافيا السياسية التي تحاول فرض أجنداتها، لن يحل الإشكال القائم في الجزائر بقدر ما سيزيد من تراكم مشاكلها وغلق منافذ طرق النجاة.
واستيراد حلول وتجارب لم تنبع من رحم الشعب هي كمن يعطي دواء مريض لمريض آخر مصاب بداء آخر. وتراكم الأخطاء التي بدأت قبل ثورة التحرير، وعدم تشخيص الوضع في الجزائر عشية الاستقلال تشخيصا دقيقا، قبل التسابق على السلطة، وكذا فرض الأمر الواقع بحسم عسكري حتى ولو أنه من جانب إيجابي فوّت فرصة أخرى على الاحتلال من خلال منعه تنصيب قادة موالين له، فإن تلك الأخطاء أسّست للوضع الذي عايشته الجزائر في التسعينيات بعدما هُيئت الأرضية لها بعد وفاة الرئيس هواري بومدين، فأساس البناء على شكل خاطئ، حتى ولو كان أصحابه على نية سليمة، مهما علا ومهما طال سيسقط في النهاية لامحالة من كثرة العبء الثقيل الذي لا يتلاءم مع الأعمدة والأسس الصحيحة التي يقف عليها البنيان.
فإذا أردنا أن ينتصر الحراك، الحالي أو المقبل، وتنهض الجزائر وتنتصر على كل الأصعدة، فعلينا أن نؤسس لجزائر جديدة وجمهورية جديدة، وننهج طريق الانتصار والنهضة الصحيحة من خلال توفير عوامل النجاح ونضع اللبنة الأولى في الاتجاه الصحيح من خلال عقد النية الصادقة والسليمة التي تكون المعلم الأول نحو التغيير والبناء، ونغير من أساليبنا وسلوكاتنا واستراتيجيتنا، وطرق حوارنا ويتضح ذلك من خلال الأفعال التي سيلمسها الشعب في الميدان، ويرتاح لها ويقتنع بها من دون إكراه أو غرور.
ونعمل معا جماعيا ومرحليا بالتركيز على ما يجمعنا لا على ما يفرقنا ونترك بعض القضايا إلى حينها وإلى أهلها من أهل الاختصاص، فليس من المنطق مناقشة بعض القضايا والحكم على الناس قبل بناء دولة المؤسسات التي هي من يبت فيها.
الصراع والتنازع وتصفية الحسابات، والانتقام، والتشفي، والظلم، والتجاهل، والاحتقار، والتهميش، والإقصاء، والجهوية، والانتهازية، والمحسوبية، والفساد بكل أشكاله، والفرعنة، وعدم التسامح ونشر الأحقاد والضغائن، وحب الزعامة والمشيخة... هي عوامل للانكسار ولن تكون أبدا للانتصار.
علينا إذن أن نسير في طريق الانتصار بأخذ شروطه وعوامله ونتجنب طريق الانكسار إذا أردنا بالجزائر خيرا، فعهد الشعارات الرنانة والمتاجرة بالدين والتاريخ والوطنية ولّى إلى غير رجعة.
إذا خمد الحراك في الجزائر لسبب أو آخر، فستبقى مراجله مشتعلة، تشبه البركان الخامد إلى حين اشتعاله من جديد ووقوع ثورة كبرى ستؤدي إلى إحراق الجزائر برمتها مع الأسف الشديد، وينتهي بذلك استقلالها على الأقل مدة قرن آخر أو تتمزق وحدتها وتقسّم إلى دويلات.
الذين يراهنون على عامل الوقت لترويض الشعب، أو حصر المسألة في أشخاصٍ قصد تخويف البقية الباقية من عواقب مواجهة النظام، لم يشخصوا الأزمة الجزائرية، ولا يعرفون نفسية المواطن الجزائري، بل لا يعرفون جذور الأزمة ومخرجاتها، وإن زعموا ذلك، وهم ينهجون نهج الاحتلال الذي صوّر لنفسه أن الجزائر أصبحت قطعة من ترابه الأبدي.
إنّ معالجة الأزمة الجزائرية يجب أن تكون جذرية، فالحلول الارتجالية والترقيعية لم تعد تنفع، وتأجيل الحلول الحقيقية للأزمة المعقدة لن يزيد الوضع الا تعقيدا وتعفينا.
وإن فرض أي خيار للتغيير على الشعب الجزائري لا يتلاءم مع طبيعة الأزمة وحجمها، وطبيعة الشعب وهويته وتاريخه، وطبيعة الجغرافيا السياسية التي تحاول فرض أجنداتها، لن يحل الإشكال القائم في الجزائر بقدر ما سيزيد من تراكم مشاكلها وغلق منافذ طرق النجاة.
واستيراد حلول وتجارب لم تنبع من رحم الشعب هي كمن يعطي دواء مريض لمريض آخر مصاب بداء آخر. وتراكم الأخطاء التي بدأت قبل ثورة التحرير، وعدم تشخيص الوضع في الجزائر عشية الاستقلال تشخيصا دقيقا، قبل التسابق على السلطة، وكذا فرض الأمر الواقع بحسم عسكري حتى ولو أنه من جانب إيجابي فوّت فرصة أخرى على الاحتلال من خلال منعه تنصيب قادة موالين له، فإن تلك الأخطاء أسّست للوضع الذي عايشته الجزائر في التسعينيات بعدما هُيئت الأرضية لها بعد وفاة الرئيس هواري بومدين، فأساس البناء على شكل خاطئ، حتى ولو كان أصحابه على نية سليمة، مهما علا ومهما طال سيسقط في النهاية لامحالة من كثرة العبء الثقيل الذي لا يتلاءم مع الأعمدة والأسس الصحيحة التي يقف عليها البنيان.
فإذا أردنا أن ينتصر الحراك، الحالي أو المقبل، وتنهض الجزائر وتنتصر على كل الأصعدة، فعلينا أن نؤسس لجزائر جديدة وجمهورية جديدة، وننهج طريق الانتصار والنهضة الصحيحة من خلال توفير عوامل النجاح ونضع اللبنة الأولى في الاتجاه الصحيح من خلال عقد النية الصادقة والسليمة التي تكون المعلم الأول نحو التغيير والبناء، ونغير من أساليبنا وسلوكاتنا واستراتيجيتنا، وطرق حوارنا ويتضح ذلك من خلال الأفعال التي سيلمسها الشعب في الميدان، ويرتاح لها ويقتنع بها من دون إكراه أو غرور.
ونعمل معا جماعيا ومرحليا بالتركيز على ما يجمعنا لا على ما يفرقنا ونترك بعض القضايا إلى حينها وإلى أهلها من أهل الاختصاص، فليس من المنطق مناقشة بعض القضايا والحكم على الناس قبل بناء دولة المؤسسات التي هي من يبت فيها.
الصراع والتنازع وتصفية الحسابات، والانتقام، والتشفي، والظلم، والتجاهل، والاحتقار، والتهميش، والإقصاء، والجهوية، والانتهازية، والمحسوبية، والفساد بكل أشكاله، والفرعنة، وعدم التسامح ونشر الأحقاد والضغائن، وحب الزعامة والمشيخة... هي عوامل للانكسار ولن تكون أبدا للانتصار.
علينا إذن أن نسير في طريق الانتصار بأخذ شروطه وعوامله ونتجنب طريق الانكسار إذا أردنا بالجزائر خيرا، فعهد الشعارات الرنانة والمتاجرة بالدين والتاريخ والوطنية ولّى إلى غير رجعة.
نورالدين خبابه
كاتب وإعلامي جزائري مقيم في فرنسا، يحلم بمصالحة حقيقية شاملة يتآخى فيها الجزائريون والجزائريات، ثم مصالحة مغاربية، عربية، دولية.
نورالدين خبابه
مقالات أخرى
20 يناير 2019