تتواصل في المغرب منذ الثاني والعشرين من أغسطس/ آب الحالي، حملات المرشحين للاستحقاقات المحلية والجهوية، التي ستجري في الرابع من سبتمبر/ أيلول المقبل، وسط شعارات يرى مغاربة أنها تتكرر عقب كل استحقاق انتخابي، بل وتتجاوز ذلك أحيانا إلى خداع المواطنين، وتقديم وعود تذهب أدراج الرياح مباشرة بعد الفوز بـ"المقعد".
أحمد بوز، أستاذ العلوم السياسية في كلية الحقوق السويسي بالرباط، اعتبر في حديثٍ لـ "العربي الجديد" أن "الشعارات الانتخابية في المغرب، لا تعدو أن تكون خدعا انتخابية، متكررة ومتشابهة، يسعى من خلالها المرشحون إلى استمالة الناخبين، وإقناعهم ببرامجهم الانتخابية".
المرشحون للانتخابات رفعوا شعارات مختلفة، بعضها يكشف عن اتجاهات المرشحين وميولاتهم الإيديولوجية، فيما تكشف أخرى عن التناقض الصارخ بين شعار الحزب وتوجهه العام، مثل"صوتنا فرصتنا لمواصلة الإصلاح"، "صوتنا فرصتنا للتغيير"، و"روح المواطنة في خدمة المواطن"، و"لنعمل جميعاً من أجل التغيير".
وفي تعقيبه على هذه الشعارات ومضمونها، أكد بوز أن الشعارات التي ترفعها الأحزاب السياسية، تركز في مجملها على الإصلاح والتغيير، وإنقاذ المدينة وخدمة المواطن ومحاربة الفساد، وهي بذلك تتشابه فيما بينها، فمثلا شعار "الإصلاح في مواجهة الفساد" يدفعنا إلى التساؤل هل هذا الفساد ليس من إنتاج الطبقة السياسية نفسها المشاركة بالانتخابات؟".
هذا الانطباع العام لا ينفي، حسب بوز، وجود أحزاب سياسية جادة، تسعى إلى تطوير آليات عملها، وطرق تسويق برنامجها، والشعارات التي تُنافس بها، إلا أن هناك بالمقابل نوعاً من التمييع والخلط على مستوى الشعارات التي تختارها بعض الأحزاب السياسية".
كما يرى أنّ هناك "سرقة للشعارات وأحيانا للخطابات، يظهر فيها التباين مع إيديولوجيات هذه الأحزاب "فتجد أحزابا ليبرالية تتبنى شعارات تُحسب على أحزاب اليسار والعكس"، وهذا يسهم حسب قوله في التشويش على الأحزاب الجادة، التي تنسجم شعاراتها مع برنامجها الانتخابي.
زينب، 26 عاما، مدرسة، تقول لـ"العربي الجديد" إن الشعارات التي ترفعها الأحزاب السياسية المغربية خلال الانتخابات "لا تعدو أن تكون لعبة تُترك طيلة السنة لتستعمل في الفصل الانتخابي"، كما تسميه.
أكثر من ذلك، ترى أن الأحزاب "تتهافت على اختيار شعارات فضفاضة لا تعكس إلا الرؤية الجوفاء لهموم المواطن المغربي"، وهو ما يدفعها للتصويت العقابي في الانتخابات الجماعية المغربية "سأدلي بصوت أبيض، لا حزب إلى الآن يحمل برنامجاً أو شعاراً صادقاً يمكن أن يقنعني به".
اقرأ أيضاً: محمد السادس للمغاربة: "صوتوا حتى لا تشتكوا"
عدم الثقة هذه، يفسرها أحمد بوز بكون الانطباع العام السائد لدى عموم المواطنين يذهب إلى القول بأن الأحزاب السياسية المغربية، لم تنجح في خلق تغيير حقيقي داخل هياكلها ينعكس على برنامجها الانتخابي، و"الدليل على ذلك أن القاعدة العريضة غير المسيسة أيضاً، لا تصدق في الوعود ولا الشعارات الانتخابية لهذه الأحزاب".
الانتخابات المنتظرة في المغرب، يرسمها توجه يبدو تفاؤلياً لدى البعض، ويثير أكثر من علامة استفهام، لدى البعض الآخر، ويتعلق الأمر بمشاركة أحزاب يسارية قاطعت لسنوات الانتخابات كحزب الاشتراكي الموحد.
هذه المشاركة، تعتبر نبيلة منيب، الأمينة العام للحزب الاشتراكي الموحد، أنها تأتي "لمواجهة الانحرافات المسجلة في المشهد السياسي المحلي، وللتعريف بمشروع اليسار وتوعية السكان"، وهو الخيار الذي بات يهدد وحدة البيت الداخلي للحزب، حيث أعلنت شبيبته مقاطعة الانتخابات متهمة قيادة الاشتراكي الموحد بـ"الانحياز إلى الطرح المخزني عبر التهافت على المشاركة في انتخابات فاسدة ومحددة النتائج سلفاً".
في هذا الصدد قال أشرف مسياح، الكاتب العام لحركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية، إن "المشاركة في الانتخابات وفق الظروف السياسية الحالية والقوانين التنظيمية، التي تجري فقها الانتخابات الحالية، ليس لها أي معنى وليس هناك أي تغيير يشجع القوى الديمقراطية التقدمية على المشاركة في العملية الانتخابية".
على الضفة الأخرى، هناك مقاطعة راسخة للانتخابات من قبل جماعة العدل والإحسان، التي ما زالت تنأى عن دخول الساحة السياسية المغربية، وتدعو منخرطيها إلى مقاطعة الانتخابات "بسبب فساد أساسها الدستوري والسياسي وشكلية مؤسساتها المنتخبة واستبداد آلياتها القانونية والتنظيمية"، حسب بيان لها.
اقرأ أيضاً المغرب: وزارة العدل تصدر قائمة بمحظورات الانتخابات المحلية