اليمين الفرنسي يطالب بإجراءات مشدّدة بحق اللاجئين

12 اغسطس 2016
مع اقتراب الانتخابات يتضاعف التركيز على اللاجئين (فيليب هيغوين/Getty)
+ الخط -
بعد أن تركَّزَ الجدل السياسي في فرنسا، لبعض الوقت، على الإرهاب الذي يعصف بالبلد منذ شهور عدة، وطرق مكافحته، عاد فجأة، ومع اقتراب الانتخابات وبروز المواضيع التي سيحرّكها مختلف المرشحين، موضوع "معسكر كاليه" للاجئين إلى الواجهة الإعلامية الفرنسية.


في هذا السياق، كرّست صحيفة لوفيغارو الفرنسية، في عددها الصادر اليوم الجمعة، حيّزا كبيراً لما سمته "جحيماً" يعيشه أهل فرنسا، منذ ما يقرب من خمس عشرة سنة، إذ يقيم في "منطقة اللاقانون" نحو سبعة آلاف مهاجر سرّي، أغلبهم ينحدر من أفريقيا، لأسباب اقتصادية، على أمل الوصول إلى بريطانيا العظمى، ويقوم نحو ألف شرطي وجندي فرنسي بمراقبتهم "حتى لا تتعرض المدينة للحصار والنهب والتخريب".


وفي كل ليلة، كما تزعم الصحيفة، "تضطر قوات الأمن إلى إلقاء نحو مائة إلى مئتي قنبلة مسيلة للدموع من أجل احتواء حركاتهم"، وترى الصحيفة اليمينية أن الرئيس فرانسوا هولاند لم يُكلف نفسه عناء المجيء إلى عين المكان لرؤية حقيقة الأمر.


توازياً مع ذلك، يقول الكاتب، إيف ترياند، في افتتاحية للصحيفة حملت عنوان "سياسة النعامة"، إنّه مع اقتراب الانتخابات "يضاعف المرشّحون إدانتهم للوضع"، ويرى ترياند أنه "من الممكن إدانة الاتفاقات الثنائية بين فرنسا وبريطانيا العظمى" لأنها "تثبّت الحدود في بلدنا"، ويواصل مستدركاً: "لو تمّ صدّ كثير من المهاجرين، بشكل إلزامي، فإن مدينة كاليه ما كانت لتعرف هذا المأزق الذي تتكدس فيه المشاكل".


ويقترح صحافي لوفيغارو حلولاً للمشكلة تتمثل في "التوقف عن فتح فرنسا وأوروبا لكل الرياح، وإقفال صنبور مساعدات الاستقبال، وإعادة الموقوفين غير الشرعيين إلى بلدانهم، وأخيراً فرض عقوبات على الدول التي ينطلق منها هؤلاء".



وينأى الصحافي بنفسه، في حال تطبيق هذه السياسات، عن "أي انطواء على الذات وعن أي أنانية"، بل إن الأمر، كما يزعمُ، يتعلق بـ"الواقعية"، ولا ينسى في نهاية افتتاحيته أن يهاجم من يسمّيهم بـ"المدافعين المتحمّسين عن حقوق الإنسان"، والذين "يطلقون الصيحات المدوية"، ويتهمهم بـ"التواطؤ مع الكارثة الإنسانية، والتي تعتبر مدينة كاليه الشّاهدة عليها".


وتجدر الإشارة إلى أن موضوع المهاجرين عاد بقوة، قبل أيام، حين استطاع نحو 400 مهاجر، أغلبهم سودانيون وإرتريون مدعومون من قبل نشطاء حركة "بلا حدود" (التي تناضل من أجل فتح الحدود الأوروبية في وجه المهاجرين واللاجئين)، مغادرةَ مخيم استقبال الصليب الأحمر في فينتميل الإيطالية باتّجاه فرنسا، وتحديداً نحو منطقة "مينتون"، غير أنّ السلطات الفرنسية، وفي ظل صمت سياسي وإعلام متواطئ، أعادتهم جميعا إلى إيطاليا، في حين طمأنت المصادر الأمنية أنّ كل الذين وصلوا إلى الجانب الفرنسي "لم يتمَّ قبولهم"، فاعتقلوا ثم أعيدوا إلى إيطاليا.


وعلى الرغم من الوضعية الصعبة التي يعيشها هؤلاء اللاجئون والمهاجرون في فرنسا، ومع بداية سخونة الوضع الانتخابي الفرنسي، انكبّ النائب، كزافيي برتراند، رجل منطقة الشمال الفرنسي القوي، والذي فاز بفضل أصوات الحزب الاشتراكي في الانتخابات الأخيرة، على ما يراه "وضعية مقلقة يعيشها سكان كاليه"، منتقداً تركيز السلطات الفرنسية اهتمامها على الاعتداءات الإرهابية في فرنسا، متناسية الوضع في منطقة كاليه.


ودعا برتراند إلى إعادة التفاوض حول "اتفاقات توكي" مع الجانب البريطاني، وهو ما يعني "أن يتحمل البريطانيون مسؤولية استقبال وإيواء من يرغبون في طلب اللجوء في بريطانيا العظمى، أي في الضفة الأخرى من بحر المانش"، معتبراً الاتفاق السابق "جيّداً للجانب البريطاني لكنه ليس كذلك بالنسبة لفرنسا"، في حين عاب على الرئيس هولاند جمودَه حول المسألة، غير أنه أكّد أنه ينتظر الشيء الكثير من "رئيس فرنسا القادم".


وطالب "رجل الشمال القوي" بإفراغ "الغابة" الشمالية، والإبقاء على مركز "جيل-فيري" ومركز الإيواء المؤقت، وإلا فإن "الأمر سيخرج عن السيطرة".

وفي رغبة منه لتغليب المقاربة الأمنية المتشددة، اقترح كزافيي برتراند: "فرض حظر على الخروج من "الغابة" ابتداء من ساعة محددة"، وإلا فإن "الإبقاء على الوضع القائم سيكون في صالح حركة بلا حدود وبعض المئات من المهاجرين، لأن عدد المهاجرين عدة آلاف، وهم ليسوا جميعاً مسؤولين عن الأعمال غير القانونية أو أعمال التدمير".


واعتبر برتراند، القيادي في "حزب الجمهوريون" اليميني، أن "حظر الخروج في ساعة محددة تبرّره قضايا الأمن"، وتتيحه حالة الطوارئ المفروضة في فرنسا، وأتبع قائلاً "لدينا، اليوم، الوسائل القانونية لتنفيذه".



وضمن قائمة المطالب والمقترحات طالب برتراند باللجوء إلى طائرات بلا طيار للمراقبة، وإلى استخدام المراقبة بواسطة الفيديو، وأيضاً تأمين الميناء، مثلما تم تأمين نفق القطارات، من قبل.


واستنجد الزعيم السياسي اليميني بالقضاء الفرنسي، إذ طالب "بجواب جزائي أكثر فعالية وأكثر تشدّداً"، لجهة أن "المُهاجر يُخرّب غطاء الشاحنة ولا يخشى شيئاً، وهذا الإفلات من العقاب يجب أن يتوقف"، مقترحاً عقوبات إبعاد "تتجاوز بضع مئات من الأمتار المعمول بها، حالياً"، كما طالب بالإسراع في البحث عن حلول، محذّرا من نفاد صبر المواطنين، والذين بدأ بعضهم يطلق أعيرة نارية في الهواء لثني المهاجرين عن الاقتراب من أراضيهم. 


وفي موقف قريب من كزافيي برتراند تحدّثت عمدة مدينة كاليه، ناتاشا بوشارت، من حزب "الجمهوريون"، عن تواصل تدفق المهاجرين إلى كاليه منذ شهر يوليو/تموز، بحيث أصبح الموجودون في حدود سبعة آلاف شخص، وتحدثت عن "مواجهات ليلية بين هؤلاء، الراغبين في الوصول إلى الميناء، وبين قوات الأمن".


كما لفتت إلى خسارة الميناء لـ 10 ملايين يورو سنة 2015، وإلى الصدمات التي يعاني منها سكان المدينة، على حدّ زعمها، مضيفةً أن الحكومة وعدتها بتفكيك "الغابة"، ابتداءً من سبتمبر/أيلول القادم، وسيستغرق الأمر شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني، ولكن الأمر يتوقف على "أماكن استقبال وإيواء هؤلاء المهاجرين، التي يجب توفيرُها في عموم فرنسا".