هاجر عبد الرقيب الشرعبي إلى قريته في تعز تاركاً منزله وعمله في صنعاء. الشرعبي بدا متحسراً من الأوضاع المأسوية التي يعيشها البلد، ومن أوضاع الأسر التي لا تجد الملجأ الذي يوفر لها الأمان، في ظل الحرب التي تشهدها صنعاء ومختلف المدن اليمنية. "العربي الجديد" التقت الشرعبي وهو يحزم أمتعته متأهباً للرحيل، وقال: "تكاليف النزوح باهظة جداً وقد استلفت إلى جانب راتبي ما يعادل ألف دولار، لكن الأمن أهم من كل شيء، والكارثة أن هناك أناساً لا يجدون المكان المناسب للنزوح إليه كما أنهم لا يجدون تكاليف النزوح إلى منطقة أخرى، ويظلون عرضة للمخاطر ويعيشون حالة من الخوف والرعب".
وتعاني العاصمة ومختلف المدن اليمنية، من نقص حاد في المشتقات النفطية والغاز المنزلي والسلع الغذائية الأساسية، وبالأخص القمح وكذا يواجه المواطنون ارتفاع الأسعار، وهذه المشكلة تعتبر أكثر تعقيداً على الأسر النازحة، نتيجة عدم قدرتها على البحث عن السلع الغذائية ودفع أثمانها المرتفعة، فضلاً عن عدم قدرتها على الشراء بكميات كبيرة، لعدم وجود أماكن لتخزين الغذاء بالمقارنة مع الأسر المستقرة. بخاصة أنه لم يوجد حتى الآن أية جهة أو منظمة محلية أو دولية، تولت مسألة إيواء النازحين ومساعدتهم، كما أن تنقلهم يزيد من خطورة تعرضهم للإصابة، نتيجة القصف الذي تتعرض له البلاد في مناطق عدة.
أزمة في الغذاء والمشتقات النفطية
وتُعد محافظة تعز الأعلى في زيادة أسعار المواد الأساسية، كما أن الأسر الفقيرة في عدن لم تستطع الوصول إلى الغذاء الأساسي، وفقاً للبيان الصادر عن مركز الإعلام الاقتصادي، والذي تلقت "العربي الجديد" نسخة منه، حيث قدر المركز خسائر الاقتصاد اليمني بأكثر من مليار دولار منذ بدء الأزمة الأمنية في اليمن، وأصيب الاقتصاد اليمني بحالة ركود شبه كلي، وتضرر عدد من المنشآت الاقتصادية، وانعدمت العملة الصعبة في السوق اليمنية، وتوقفت الموانئ البحرية والجوية عن استيراد وتصدير السلع والمنتجات، من وإلى اليمن.
وتوقع المركز أن يزيد عدد المواطنين الذين هم بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، إلى أكثر من 12 مليون مواطن، مشيراً إلى أن نسبة الفقر تجاوزت 60% لمن يعيشون على أقل من دولارين في اليوم، حيث يزيد ذلك من معاناة الأسر النازحة من عواصم المدن اليمنية إلى الأرياف. بخاصة في ظل انعدام الدخل وارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية والمشتقات النفطية التي انعكست على أجور التنقلات، والتي فرضت على كثير من الأسر الرزوح تحت الخوف.
وفي السياق ذاته أكد الباحث الاقتصادي عامر عبد الوهاب لـ"العربي الجديد"، أن العاصمة صنعاء تشهد نزوحاً كبيراً، وقد تصل أعداد الأسر النازحة إلى ما نسبته 70% من السكان، بخاصة أن سكان العاصمة أغلبهم ينتمون إلى الأرياف.
وقلل عبد الوهاب من التحديات التي تواجه الحكومة والمنظمات المهتمة بهذا الشأن، في توفير الإيواء والخدمات الأساسية، كون الكثير من الأسر النازحة تتجه إلى أهاليها في الأرياف. وقال: "ليس معنى ذلك ألا تفكر الحكومة والمنظمات المعنية في هذه المشكلة، بل يجب أن توفر أماكن آمنة، بخاصة أن الكثير من المدن اليمنية تتوسطها الكثير من المعسكرات".
النزوح المستحيل في عدن
من جانبه وصف الدكتور أحمد بجاش الحميري الأوضاع الإنسانية في عدن بأنها مأسوية، بسبب الحرب المنتشرة في مختلف أرجاء المحافظة، وقال لـ"العربي الجديد": "لم يتمكن الكثير من الأسر من النزوح، بخاصة أن المحافظات المجاورة، لحج، أبين، الضالع، تشهد مواجهات مسلحة، وهو أمر يستدعي توفير أماكن آمنة للنازحين، كما أن فرق الإغاثة الإنسانية لم تتمكن من إيصال المواد الغذائية الأساسية والدواء للمتضررين".
ويشير الدكتور الحميري إلى أن ما نسبته 70% من أحياء عدن، لم يستطع أهاليها الوصول إلى المتطلبات الأساسية من الغذاء والدواء، بخاصة في ظل القصف العشوائي الذي يستهدف هذه الأحياء، إضافة إلى إغلاق المحلات التجارية والمصارف والصيدليات، فضلاً عن الأزمة المالية التي يعانيها الكثير من الأسر، الأمر الذي ولد حالات إنسانية صعبة تستدعي تدخل المنظمات المحلية والدولية لإنقاذ هذه الأسر.
من جهة أخرى، قال الكاتب الاقتصادي عبد الحميد المساجدي لـ"العربي الجديد"، إن النازحين من صنعاء وغيرها من المدن يواجهون صعوبات كبيرة، وستزيد معاناتهم بخاصة في الجانب الاقتصادي والمالي، وأول تحدٍ يواجه الأسر النازحة انعدام أية مراكز إيواء، وغياب الدور الحكومي ومنظمات المجتمع المدني في هذا الجانب حتى الآن.
ولفت المساجدي إلى أن ما نسبته 50% من سكان صنعاء، نزحوا إلى أماكن خارج العاصمة، حيث سيولد هذا العدد الكبير ضغطاً كبيراً في المأوى، وسيقلل من فرص وإمكانية الحصول على مأوى لجميع النازحين، الأمر الذي يتطلب أن تقوم الحكومة بتخصيص مخيمات إيواء وتوفير الحاجات الأساسية مثل الكهرباء والماء. كما أن مشكلة البحث عن مأوى للأسر النازحة سيضيف مزيداً من الأعباء المالية، تتمثل في تكاليف التنقلات وتكاليف إيجار المأوى الجديد، فضلاً عن أن نزوح الأسر من صنعاء يعني فقدان أرباب الأسر لأعمالهم ومصادر رزقهم.
كما شهدت اليمن بشكل عام نزوحاً شبه تام للأجانب والسفارات في اليمن، وكذلك للشركات الأجنبية العاملة في اليمن، الأمر الذي أفقد الآلاف من اليمنيين أعمالهم، إضافة إلى إيقاف ما نسبته 60% من الأعمال الخاصة المحلية في المدن الرئيسية، وبنسبة 90% في محافظة عدن وفقاً لإحصائيات غير رسمية. كما فقد عشرات الآلاف من المواطنين المساعدات الغذائية، نتيجة وقف بعض المنظمات الإنسانية العالمية لأنشطتها، ليصبح البلد أمام كارثة إنسانية لها أبعادها على الجانب الإنساني والاجتماعي والاقتصادي.
ووفقاً للتقارير الدولية فإن نسبة اليمنيين الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي، 41.1% من إجمالي عدد السكان البالغ 26 مليون نسمة، بمعنى أن 10.6 ملايين شخص لا يجدون الغذاء، و58.9 % من إجمالي سكان اليمن يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية خلال هذا العام، أي أن 15.4 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية.
إقرأ أيضا: إصلاح بوابير الكاز... مهنة لها من يحميها
وتعاني العاصمة ومختلف المدن اليمنية، من نقص حاد في المشتقات النفطية والغاز المنزلي والسلع الغذائية الأساسية، وبالأخص القمح وكذا يواجه المواطنون ارتفاع الأسعار، وهذه المشكلة تعتبر أكثر تعقيداً على الأسر النازحة، نتيجة عدم قدرتها على البحث عن السلع الغذائية ودفع أثمانها المرتفعة، فضلاً عن عدم قدرتها على الشراء بكميات كبيرة، لعدم وجود أماكن لتخزين الغذاء بالمقارنة مع الأسر المستقرة. بخاصة أنه لم يوجد حتى الآن أية جهة أو منظمة محلية أو دولية، تولت مسألة إيواء النازحين ومساعدتهم، كما أن تنقلهم يزيد من خطورة تعرضهم للإصابة، نتيجة القصف الذي تتعرض له البلاد في مناطق عدة.
أزمة في الغذاء والمشتقات النفطية
وتُعد محافظة تعز الأعلى في زيادة أسعار المواد الأساسية، كما أن الأسر الفقيرة في عدن لم تستطع الوصول إلى الغذاء الأساسي، وفقاً للبيان الصادر عن مركز الإعلام الاقتصادي، والذي تلقت "العربي الجديد" نسخة منه، حيث قدر المركز خسائر الاقتصاد اليمني بأكثر من مليار دولار منذ بدء الأزمة الأمنية في اليمن، وأصيب الاقتصاد اليمني بحالة ركود شبه كلي، وتضرر عدد من المنشآت الاقتصادية، وانعدمت العملة الصعبة في السوق اليمنية، وتوقفت الموانئ البحرية والجوية عن استيراد وتصدير السلع والمنتجات، من وإلى اليمن.
وتوقع المركز أن يزيد عدد المواطنين الذين هم بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، إلى أكثر من 12 مليون مواطن، مشيراً إلى أن نسبة الفقر تجاوزت 60% لمن يعيشون على أقل من دولارين في اليوم، حيث يزيد ذلك من معاناة الأسر النازحة من عواصم المدن اليمنية إلى الأرياف. بخاصة في ظل انعدام الدخل وارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية والمشتقات النفطية التي انعكست على أجور التنقلات، والتي فرضت على كثير من الأسر الرزوح تحت الخوف.
وفي السياق ذاته أكد الباحث الاقتصادي عامر عبد الوهاب لـ"العربي الجديد"، أن العاصمة صنعاء تشهد نزوحاً كبيراً، وقد تصل أعداد الأسر النازحة إلى ما نسبته 70% من السكان، بخاصة أن سكان العاصمة أغلبهم ينتمون إلى الأرياف.
وقلل عبد الوهاب من التحديات التي تواجه الحكومة والمنظمات المهتمة بهذا الشأن، في توفير الإيواء والخدمات الأساسية، كون الكثير من الأسر النازحة تتجه إلى أهاليها في الأرياف. وقال: "ليس معنى ذلك ألا تفكر الحكومة والمنظمات المعنية في هذه المشكلة، بل يجب أن توفر أماكن آمنة، بخاصة أن الكثير من المدن اليمنية تتوسطها الكثير من المعسكرات".
النزوح المستحيل في عدن
من جانبه وصف الدكتور أحمد بجاش الحميري الأوضاع الإنسانية في عدن بأنها مأسوية، بسبب الحرب المنتشرة في مختلف أرجاء المحافظة، وقال لـ"العربي الجديد": "لم يتمكن الكثير من الأسر من النزوح، بخاصة أن المحافظات المجاورة، لحج، أبين، الضالع، تشهد مواجهات مسلحة، وهو أمر يستدعي توفير أماكن آمنة للنازحين، كما أن فرق الإغاثة الإنسانية لم تتمكن من إيصال المواد الغذائية الأساسية والدواء للمتضررين".
ويشير الدكتور الحميري إلى أن ما نسبته 70% من أحياء عدن، لم يستطع أهاليها الوصول إلى المتطلبات الأساسية من الغذاء والدواء، بخاصة في ظل القصف العشوائي الذي يستهدف هذه الأحياء، إضافة إلى إغلاق المحلات التجارية والمصارف والصيدليات، فضلاً عن الأزمة المالية التي يعانيها الكثير من الأسر، الأمر الذي ولد حالات إنسانية صعبة تستدعي تدخل المنظمات المحلية والدولية لإنقاذ هذه الأسر.
من جهة أخرى، قال الكاتب الاقتصادي عبد الحميد المساجدي لـ"العربي الجديد"، إن النازحين من صنعاء وغيرها من المدن يواجهون صعوبات كبيرة، وستزيد معاناتهم بخاصة في الجانب الاقتصادي والمالي، وأول تحدٍ يواجه الأسر النازحة انعدام أية مراكز إيواء، وغياب الدور الحكومي ومنظمات المجتمع المدني في هذا الجانب حتى الآن.
ولفت المساجدي إلى أن ما نسبته 50% من سكان صنعاء، نزحوا إلى أماكن خارج العاصمة، حيث سيولد هذا العدد الكبير ضغطاً كبيراً في المأوى، وسيقلل من فرص وإمكانية الحصول على مأوى لجميع النازحين، الأمر الذي يتطلب أن تقوم الحكومة بتخصيص مخيمات إيواء وتوفير الحاجات الأساسية مثل الكهرباء والماء. كما أن مشكلة البحث عن مأوى للأسر النازحة سيضيف مزيداً من الأعباء المالية، تتمثل في تكاليف التنقلات وتكاليف إيجار المأوى الجديد، فضلاً عن أن نزوح الأسر من صنعاء يعني فقدان أرباب الأسر لأعمالهم ومصادر رزقهم.
كما شهدت اليمن بشكل عام نزوحاً شبه تام للأجانب والسفارات في اليمن، وكذلك للشركات الأجنبية العاملة في اليمن، الأمر الذي أفقد الآلاف من اليمنيين أعمالهم، إضافة إلى إيقاف ما نسبته 60% من الأعمال الخاصة المحلية في المدن الرئيسية، وبنسبة 90% في محافظة عدن وفقاً لإحصائيات غير رسمية. كما فقد عشرات الآلاف من المواطنين المساعدات الغذائية، نتيجة وقف بعض المنظمات الإنسانية العالمية لأنشطتها، ليصبح البلد أمام كارثة إنسانية لها أبعادها على الجانب الإنساني والاجتماعي والاقتصادي.
ووفقاً للتقارير الدولية فإن نسبة اليمنيين الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي، 41.1% من إجمالي عدد السكان البالغ 26 مليون نسمة، بمعنى أن 10.6 ملايين شخص لا يجدون الغذاء، و58.9 % من إجمالي سكان اليمن يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية خلال هذا العام، أي أن 15.4 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية.
إقرأ أيضا: إصلاح بوابير الكاز... مهنة لها من يحميها