13 ابريل 2017
اليسار الليبرالي الأميركي ضد فلسطين
دانا الكرد
باحثة فلسطينية وطالبة دكتوراة في العلوم السياسية في جامعة تكساس في الولايات المتحدة.
غطّى انتخاب دونالد ترامب رئيساً في أميركا على مجريات الأخبار والتحليل، منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. ومع تأكيد أن نتيجة تلك الانتخابات انطوت على مخاطر جمة على العرب والمسلمين في كل من أميركا وحتى الشرق الأوسط، إلا أن الخوف من ترامب دفع محللين عديدين إلى تناسي أن ما يسمى اليسار الليبرالي في أميركا ليس أفضل حالاً من ترامب وأتباعه.
فمع أخذ بعض الاستثناءات في الاعتبار، فإن المنتمين إلى اليسار الليبرالي في أميركا ليسوا مختلفين عن نظرائهم في اليمين حيال هجمات الطائرات بدون طيار (الدرونز) والتعذيب والتمييز العنصري والحروب في الشرق الأوسط.
يختلف، بالطبع، الطرفان في توجهاتهما في شؤون السياسة الداخلية، إلا أنهما متطابقان في توجهاتهما بشأن الساحة الدولية، ويبدو ذلك جليا في قضية واحدة يتفق عليها اليسار الليبرالي واليمين بإخلاص في أميركا، وهي القضية الفلسطينية وكل الأنشطة المتعلقة بالدفاع عن الحق الفلسطيني. وقد دفع الخطاب الهابط في الانتخابات والانحطاط العام في السياسة الأميركية إلى التغاضي عن استفحال العناصر الفاشية في المجتمع والمشهد السياسي الأميركي.
لنأخذ، مثلا، ما يسمى قانون معاداة السامية، يحاول قمع النشاطات المتعلقة بحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات أو حركة "BDS"، باعتبارها حركة معادية للسامية. وفي محاولة للتذاكي والتلاعب بتعريف معاداة السامية، عن طريق إضافة "نزع الشرعية عن إسرائيل" و"شيطنة إسرائيل" و"ازدواجية المعيار في التعامل مع إسرائيل" إلى هذا التعريف. ويعني ذلك بالطبع أن كل الانتقادات لإسرائيل مشمولة في هذا التعريف، حتى وإن لم ترتبط بمعاداة السامية بتاتا. وجدير بالتنويه أنه على الرغم من عدم مرور القانون في مجلس النواب، إلا أن الراعين له توجهوا، بكل دهاء، نحو تشجيع العاملين في وزارة التعليم الأميركية للاستفادة من القانون، للتعامل مع الطلاب الناشطين في مجال الدفاع عن القضية الفلسطينية في الجامعات الأميركية. ولم يكن مفاجئاً مرور القانون بإجماع في مجلس الشيوخ، مشيرا إلى توافق معتاد بين قوى اليسار الليبرالي واليمين حيال هذه القضية، حتى مع أن القانون محاولة مكشوفة لترهيب الناشطين في حركة مقاطعة إسرائيل في الجامعات والساحات المحلية. ومرّ القانون أيضاً على الرغم من مقالات رأي ومشورات قانونيةٍ لا تحصى، وحذّرت من تبعاته.
وعلى الرغم من عدم مرور القانون في مجلس النواب، في دور الانعقاد الحالي، فإن القانون معروض للطرح مرة أخرى في الدورة المقبلة.
وعلى المنوال نفسه، يهدّد سياسيون عديدون في الولايات المتحدة باتخاذ إجراءات ضد المنتمين لحركة مقاطعة إسرائيل، بما في ذلك أي شركات ترفض التعامل مع إسرائيل. وقد تبدو هذه القضية بمثابة صرخة الحرب للمحافظين وسياسيي الحزب الجمهوري. ولكن، عوضاً عن ذلك، يقف على رأس هذه الحملة "الليبرالي المحب للتنوع والتعايش" حاكم ولاية نيويورك، أندرو كومو، الذي قام بتجريم النشاطات المتضامنة مع الفلسطينيين، وهو الذي يدافع عن الأقليات العرقية والجنسية. وقد وقّع أمراً تنفيذياً في ولاية نيويورك، لقطع العلاقات المالية مع أي شركاتٍ ترفض التعامل مع إسرائيل.
لا يعد استهداف النشطاء الفلسطينيين والمتضامنين معهم موضوعاً جديداً، خصوصاً عندما نتذكّر تجاوزات عهد جورج بوش من التنصت على المكالمات الهاتفية وتوريط العرب الأميركيين والمسلمين في جرائم أمن دولة عن قصد. ويمكن القول إن الخطاب اليميني والفاشي الذي ميز صعود دونالد ترامب بدأ يأخذ مجراه في المجتمع الأميركي. ويعني ذلك صعود اليمين وجماعات النازيين الجدد وازدياد جرائم الكراهية ضد المسلمين واستهداف المساجد والكرامة الشخصية للعرب والمسلمين وتجدد استهداف الذين يعملون من أجل فلسطين والقضايا العربية. ويجري ذلك كله في سياق تخاذل اليسار الليبرالي الأميركي، لا بل تواطئه.
فمع أخذ بعض الاستثناءات في الاعتبار، فإن المنتمين إلى اليسار الليبرالي في أميركا ليسوا مختلفين عن نظرائهم في اليمين حيال هجمات الطائرات بدون طيار (الدرونز) والتعذيب والتمييز العنصري والحروب في الشرق الأوسط.
يختلف، بالطبع، الطرفان في توجهاتهما في شؤون السياسة الداخلية، إلا أنهما متطابقان في توجهاتهما بشأن الساحة الدولية، ويبدو ذلك جليا في قضية واحدة يتفق عليها اليسار الليبرالي واليمين بإخلاص في أميركا، وهي القضية الفلسطينية وكل الأنشطة المتعلقة بالدفاع عن الحق الفلسطيني. وقد دفع الخطاب الهابط في الانتخابات والانحطاط العام في السياسة الأميركية إلى التغاضي عن استفحال العناصر الفاشية في المجتمع والمشهد السياسي الأميركي.
لنأخذ، مثلا، ما يسمى قانون معاداة السامية، يحاول قمع النشاطات المتعلقة بحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات أو حركة "BDS"، باعتبارها حركة معادية للسامية. وفي محاولة للتذاكي والتلاعب بتعريف معاداة السامية، عن طريق إضافة "نزع الشرعية عن إسرائيل" و"شيطنة إسرائيل" و"ازدواجية المعيار في التعامل مع إسرائيل" إلى هذا التعريف. ويعني ذلك بالطبع أن كل الانتقادات لإسرائيل مشمولة في هذا التعريف، حتى وإن لم ترتبط بمعاداة السامية بتاتا. وجدير بالتنويه أنه على الرغم من عدم مرور القانون في مجلس النواب، إلا أن الراعين له توجهوا، بكل دهاء، نحو تشجيع العاملين في وزارة التعليم الأميركية للاستفادة من القانون، للتعامل مع الطلاب الناشطين في مجال الدفاع عن القضية الفلسطينية في الجامعات الأميركية. ولم يكن مفاجئاً مرور القانون بإجماع في مجلس الشيوخ، مشيرا إلى توافق معتاد بين قوى اليسار الليبرالي واليمين حيال هذه القضية، حتى مع أن القانون محاولة مكشوفة لترهيب الناشطين في حركة مقاطعة إسرائيل في الجامعات والساحات المحلية. ومرّ القانون أيضاً على الرغم من مقالات رأي ومشورات قانونيةٍ لا تحصى، وحذّرت من تبعاته.
وعلى الرغم من عدم مرور القانون في مجلس النواب، في دور الانعقاد الحالي، فإن القانون معروض للطرح مرة أخرى في الدورة المقبلة.
وعلى المنوال نفسه، يهدّد سياسيون عديدون في الولايات المتحدة باتخاذ إجراءات ضد المنتمين لحركة مقاطعة إسرائيل، بما في ذلك أي شركات ترفض التعامل مع إسرائيل. وقد تبدو هذه القضية بمثابة صرخة الحرب للمحافظين وسياسيي الحزب الجمهوري. ولكن، عوضاً عن ذلك، يقف على رأس هذه الحملة "الليبرالي المحب للتنوع والتعايش" حاكم ولاية نيويورك، أندرو كومو، الذي قام بتجريم النشاطات المتضامنة مع الفلسطينيين، وهو الذي يدافع عن الأقليات العرقية والجنسية. وقد وقّع أمراً تنفيذياً في ولاية نيويورك، لقطع العلاقات المالية مع أي شركاتٍ ترفض التعامل مع إسرائيل.
لا يعد استهداف النشطاء الفلسطينيين والمتضامنين معهم موضوعاً جديداً، خصوصاً عندما نتذكّر تجاوزات عهد جورج بوش من التنصت على المكالمات الهاتفية وتوريط العرب الأميركيين والمسلمين في جرائم أمن دولة عن قصد. ويمكن القول إن الخطاب اليميني والفاشي الذي ميز صعود دونالد ترامب بدأ يأخذ مجراه في المجتمع الأميركي. ويعني ذلك صعود اليمين وجماعات النازيين الجدد وازدياد جرائم الكراهية ضد المسلمين واستهداف المساجد والكرامة الشخصية للعرب والمسلمين وتجدد استهداف الذين يعملون من أجل فلسطين والقضايا العربية. ويجري ذلك كله في سياق تخاذل اليسار الليبرالي الأميركي، لا بل تواطئه.
دانا الكرد
باحثة فلسطينية وطالبة دكتوراة في العلوم السياسية في جامعة تكساس في الولايات المتحدة.
دانا الكرد