الهوية العراقية وارتباطها بالعربية

30 يوليو 2015
هناك إشكالية في تعريف الهوية العراقية (فرانس برس)
+ الخط -
يتكوّن المجتمع العراقي من قوميّات وطوائف وأديان متنوعة ومختلفة، يدين معظمها بالدين الإسلامي، منذ قرون، لذا تعتبر اللغة العربية امتداداً لهويّتهم التاريخية المرتبطة بالإسلام، فهم مرتبطون باللغة العربية ارتباطاً دينياً قبل أن يكون قومياً.


الكاتب العراقي، مروان الجبوري، في حديثه لـ"جيل العربي الجديد" عن موضوع الهوية العراقية وارتباطها باللغة، يرى أن الهوية العراقية، هي في الأساس هوية عربية بحكم التاريخ والثقافة والجغرافية والانتماء الوجداني، وأن اللغة العربية هي اللغة التي اختارها العراقيون، منذ ما قبل الإسلام، للتعبير عن فنّهم وثقافتهم.

أما الباحث السياسي، رباح الزيدان، وعن ارتباط الهوية العراقية بالعربية يقول: حقيقة هناك إشكالية في تعريف الهوية العراقية، فلم تفلح المحاولات السابقة في تكوين الأمة العراقية ذات المشتركات المحددة التي تمكّنها من تشكيل هوية مستقلة، أما الهوية الموجودة في العراق فتتكون من دوائر عدة، تتسّع حسب الظروف السياسية والاجتماعية، حيث تبدأ من القبيلة وتنتهي إلى الهوية العربية والإسلامية، ولذلك فإن اللغة العربية هي المكون الرئيسي للهوية العراقية، وبذلك ضمان لارتباطها الإجباري بهوية العرب والمسلمين.

مروان الجبوري يرى أن اللغة العربية استمرّت روحاً للثقافة العراقية، حتى في الفترة التي خضع فيها العراق لاحتلالات أعجمية، يقول: سرعان ما ذاب الغزاة في البوتقة الثقافية العراقية التي تشكّل العربية روحها ومعناها، لكنّ المغلوب مولع، دائماً، بتقليد الغالب كما يشير ابن خلدون، فعلاوة على ما دخل من كلمات أعجمية في اللهجة العراقية عبر قرون طويلة، إلا أن واقع العربية يشير إلى تراجع كبير أدى إلى بروز العامية وتسيّدها كثيراً من محافل الثقافة في العراق، فأصبح العراقيون أكثر تعاطياً مع الشعر الشعبي، بينما صار الشعر الفصيح نخبوياً إلى درجة كبيرة.

هل تنحسر اللغة؟

لا يرى الباحث السياسي، رباح الزيدان، إمكانية انحسار اللغة، حيث يذكر: لا أعتقد بإمكانية انحسار اللغة، وذلك لارتباط اللغة العربية بالقرآن، حيث أكسبها قدسية وآمن متحدثوها بأنها لغة محفوظة، أبداً، بنص قرآني (إنا نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون)، وترتبط القوميات المختلفة بالعربية نتيجة إسلامهم، حيث لا صلاة بدون لغة عربية ولا تاريخ بدون رموز إسلامية. 
وعن انحسار اللغة يتحدث الكاتب، مروان الجبوري: تخضع الثقافة في العراق لاعتبارات السياسة وتفاصيلها، وربما لأسباب مذهبية، أيضاً، وهو ما جعل العراق يفقد دوره الريادي في إدارة وتوجيه دفة الثقافة العربية بعد 2003، يمكننا القول، إن الهوية العربية للعراق الذي يشكّل العرب أكثر من 80% من سكانه ليست في خطر، لكن العروبة كهوية حضارية بجذورها، أصبحت في مأزق لاسيما بعد تصدّر تيارات سياسية وثقافية تدعو إلى قطع الصلة مع التاريخ العربي والإسلامي والرجوع بعيداً نحو جذور سومرية وآشورية، لكن كل هذا كان يمر ويعود العراق ليمارس دوره المعتاد في صناعة وبناء الثقافة العربية.

يحضر في ذهني قول أحد الكتاب العراقيين العرب بعد الاتفاق النووي الأميركي الإيراني، حيث كتب: انتصرت الحضارة على البداوة، يقصد بالبداوة عرب الخليج، وهو يعبّر عن طائفة كبيرة من العراقيين الذين انسلخوا عن العروبة وصاروا يرون فيها تخلّفاً وبداوة، وانسحبوا إما لهويات إقليمية طائفية، أو عادوا إلى أقوام سكنت بلاد النهرين في قديم الأزمان من السومريين وغيرهم على الرغم من عروبيّتهم وانتسابهم إلى قبائل عربية معروفة، لكن كل ذلك مرتهن بالظروف السياسية وتعامل العرب مع العراقيين وطوائفهم، وهو سرعان ما يتلاشى أمام رسوخ العربية في تاريخ وحضارة العراق منذ مئات القرون.

(العراق)
المساهمون