تلاحق النيران النازحين في المخيمات على امتداد الجغرافيا السورية، وتحرمهم من الملاذ الأخير لهم وترمي بهم في العراء، مع عدم وجود بديل لخيامهم التي لا تتجاوز سماكتها مليمترات قليلة، كانت آخر منزل استطاعوا الحصول عليه بعد رحلة النزوح.
في ريف حلب الشمالي، التهمت نيران الحرائق، أمس الخميس، 15 خيمة في مخيم باب السلامة الحدودي مع تركيا، إلّا أنّ تدخل فرق الدفاع المدني، حال دون وقوع كارثة أكبر وامتداد نيران الحرائق إلى خيام مجاورة.
واقتصر الحريق على أضرار مادية فقط، إلّا أنّه كانت له تداعيات على العديد من النازحين القاطنين فيه، والذين يقدّر عددهم بنحو 12 ألفاً.
يتحدث أبو عيسى (51 عاماً)، وهو أحد نازحي المخيم، لـ"العربي الجديد"، عن الحريق، موضحاً أنه التهم خيمته، التي بالكاد كانت تتحمل درجات الحرارة وهي بحاجة لاستبدال. ويقول: "أحمد الله أنه لم يصب أحد من أبنائي في الحريق، وكذلك من الجيران، فكلّ المصائب أهون من خسارة أحد الأبناء".
أمّا عن المخيم، فناشد أبو عيسى المنظمات الإنسانية العمل على توفير خيام لمن فقدوها، فالخيام في الأصل بحاجة لاستبدال، وهناك منازل مؤقتة في المخيم أيضاً أسقفها من الشوادر البلاستيكية، البعض منها تضرّر، ولا يسع النازحين فيها سوى مناشدة الجهات المعنية لتقديم المساعدة.
وفي محافظة الحسكة، شمالي شرق سورية، توفي ثلاثة أطفال جراء اندلاع حريق أيضا، أمس الخميس، في مخيم "روج" للنازحين بمنطقة المالكية إلى الشمال الشرقي من المحافظة، كما نقل موقع "الخابور" المحلي، حيث تشرف الإدارة الذاتية على إدارة المخيم، الذي يضمّ نحو 521 عائلة، بين عوائل سورية نازحة وعوائل عراقية لاجئة، فضلاً عن عوائل أخرى من جنسيات مختلفة.
بدوره، أوضح مصدر لـ"العربي الجديد" أنّ المخيم كغيره من المخيمات في مناطق الإدارة الذاتية يفتقر إلى معدات مكافحة الحرائق، التي تقع غالباً نتيجة سوء استخدام مصادر الحرارة، كغاز الطهي المنزلي وغيرها.
وأكّد المصدر أنه قبل يومين منع حاجز "كوشاراك"، الذي تتمركز فيه قوى الأمن الكردي الداخلي "أسايش"، دخول منظمات العمل الإنساني إلى المخيم، وهذا الأمر يزيد الأوضاع الإنسانية فيه سوءاً. كما منع الحاجز دخول أي جهة أخرى إلى المخيم، وبالتالي لا يمكن معرفة حجم الأضرار الناجمة عن الحريق وأسبابه، ما لم تعلن الإدارة الذاتية ذلك.
ويقع المخيم على بعد نحو 5 كيلومترات عن مدخل مدينة المالكية، على الطريق الذي يصل بين مدينتي الحسكة والمالكية، وهو حالياً يخضع لعزلة بسبب إجراءات الحاجز المتمركز قرب مدخله.
أوضح محمد حلاج، مدير فريق "منسقو استجابة سورية"، لـ"العربي الجديد"، أنّ "هناك حرائق تحدث بشكل شبه يومي في مخيمات النازحين في شمال غرب سورية، مع غياب وسائل الحماية وإخماد الحرائق". وتعود أسباب هذه الحرائق للإهمال والاستخدام غير الحذر لوسائل الحرارة، الأمر الذي يسبّب الحرائق في المخيمات بشكل متكرر.