قال الناطق الرسمي للمؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، محمد الحراري لـ"العربي الجديد": "إن إنتاج بلاده من النفط تراجع نحو 20 في المائة إلى 450 ألف أمس الثلاثاء، مقارنة بـ 555 ألف برميل مطلع الأسبوع الجاري.
وأضاف الحراري: "إن انتاج النفط بلغ أول أمس الإثنين 500 ألف برميل من الخام والمكثفات، وهو ما يعكس تذبذب الإنتاج خلال الفترة الأخيرة".
والنفط الليبي الذي يمثل 90 في المائة من دخل البلاد، هو أكبر الخاسرين من استمرار الصراعات المسلحة في عدة مناطق بالبلاد، الأمر الذي يهدد بحرمان ليبيا مجدداً من أهم مواردها المالية.
وأثّرت النزاعات الجارية حاليًّا في طرابلس بين الفصائل المختلفة في إنتاج النفط بميناء الفيل التابع لشركة أيني للغاز خلال الأسبوع الماضي، فقل الإنتاج إلى 50 ألف برميل يومياً فقط بدلاً من 86 ألف برميل إنتاجه الطبيعي، بسبب عدم تمكن عدد كبير من العمال من الوصول إلى الميناء.
وكانت المؤسسة الوطنية للنفط شغّلت حقل الفيل بكامل قوته خلال الفترة الماضية بنحو 115 ألف برميل يومياً من أجل زيادة الإنتاج .
ويشهد مطار طرابلس الدولي والمناطق المحيطة به، منذ أسبوع، اشتباكات مسلحة بين كتائب الزنتان المسيطرة عليه وغرفة عمليات ثوار ليبيا وكتائب مسلحة أخرى من مصراته يقودها صلاح بادي.
وتسبب هذا التطاحن، بحسب مصادر طبية، في مقتل نحو 49 وإصابة أكثر من 120، كما تسبب في توقف مطار طرابلس الدولي عن العمل، وتعطل 90 في المائة من الطائرات بعد إصاباتها بقذائف صاروخية، بجانب تعطل معظم المرافق التشغيلية للمطار وحركة الملاحة الجوية.
ويخشى محللون اقتصاديون تأثير الوضع الأمني في طرابلس وبنغازي على إنتاج ليبيا من النفط ، نتيجة وجود المليشيات المسلّحة في الحقول النفطية في مختلف إنحاء ليبيا.
ويقول المحلل الاقتصادي، أحمد أبولسين:" إن نتائج الصراعات المُسلّحة في مطار طرابلس العالمي تضر الطرفين وتساهم في تدهور الوضع الاقتصادي".
وبحسب كلام أبولسين فإن تطورت الأوضاع سوف تؤدي إلى تدني إنتاج الحقول النفطية وكذلك خطوط الغاز ستعاني كثيراً من الإغلاق والفتح.
وأوضح أن الخام الليبي تحت رحمه المليشيات المسلّحة في ظل حكومة تعاني من الهشاشة الأمنية.
وأضاف: " إن ليبيا أمام مرمى نيران العجز التاريخي في الموازنة العامة البالغ 30 مليار دينار، وهي تسعى إلى الإنتاج النفطي المستهدف، لتعويض العجز".
ولفت أن عدم وجود زبائن لشراء النفط الليبي بسبب الحرب، يؤثر سلباً على إيراداته، وبالتالي يتم تصديره بأقل من سعره عبر "البيع الفوري " في السوق العالمي، وهذا يؤثر سلباً على الاقتصاد الليبي .
وأكد أن ناقلات النفط العالمية، تطلب تأمينا باهظ الثمن نتيجة لارتفاع نسبة المخاطرة.
كما أن الناقلة التي يتأخر شحنها مدة أسبوعين تدفع لها ليبيا 3 ملايين دولار غرامات مالية بسبب التأخير .
يشار إلى أن معظم الحقول النفطية في الجنوب الليبي تحت سيطرة كتائب الزنتان وهي الشرارة ولحمادة والفيل، بالإضافة إلى حقلي غاز الوفاء وغدامس .
كما أن حقول الهلال النفطي "السدرة ورأس الأنوف والزوتينة والبريقة"، تقع تحت سيطرة مليشيات مسلّحة تابعة لإبراهيم جضران، لكنها سلمته للدولة بنفس العناصر المُسلحة بعد قفلها قبل عام.
وكانت مجموعة مسلحة فرضت حصار على بعض الموانئ النفطية بشرق البلاد الزويتينة" و"الحريفة" و"رأس لأنوف" و"السدرة" التي تصدر نحو 700 ألف برميل يوميا من النفط الليبي.
وشكل حصار الموانئ النفطية، أحد أهم التحديات أمام المؤتمر الوطني (البرلمان) في إرساء الأمن وإدارة الموارد والمؤسسات، وهو ما دفعه لسحب الثقة من رئيس الوزراء السابق، علي زيدان، بعدما تأكد فشله في السيطرة على ناقلة النفط "مورينج جلوري" قبل إبحارها في المياه الإقليمية.
وفي السياق نفسه، استأنف ميناء البريقة الإنتاج بعد توقف دام أسبوعا كاملا نتيجة اعتصام حرس المنشآت النفطية ،وذلك بعد اتفاق مع الحكومة المؤقتة للتنفيذ مطالبهم .
ولكن المعتصمين منحوا عشرين يوماً لتنفيد مطالبهم المتمثلة في اعتماد معهد نفط بجامعة النجم الساطع والمطالبة برجوع إدريس بوخمادة لرئاسة حرس المنشآت النفطية.
وتسعى ليبيا إلى الارتفاع التدريجي في انتاج النفط إلى 1.2 مليون برميل يومياً في نهاية العام الجاري 2014، حال استقرار الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد، في حين الإنتاج الطبيعي يصل إلى 1.5 مليون برميل في اليوم.