في تطور مفاجئ، انهارت أسعار النفط الخام، وتدهور سعر العقود الآجلة لبرميل الخام الأميركي إلى أقل من صفر دولار بعدما خسر 305.97% عند انتهاء معاملات يوم الإثنين، ما يعني قيمة سالبة بلغت 37.63 دولاراً تحت الصفر، وفقاً لبيانات "رويترز".
وتحولت أسعار العقود الآجلة للنفط الخام الأميركي يوم الإثنين إلى سلبية للمرة الأولى في التاريخ، لتنهي الجلسة عند ناقص 37.63 دولارا للبرميل مع إقبال المتعاملين على البيع بكثافة بسبب امتلاء سريع لمنشآت التخزين في المركز الرئيسي للتسليم في كاشينج بولاية أوكلاهوما.
وتراجعت أيضاً عقود خام القياس العالمي مزيج برنت، لكنها لم تصل بأي حال إلى تلك المستويات الضعيفة بفضل وجود المزيد من قدرات التخزين متاحة حول العالم.
وأنهت عقود خام القياس الأميركي غرب تكساس الوسيط تسليم مايو/أيار جلسة التداول منخفضة 55.9 دولاراً، أو 306 في المائة، لتبلغ عند التسوية ناقصاً 37.63 دولاراً للبرميل بعد أن لامست أدنى مستوى لها على الإطلاق عند ناقص 40.32 دولاراً للبرميل.
وأغلق سعر خام برنت القياسي الأوروبي منخفضاً 2.51 دولار، أو 9 في المائة، ليسجل عند التسوية 25.57 دولاراً للبرميل.
وتأثرت أسواق المال بتهاوي الأسعار، حيث هبطت الأسهم الأميركية يوم الإثنين بعد أن تحولت العقود الآجلة للنفط الأميركي إلى سلبية للمرة الأولى في التاريخ، وهو ما يبرز الفوضى التي أطلقتها جائحة فيروس كورونا إلى الاقتصاد العالمي.
وأنهى المؤشر داو جونز الصناعي جلسة التداول في بورصة وول ستريت منخفضا 592.05 نقطة، أو 2.44 في المائة، إلى 23650.44 نقطة، بينما تراجع المؤشر ستاندرد اند بورز500 الأوسع نطاقا 51.40 نقطة، أو 1.79 في المائة، ليغلق عند 2823.16 نقطة. وأغلق المؤشر ناسداك المجمع منخفضا 89.41 نقطة، أو 1.03 في المائة، إلى 8560.73 نقطة.
وحسب وكالة رويترز، " تتزايد كميات الخام المخزونة في الولايات المتحدة، ولا سيما في كاشينغ حيث نقطة التسليم لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي في أوكلاهوما، مع تقليص المصافي الأنشطة في مواجهة طلب ضعيف".
وسارع المستثمرون إلى بيع عقود مايو قبل انقضائها في وقت لاحق يوم الإثنين، في غياب طلب على النفط الفعلي. وعندما ينقضي عقد آجل فإن المتعاملين يتعين عليهم أن يقرروا ما إذا كانوا سيتسلمون النفط أو يقومون بترحيل مراكزهم إلى عقود آجلة أخرى لشهر لاحق".
وتتعرض أسعار النفط لضغوط منذ أسابيع مع تضرر الطلب بشدة من تفشي فيروس كورونا، بينما خاضت السعودية وروسيا حرب أسعار عمدتا خلالها إلى ضخ المزيد من النفط الخام في الأسواق. واتفق الجانبان قبل أكثر من أسبوع على خفض الإمدادات بمقدار 9.7 ملايين برميل يوميا، لكن ذلك لن يقلص التخمة العالمية سريعا.
وانهارت أسعار برنت حوالي 60 في المائة منذ بداية العام، بينما هوت عقود الخام الأميركي بنحو 130 في المائة إلى مستويات أقل كثيرا من أن تجاري التكاليف الضرورية لكثير من منتجي النفط الصخري. وأدى هذا إلى وقف حفر آبار وتخفيضات حادة في الإنفاق.
وقال مدير أسواق النفط في "ريستاد"، بيورنار تونهاوغن، إنه "مع استمرار الإنتاج من دون تأثر يُذكر، تمتلئ الخزانات يوماً بعد يوم. يستهلك العالم كميات أقل من النفط ويستشعر المنتجون تأثير ذلك على الأسعار".
ويُقدّر حجم مخزونات النفط العائمة على متن الناقلات، عند مستوى قياسي مرتفع يبلغ 160 مليون برميل.
وقال فيل فلين محلل أسواق النفط في شركة برايس فيوتشرز غروب في شيكاغو إن مستودعات التخزين مملوءة للغاية وهو ما يجعل المضاربين لا يشترون هذا العقد، ومصافي التكرير تعمل عند مستويات منخفضة لأننا لم نرفع أوامر البقاء في المنزل في معظم الولايات... لا يوجد أمل كبير بأن الأمور ستتغير في 24 ساعة".
ومع نضوب الطلب الفعلي على الخام، نشأت تخمة في المعروض العالمي بينما لا يزال مليارات الأشخاص يلزمون منازلهم لإبطاء انتشار فيروس كورونا المستجد.
وتعالج مصافي التكرير كميات أقل كثيرا من المعتاد من الخام، ولهذا فإن مئات الملايين من البراميل تجد طريقها إلى منشآت التخزين حول العالم. واستأجر تجار سفنا فقط لاستخدامها في تخزين فائض النفط. وتوجد 160 مليون برميل، وهو مستوى قياسي، مخزنة في ناقلات حول العالم.
وقال محللون للسوق، مشيرين إلى تقرير نشر يوم الإثنين من شركة جينسكيب لمعلومات الأسواق، إن مخزونات الخام الأميركية في كاشينج زادت بنسبة تسعة في المائة في الأسبوع المنتهي في السابع عشر من إبريل/ نيسان لتصل إلى حوالي 61 مليون برميل.
وشهدت عقود خام غرب تكساس الوسيط تسليم يونيو/ حزيران تداولا أكثر نشاطا وأنهت الجلسة عند 20.43 دولاراً للبرميل، وهو مستوى أعلى كثيرا من عقود مايو. واتسع الفارق بين عقود مايو وعقود يونيو في إحدى مراحل الجلسة إلى 60.76 دولاراً وهو الأكبر في التاريخ للعقود لأقرب شهرين.
ومع تحول أسعار النفط الأميركي إلى سلبية، فإن ذلك يعني أن البائعين كان عليهم أن يدفعوا للمشترين للمرة الأولى على الإطلاق لأخذ عقود آجلة للنفط. ورغم هذا، لم يتضح ما إذا كان ذلك سيجد طريقه إلى المستهلكين الذين ينظرون في العادة إلى هبوط النفط على أنه يترجم إلى انخفاض في أسعار البنزين في محطات الوقود.
وقال جيف كيلدوف الشريك في صندوق التحوط (أجين كابيتال ال ال سي) في نيويورك: "من الطبيعي أن هذا سيكون له تأثير تحفيزي للاقتصاد حول العالم... إنه في العادة سيكون شيئا جيدا لإضافة اثنين في المائة إلى الناتج المحلي الإجمالي".
توازياً، أظهرت بيانات رسمية أن صادرات السعودية من النفط الخام في فبراير/شباط تراجعت إلى 7.278 ملايين برميل يوميا من 7.294 ملايين برميل يوميا في يناير/كانون الثاني، وضخت المملكة 9.784 ملايين برميل يوميا في فبراير/شباط ارتفاعاً من 9.748 ملايين برميل يوميا في يناير/كانون الثاني.
ومن روسيا، قال مصدران في صناعة النفط لرويترز اليوم، إن وزارة الطاقة الروسية أبلغت منتجي النفط المحليين بأن يخفضوا إنتاج النفط بنحو 20% عن متوسط مستويات فبراير/شباط، وهو ما سيجعل موسكو تفي بالتزاماتها في إطار اتفاق عالمي.
كما أعلنت شركة هاليبورتون الأميركية، عملاق خدمات حقول النفط، اليوم، خسارة قدرها مليار دولار في الربع الأول، ومخصصات لانخفاض القيمة 1.1 مليار دولار، بينما قدمت توقعات قاتمة بشأن حقول النفط الصخري في أميركا الشمالية بعد تراجع الأسعار جراء فيروس كورونا.