النظرة القطرية للإرهاب: هذا عنوانه وهذه أسبابه

27 سبتمبر 2014
"من الخطأ وصف كل الجماعات الإسلامية بأنها متطرفة" (getty)
+ الخط -

ما إن أتت واشنطن بفكرة تشكيل تحالف دولي جديد، عسكري وسياسي، لمواجهة "الإرهاب"، من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، حتى وجدت وسائل إعلام، لطالما اتهمت دولة قطر بدعم مجموعات "إرهابية" في سورية والعراق، نفسها في حيرة. وإذ أوضح أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أن الولايات المتحدة هي التي طلبت من بلاده الانضمام إلى التحالف، فإن مقادير تلك الحيرة تضاعفت، إذ تبيّن أن قطر ليست في موضع اتهام من "الدولة العظمى" التي تقود معركة التحالف الدولي الجديد. وبحسابات سياسية واستراتيجية، بدا مهماً أن يُعرف أن إيضاح الشيخ تميم هذا الأمر، وعبر قناة تلفزيونية عالمية أميركية شهيرة (سي إن إن)، أمس الجمعة، انطلق من تأكيد أن قطر لا يمكن أن تضع الزيت والماء في الكوب نفسه، فلا يمكن أن تدعم قتلةً، يسيئون إلى الإسلام وأهله، ويقتلون من العراقيين والسوريين، ويقطعون رؤوس صحافيين أميركيين، ثم تطلب منها واشنطن المشاركة في تحالفٍ يستهدف هذه المجموعة. ولا تمتنع الدوحة عن تلبية هذا الطلب، ليس حفاظاً على صداقتها الوثيقة مع الولايات المتحدة فحسب، بل لقناعة صانع القرار القطري بأن "ثمة منفعة كبرى للشعب السوري في القضاء على داعش" بحسب ما يقوله مقربون من دائرة القرار في الدوحة.

وأوضح أمير قطر أن بقاء بلاده في التحالف سيكون "إلى حين"، ما يفيد بأن الحسابات قد تتغير، إنْ لم يكن لدى واشنطن، فربما لدى الدوحة أيضاً. وإذ بدأ الأمير، كلمته، الأربعاء الماضي، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتعيين أوجه التوتر الأولى في المنطقة، وأولها مسؤولية إسرائيل باستمرار احتلالها الأراضي الفلسطينية، وكذا التوحش الذي يقترفه النظام السوري ضد شعبه، فإن قطر، هنا، إنما تذكّر المجتمع الدولي، ومن منصته الأولى ممثلةً بالأمم المتحدة، بأن سياقاً عاماً في المنطقة، ينمو في غضونه الإرهاب، من دون أن يعني ذلك تسويغه، بل بالموازاة معه، ثمّة جهد مطلوب، وعلى كل مستوى، لمحاربته، ومحاربة من يقترفونه، ممن يسيئون إلى الدين، بتعبيرات "تكفيرية سطحية". لذلك أصرّ على ضرورة مضاعفة الجهود لمواجهة هذه الظاهرة، "أياً كان شكلها أو هدفها أو مصدرها".

وجاءت مشاركة قطر في التحالف الدولي ضد "داعش" واضحة وعلنية، كما المنطلقات التي طرحها الأمير في الأمم المتحدة، وشددت الدوحة، في هذه المناسبة، ومجدداً، كما في مناسبات ومنابر عديدة سابقة، على أنه لوضع جميع المجموعات الإسلامية في سلة "الإرهاب" محاذيره، فضلاً عن عدم صحته. وعن هذا الموضوع، قال، في مقابلة "سي إن إن"، إن "الإرهاب غير مقبول في ثقافتنا وديننا، ومن الخطأ وصف كل الجماعات الإسلامية بأنها متطرفة. والمقصد البادي، هنا، أنك لن تسلم من أذى الإرهاب ومقترفيه إذا ما ورطت نفسك في سياسة من هذا النوع. وواضح أن الذين استثمروا منبراً دولياً، مثل الأمم المتحدة، لإشاعة قناعتهم المرتجّة تلك، لم يقنعوا غير أنفسهم بها".

وذكّر أمير قطر، العالم، ومن يهمه الأمر، بأن بلاده إنما ساعدت الحكومات المصرية المتعاقبة، بعد الثورة، ولم تتجه إلى دعم الإخوان المسلمين الذين انتخبهم الشعب المصري، وليس أحد آخر، مشيراً إلى أنه، إذ طلب أفرادٌ من هذه الجماعة أمنا وأمانا في قطر، على ألا يمارسوا السياسة، لم تمانع الدوحة. ولما جاء هذا التأكيد القطري، من أميرها، معطوفاً على أن حركة "حماس" ليست إرهابية، وأن الدوحة تدعم الشعب الفلسطيني وحقوقه، فذلك كله يتسق في أداء إعلامي وسياسي، لا يبدو أن الضغوط إيّاها أضعفته، أو هزّت ركائزه، وأول هذه الركائز وأهمها أن الإرهاب واضح عنوانه، ومطارحه معلومة.