النظام يخرق اتفاق "تخفيف التصعيد" في ثلاث محافظات سورية

06 مايو 2017
اشتباكات في ريف حماة الشرقي (Getty)
+ الخط -
على غرار بداية هدن واتفاقيات سابقة لوقف الأعمال القتالية في سورية، شهدت الساعات الأولى من سريان اتفاقية إنشاء "مناطق تخفيف التصعيد"، والذي دخل حيز التنفيذ عند الساعة الثانية عشرة ليل الجمعة، خروقاتٍ عدة في ثلاث محافظات سورية على الأقل، هي حماة وحمص ودرعا.

الخروقات الأبرز لقوات النظام سُجلت بعد بدء سريان الاتفاقية بدقائق، في مناطق تسيطر عليها المعارضة السورية المسلحة بريف محافظة حماة الشمالي، وتحديداً في بلدة الزلاقيات، والتي تعرضت لقصفٍ مدفعي وبالرشاشات الثقيلة، تلتها اشتباكات بين قوات النظام وفصائل الجيش الحر المنتشرة هناك، فيما ذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، أن خروقات قوات النظام امتدت بريف حماة الشمالي، ليطاول القصف بلدتي كفرزيتا واللطامنة.

أما في وسط البلاد، وتحديداً في مناطق المعارضة السورية بريف حمص الشمالي، فقد ذكر المتحدث باسم "مركز حمص الإعلامي"، لـ"العربي الجديد"، أن "قوات النظام استهدفت بعد الساعة الثانية عشرة ليلاً، بلدة تيرمعلة بالأسطوانات المتفجرة"، مبيناً أن الناشطين هناك وثقوا القصف بمشاهد مصورة، تم بثها على شبكة الإنترنت في وقتٍ لاحق، وأن قذائف مدفعية استهدفت فجراً "الأحياء السكنية في مدينة تلبيسة، مصدرها مواقع مليشيات إيران جنوب المدينة".

كذلك جرى تسجيل خروقاتٍ أخرى لقوات النظام جنوبي البلاد؛ إذ أكد الناشط الإعلامي، الذي يتحدر من محافظة درعا أحمد المسالمة، لـ"العربي الجديد"، أن مناطق سيطرة المعارضة السورية في درعا البلد، تعرضت لقصفٍ مدفعي عند الساعة الثانية عشرة وعشر دقائق ليلاً، وتلته خروقات أخرى بقذائف المدفعية والهاون، في مناطق درعا البلد، وعلما، وخربة غزالة، والغارية الغربية والشرقية.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، في وقت سابق، أن المذكرة الخاصة بإنشاء مناطق "تخفيف التصعيد" في سورية، ستدخل حيز التنفيذ في منتصف ليل الجمعة - السبت في 6 مايو/ أيار الحالي، مبينة أنها علقت استخدام الطائرات الحربية الروسية في تلك المناطق، اعتباراً من مطلع الشهر الجاري.

وأشارت الوزارة أيضاً إلى أن فريق عمل مشتركاً من الدول الضامنة للاتفاقية الموقعة في "أستانة 4"، أول أمس الخميس، سيتولى إعداد خرائط لحدود مناطق وقف التصعيد والمناطق العازلة التي ستمتد على حدود مناطق وقف التصعيد الأربع في شمال سورية وريف حمص الشمالي، وغوطة دمشق الشرقية، وجنوبي البلاد بريفي درعا والقنيطرة.



وأوضح رئيس إدارة العمليات العامة في هيئة الأركان الروسية، سيرغي رودسكوي، أن المناطق العازلة التي تهدف إلى منع وقوع صدامات عسكرية بين الأطراف المتنازعة، ستتضمن نقاطاً للرقابة على الالتزام بالهدنة وحواجز لضمان تنقل المدنيين غير المسلحين، وإيصال المساعدات الإنسانية ودعم الأنشطة الاقتصادية.

وبين رودسكوي أن تنفيذ المذكرة سيسمح لجيش النظام بالتوجه لقتال تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في شرق البلاد، مشدداً على أن القوات الجوية الروسية ستواصل دعم قوات النظام من أجل القضاء على التنظيم، حيث ستركز الجهود الأساسية على إحراز تقدم شرقي مدينة تدمر ورفع الحصار عن دير الزور، واستعادة المناطق المحاذية لنهر الفرات شرقي ريف حلب.

ولفت رودسكوي إلى أن أكبر منطقة تم إنشاؤها في شمال سورية، تشمل ريف إدلب والمناطق المحاذية - مناطق شمال شرقي ريف اللاذقية، وغربي ريف حلب وشمال ريف حماة، ويقيم في هذه المنطقة أكثر من مليون شخص، وتسيطر عليها تشكيلات مسلحة تضم أكثر من 14.5 ألف فرد.

وأضاف أن المنطقة الثانية تشمل ريف حمص الشمالي، وهي تشمل مدينتي الرستن وتلبيسة والمناطق المحاذية الخاضعة لسيطرة فصائل مسلحة تضم نحو 3 آلاف فرد، ويسكن في المنطقة قرابة 180 ألف نسمة، (وهي تضم عملياً نحو 300 ألف شخص).

أما المنطقة الثالثة، بحسب المسؤول الروسي، فهي الغوطة الشرقية، حيث يسكن قرابة 690 ألف مدني، موضحاً أن هذه المنطقة لا تشمل القابون التي قال إنه يسيطر عليها بالكامل تنظيم "جبهة النصرة" وينطلق منها القصف على دمشق، بما في ذلك على محيط السفارة الروسية. في حين تمتد المنطقة الرابعة في جنوب سورية بالمناطق المحاذية للحدود الأردنية في ريفي درعا والقنيطرة.

وتخضع أغلبية الأراضي في هذه المنطقة لـ"الجبهة الجنوبية" التي تضم نحو 15 ألف مسلح، ويسكن في المنطقة نحو 800 ألف مدني. وأشار رودسكوي إلى أن عدد مسلحي قوات المعارضة في المناطق الأربع يصل إلى 42 ألف فرد.

في المقابل، طالب وفد المعارضة إلى مباحثات أستانة بأن يكون اتفاق التهدئة شاملاً لكل الأراضي السورية، ومتزامناً مع الحل السياسي وفق القرارات الدولية.

وأكّد الوفد، في بيان، رفضه لأية مشاريع تؤدي إلى تقسيم البلاد، موضحاً أن الخرائط المنشورة لـ"مناطق خفض التصعيد" ليست صحيحة ولن تكون مقبولة.

وأكّد الوفد أنه لم يتفاوض على أي خصائص بهذا الشأن، ولم تعرض عليه في أية اجتماعات، مبيناً أنه لا يمكن أن يقبل استثناء أي منطقة من اتفاق وقف النار، خصوصاً المناطق المحاصرة.


من جهته، حذر الرئيس التنفيذي لحزب "الجمهورية" السوري، مضر الدبس، في حديث مع "العربي الجديد" من أن يكون اتفاق إنشاء مناطق "تخفيف التصعيد" ليس إلا مدخلا لاتفاق تقاسم نفوذ جغرافي تستمر لأجل غير مسمى، موضحا أن هذا الأمر يحمل مخاطر لن تكون في مصلحة السوريين ولن يرضى بها السوريون، والذين ينظرون إلى قضيتهم أنها قضية حرية وكرامة وبناء للدولة والإنسان السوريين.

كذلك أبدى الدبس خشية الحزب من أن تكون غاية هذا الاتفاق هي توجيه سلاح الفصائل المعارضة باتجاه القتال مع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) و"القاعدة" وحرفها عن معركتها مع نظام بشار الأسد، موضحا أنه "رغم إدراكنا لخطورة هذه الفاصائل على سورية الآن ومستقبلًا، إلا أننا نعتقد أن الطريق الصحيح للقضاء عليها يمر أولًا عبر تخليص السوريين من الطغمة الحاكمة التي كانت طريقة تعاطيها مع الثورة السورية أحد أهم أسباب إنتاج هذه التنظيمات في سورية".

وأكد رئيس حزب "الجمهورية" أن موقف الحزب من كل الاتفاقات والاستحقاقات السياسية يقوم على النظر دائمًا إلى الهدف الرئيسي الذي يجب أن يوجه غايات ومقاصد أي اتفاق، والذي يجب أن يهدف إلى إنهاء معاناة السوريين وصون حريتهم وكرامتهم ووحدة أرضهم وتكوين دولتهم الوطنية. 

وتابع الدبس: "لكن يفيد الواقع القائم والواضح بأن إنهاء العنف وتحسين الوضع الإنساني يجب أن يبدأ بإيقاف مسببه الرئيس وهو النظام السوري. لذلك فإن طرح أستانة الذي يعتبر أن إنشاء مناطق تخفيف التصعيد سيكون مدخلًا لإنهاء معاناة السوريين، لن يكون له أي معنى ما لم يترافق بضغط واضح على النظام بصفته المسؤول الأول، والسبب المباشر، لتردي أوضاع الإنسان السوري".

وبيّن الدبس أن بنود الاتفاق الأساسية المطروحة ومنها: "وقف الأعمال العدائية، ووقف سلاح الطيران، وتوفير ظروف مواتية لعودة آمنة للاجئين، وتوفير ظروف مواتية لإدخال المساعدات الإنسانية.. هي بنود جميعها لا تحتاج إلى اتفاق بل تحتاج إلى ضغط على النظام وداعميه لإيقاف عرقلتهم المستمرة لهذه البنود (إذا كان الروس جادين في تنفيذ هذه البنود) لأن النظام وداعميه هم المسؤولون عن هذا كله".

واستغرب الدبس الكلام عن وقف سلاح الطيران بين الأطراف المتنازعة الذي يوحي بأن المعارضة المسلحة تستخدم سلاح الطيران في حين هي لا تمتلكه أساسًا كون الطيران في الأجواء السورية حكرًا على روسيا والنظام.





وكانت الهيئة العليا للمفاوضات قد رفضت، أمس الجمعة، خطة "تخفيف التصعيد"، والتي وقعت عليها الدول الراعية لمؤتمر أستانة واعتبرتها "مشروعاً لتقسيم سورية"، من خلال "المضامين الغامضة" التي تحملها.

وقالت "الهيئة العليا"، في بيان نشرته على حسابها في موقع "تويتر"، إنها قلقة من غموض هذا الاتفاق، والذي "أبرم بعيداً عن موافقة الشعب السوري"، معتبرةً إياه يفتقر للضمانات وآليات المحاسبة، وإدانة جرائم النظام، وخاصة مجزرة خان شيخون الكيميائية.

كذلك اعتبر المتحدث باسم حزب "الاتحاد الديمقراطي الكردي" أن مخطط إنشاء المناطق الآمنة في سورية يسعى لتقسيم البلاد على أساس طائفي.

ونقلت وكالة "رويترز" عن المتحدث باسم الحزب الكردي، إبراهيم إبراهيم، قوله إن الخطة ترقى إلى حد "تقسيم سورية على أساس طائفي"، ووصفها بأنها "جريمة". ورأى أن الخطة قد تهدد مناطق خاضعة للأكراد تحظى بحكم ذاتي في شمال البلاد.

إلى ذلك، وبعد تصريحات روسية بشأن منع طيران التحالف الدولي من دخول المناطق الآمنة المزمع إنشاؤها في سورية، قالت وزارة الدفاع الأميركية إن قواتها ستستمر باستهداف تنظيمي "داعش" و"القاعدة" في كل مكان.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، أدريان رانكين غالاواي، حول ما إذا كانت الولايات المتحدة تعتزم وقف تحليق طائراتها الحربية فوق مناطق وقف التصعيد في سورية، إن "تحالفنا سيواصل استهداف تنظيمي داعش والقاعدة في جميع الأماكن التي ينشطان فيها، حتى لا يبقى لديهما ملاذ آمن".







المساهمون