سعت قوات النظام السوري لخلق بؤرة استنزاف لقوات المعارضة السورية وفصيل "هيئة تحرير الشام" في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، وذلك من خلال تسهيل عبور فلول تتبع لتنظيم "داعش" إلى مناطق سيطرة المعارضة، التي أكدت تصدّيها لهذه المحاولات، في وقت عاود فيه طيران النظام الحربي ارتكاب المجازر في غوطة دمشق الشرقية، فيما حقق الجيش التركي تقدماً جديداً في منطقة عفرين شمال غربي حلب.
في هذا السياق، أكدت "هيئة تحرير الشام" أنها "أسرت عنصرين من تنظيم داعش على جبهة أم الخلاخيل بريف إدلب الجنوبي، بعد صدّ محاولتي تقدم للتنظيم السبت"، مشيرة في بيان إلى أنها "قتلت ثلاثة من عناصر التنظيم بعد ملاحقة فلولهم، وتمشيط كتلة البيوت الأولى على الجبهة الشرقية لقرية أم الخلاخيل بعد تسللهم إليها". وأوضحت أن "اشتباكات دارت ليل السبت الأحد أيضاً".
وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن "الاشتباكات تجددت في محيط منطقة أم الخلاخيل في الريف الجنوبي الشرقي لإدلب، بين عناصر من تنظيم داعش من جهة، وهيئة تحرير الشام وفصائل أخرى من جهة أخرى". ولفت إلى أن "عناصر التنظيم يسعون لتوسيع نطاق سيطرتهم في المنطقة، وتحقيق تقدم جديد، بينما تسعى تحرير الشام برفقة الفصائل لإبعاد التنظيم ومنعه من التقدم"، مؤكداً وصول عناصر تنظيم "داعش" إلى المنطقة يوم السبت عبر ممر منحته لهم قوات النظام.
ولا يزال "داعش" يسيطر على جيب له على تخوم ريف إدلب الجنوبي الشرقي، وأكدت مصادر محلية أن "قوات النظام تعمّدت إبقاءه لاستنزاف المعارضة السورية المسلحة عبره من جهة، وكي يكون ذريعة لاستمرار شن الهجمات الجوية على المناطق الخارجة عن سيطرة النظام من جهة أخرى". وكان التنظيم مسيطراً على منطقة العقيربات في ريف حماة الشرقي، واضطر أواخر العام الماضي للانسحاب منها تحت ضربات قوات النظام إلى منطقة وادي العذيب شرقي خط أثريا – خناصر. ثم سهّلت قوات النظام مرور عناصر التنظيم إلى منطقة الرهجان في ريف حماة الشرقي، وسيطروا على ثلاث قرى هي: طوطح، وحجيلة، وعنيق باجرة. وبعد سيطرة قوات النظام على مطار أبو الظهور في ريف إدلب الشرقي، انسحبت "هيئة تحرير الشام" من مناطق عدة، فعاد "داعش" إلى الواجهة من جديد، وتمدّد إلى نحو 20 قرية أهمها سروج.
وقلّصت قوات النظام خلال الأيام القليلة الماضية جيب "داعش" إلى ثلاث قرى هي: عنبز، وسروج، وشيحة عواد، ولكن عناصر التنظيم انسحبوا إلى مناطق في ريف إدلب الشرقي بعد مرورهم عبر قرى واقعة تحت سيطرة النظام هي: قصر شاوي، وقصر علي، وربدة، وعرفة، وشطيب، وتل خنزير.
وفشل عناصر التنظيم في النفاذ إلى مناطق تحت سيطرة المعارضة، وأشارت مصادر محلية إلى أن "عناصر التنظيم هائمون على وجوههم"، مضيفة أن "أمر السيطرة عليهم مسألة وقت لا أكثر، إذ لا يمتلكون أسلحة ثقيلة، أو ذخيرة تتيح لهم الصمود".
إلى ذلك، قالت مصادر متطابقة لـ "العربي الجديد"، إن "رتلاً عسكرياً تركياً دخل الأحد إلى الأراضي السورية عبر بوابة كفر لوسين الحدودية"، مشيرة إلى أن "الرتل توجّه للتمركز في منطقتين، الأولى هي بلدة صلوة المقابلة لمنطقة عفرين، والثانية إلى مدينة دارة عزّة في ريف حلب الغربي".
ولفتت المصادر إلى أن "الرتل مكوّن من عدد من الآليات والمدرّعات، والسيارات الحربية التي تنقل الجنود وأسلحة خفيفة ومتوسطة". وسبق هذا الرتل، أرتال عدة خلال الأيام القليلة الماضية وتمركزت في نقاط متفق عليها في ريفي حلب وإدلب، منها مطار تفتناز العسكري، تطبيقاً لاتفاق "خفض التصعيد" الذي تم التوصّل إليه بين روسيا وتركيا وإيران في مباحثات أستانة، والتي نصّت على تمركز القوات التركية في نقاط عدة في الشمال السوري لمراقبة الهدنة.
في غضون ذلك، جدّد الطيران الحربي، أمس الأحد، قصفه للغوطة الشرقية المحاصرة شرقي العاصمة دمشق، ما أدى إلى مقتل وإصابة العديد من المدنيين. وأكد ناشطون أن "القصف الجوي والمدفعي استهدف الأحياء السكنية المكتظة بالسكان"، مشيرين إلى أن "القصف استهدف مدناً وبلدات منها عربين".
من جهته، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن "طائرة حربية استهدفت بغارتين على الأقل، مناطق في مدينة حمورية، ما تسبب بمقتل مدني، وإصابة أكثر من 12 آخرين بجراح"، لافتاً إلى أن "الطائرات الحربية استهدفت مناطق في حي جوبر الدمشقي الواقعة في القسم الشرقي من العاصمة بمحاذاة الأطراف الغربية للغوطة الشرقية".
في سياق آخر، تواصلت عملية "غصن الزيتون" بقيادة الجيش التركي وفصائل تابعة للمعارضة السورية المسلحة ضد الوحدات الكردية في منطقة عفرين على الحدود السورية التركية. وأعلنت القوات المسلحة التركية، أمس الأحد، أنها "قصفت مواقع عسكرية تابعة للوحدات الكردية في منطقة عفرين، مقابلة لأقضية ريحانلي وقرقخان وولاية هاتاي".
وذكرت وكالة "الأناضول" أن "القوات التركية دكت المواقع العسكرية في ريف عفرين الغربي، بقذائف الهاون والمدفعية"، مشيرة إلى أن "القوات التركية لا تزال ترسل تعزيزات إلى الوحدات العسكرية المرابطة في المنطقة تتضمن عسكريين، ومركبات". وأكدت الوكالة أن "الجيشين التركي والسوري الحر سيطرا على قرية حاج إسكندر في ريف عفرين الغربي، وأعلنت رئاسة الأركان عن تحييد 1266 إرهابياً منذ انطلاق العملية في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، وأن المقاتلات التركية تمكنت من تدمير 19 هدفاً للوحدات الكردية في عفرين، بينها ملاجئ وتحصينات ومخازن للأسلحة والذخائر".