النصر على ألمانيا النازية لم يعد يوحّد روسيا والغرب

09 مايو 2019
موسكو تعدّ لاستعراض عسكري ضخم (Getty)
+ الخط -

تشهد الساحة الحمراء وسط موسكو، اليوم الخميس، استعراضا عسكريا مهيبا بمناسبة الذكرى الـ74 للنصر على ألمانيا النازية بقيادة أدولف هتلر في نهاية الحرب العالمية الثانية في 9 مايو/أيار 1945.


لكن على عكس السنوات السابقة، يقام الاستعراض العسكري هذه المرة وسط غياب قادة أجانب، وهو أمر أرجعه الناطق باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، إلى عدم توجيه دعوات إليهم باستثناء الفعاليات اليوبيلية.
ومع ذلك، أقيمت الاستعراضات غير اليوبيلية في السنوات الأخيرة بحضور بعض القادة الأجانب إلى موسكو، بمن فيهم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، في العام الماضي، والرئيس المولدوفي، إيغور دودون، في عام 2017، ورئيس جمهورية كازاخستان آنذاك، نورسلطان نزارباييف، في عام 2016.
وفي هذا الإطار، ذكّرت صحيفة "ريبابليك" الإلكترونية الروسية بأن حضور الرئيس الأميركي الأسبق، جورج بوش (الابن)، إلى الساحة الحمراء برفقة غيره من قادة دول مجموعة الثماني آنذاك في عام 2005، شكل "ذروة تطور العلاقات الروسية الغربية" و"لحظة انتصار" للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، و"رمزا لاعتراف الجميع بالدور الرائد للاتحاد السوفييتي وروسيا في النصر على الفاشية". إلا أن الاحتفالات بالذكرى الـ70 للنصر عام 2015، وهي أول ذكرى يوبيلية بعد إقدام موسكو على ضم شبه جزيرة القرم في مارس/آذار 2014، أقيمت وسط غياب تام لقادة دول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بل اقتصر الحضور على نحو 20 من قادة الجمهوريات السوفييتية السابقة وبعض الدول "الصديقة"، بما فيها الصين والهند وفلسطين ومصر.
وفي مقال بعنوان "من أجل نصرنا ونصركم. لماذا لم يعد 9 مايو يوحد روسيا والغرب؟"، أرجعت الصحيفة التغيير الذي حدث خلال عشر سنوات، إلى "التحول الجذري لمعنى عيد النصر، من القيم الثابتة والمشتركة مع الغرب إلى مواجهته، واستبدال التحالف المناهض لهتلر بآخر معادٍ لأميركا".
وأوضح كاتب المقال أن سبب المشكلة يكمن في تباين تفسير نتائج الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945)، إذ تعني "الحرية" التي كافح من أجلها التحالف بالنسبة إلى بوتين أن "كل دولة لها الحق في اختيار طريق تطورها"، بينما يراها الغرب "على مستوى الفرد"، وأن أي انتهاك بحقه يعد من مظاهر الفاشية.
وبحسب الصحيفة، فإن النصر كان يعني في عيون موسكو، "تحولها إلى أحد أبرز اللاعبين في السياسة الدولية"، ونيل لقب "الدولة المحرِّرة" والقيام بأدوار رائدة بمجلس الأمن الدولي، وتبريرا للطموحات الدولية للدولة بعد العدول عن فكرة "الثورة العالمية". من جانب آخر، يعتبر الغرب أن الجنود خلال تلك الحرب "لم يسقطوا لبسط السلام فقط، وإنما أيضا من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان للأجيال القادمة". ويحمّل الغرب بوتين المسؤولية عن انتهاك القاعدة الثابتة ما بعد الحرب بعدم قيام أي بلد بضم أجزاء من بلد آخر (أي أوكرانيا في حالة القرم).
ورغم أن البشرية دفعت ثمناً باهظاً للتخلص من النازية، إذ قدر عدد الضحايا بعشرات الملايين، إلا أن ذلك لم يؤد إلى توحيد العالم الذي سرعان ما تحول إلى عالم ذي قطبين ودخل مرحلة "الحرب الباردة" بين موسكو وواشنطن دون الدخول في مواجهة مباشرة. وبعد مرور نحو ثلاثة أرباع قرن على انتهاء الحرب، لا تزال تلك الأجواء تخيم على مشهد العلاقات الدولية، وسط احتدام التنافس بين القوى الكبرى على النفوذ في دول مثل أوكرانيا وسورية وفنزويلا.


أما تقاليد إقامة الاستعراضات العسكرية في الساحة الحمراء، فتعود إلى 24 يونيو/حزيران 1945، ولكنها كانت تقام في الأعوام اليوبيلية فقط خلال الحقبة السوفييتية. ومنذ عام 1996، أصبحت تلك الاستعراضات تُقام سنوياً، نظرا لارتباط هذه الذكرى بكل عائلة روسية شارك أجدادها في الحرب.