الحديث عن ازمة النازحين العراقيين، يعود بنا في الذاكرة الى الوراء، فالتاريخ العراقي شاهد على موجات النزوح واللجوء التي دفع ثمنها الشعب العراقي نتيجة الحروب والأزمات.
واليوم، عادت هذه الأزمة الى الواجهة من جديد مع ما تحمله من ألم على اوضاع انسانية، أقل ما يقال عنها إنها لا تراعي حقوق الانسان، وأوضاع اقتصادية بالغة الصعوبة، يدفع ثمنها النازح، الذي اضطر إلى ترك منزله والنزوح الى العراء، وتتكبدها الحكومة العراقية والمجالس المحلية للمناطق التي فر اليها النازحون.
وقالت النائبة عن التحالف الكردستاني، آلاء الطالباني، إن النازحين من المناطق الشمالية، خصوصاً من مناطق الموصل، وصلاح الدين، يصلون بدرجات متفاوتة الى المناطق القريبة منهم على الحدود الكردية، حيث اقيمت المخيمات بدرجات كبيرة لاستيعاب اعدادهم.
وأضافت، في تصريحات خاصة لـ "العربي الجديد": "بعد شهرين على بدء اعمال العنف، بدأت تظهر مشاكل اقتصادية لا تقل عن المعاناة الانسانية لهؤلاء النازحين، خصوصاً وأنهم تركوا كل شيء ولجأوا الى العراء، هرباً من التنظيمات المسلحة، وهم يعانون من اوضاع معيشية صعبة، تتفاقم يوماً بعد يوم، ولعل ابرزها مواجهة حالات الحر الشديد، وتفشي الامراض".
كارثة حقيقية
بلغ عدد النازحين العراقيين أكثر من مليون نازح من المناطق، التي سيطر عليها تنظيم داعش. وفي تعليق على ارتفاع اعداد النازحين العراقيين، قالت النائب، آلاء الطالباني:"تفوق أعداد النازحين هذا الرقم، حيث لا توجد حتى اليوم إحصاءات واضحة، حول اعداد النازحين الفارين من المناطق الشمالية"، وأوضحت ان العديد من النازحين لا يقيمون داخل المخيمات، بل يلجأون الى اقاربهم واهاليهم في العديد من المناطق، مما يجعل العدد غير واضح تماماً".
من جهة اخرى، اشارت الطالباني الى ان الاوضاع الاقتصادية الخاصة بالنازحين صعبة للغاية، فالعديد من النازحين هربوا في ظل اوضاع نفسية صعبة، ولم يتسنّ لهم اخذ اموالهم واغراضهم، واليوم هم في مواجهة الظروف المعيشية الصعبة، فالعديد من الذين لجأوا الى إقليم كردستان، لا يملكون القدرة على استئجار غرفة، ولذا بدأت الاسر الكردية بفتح منازلها واستقبال النازحين.
وأشارت الى أن الحكومة الكردية تقوم ما بوسعها لاستقبال وإيواء النازحين، لكن غياب إقرار الموازنة العراقية، بسبب المشاكل على تصدير النفط مع الحكومة الكردية، أدى الى عدم تقاضي موظفي الاقليم رواتبهم منذ أشهر، الامر الذي يزيد من صعوبة تقديم مساعدات من قبل الاكراد للنازحين، بسبب اوضاعهم الصعبة اصلاً.
مساعدات دولية
في اطار آخر، اعلن الناطق السابق باسم الحكومة العراقية، علي الدباغ، ان الازمة في شمال البلاد ساهمت في تردي الاوضاع الاقتصادية في العراق بشكل عام.
وقال لـ "العربي الجديد": "يعيش العراق وسط ازمتين حادتين، الاولى تتعلق بالاوضاع الانسانية الصعبة للنازحين، والثانية تتعلق بالشق الاقتصادي، والخسائر جراء اعمال العنف"، مضيفاً، ان الازمتين ناتجتان عن تردي الاوضاع السياسية، فالعراق يعيش ازمة سياسية بين مكوناته، ساهمت في انتشار اعمال العنف وسيطرة التنظيمات المسلحة في مناطق عديدة.
واوضح الدباغ انه لا يمكن حصر الخسائر الاقتصادية المقدرة بسبب النزوح العراقي، ولا يمكن الحديث عن ارقام، الا انه من المؤكد ان الارقام فلكية، فالنازحون العراقيون يكلفون الحكومة إعداد مخيمات تؤويهم، وتقديم مساعدات مالية وعينية تساعدهم على مواجهة الحياة، مما يعني ان التكاليف تتخطى الملايين.
واضاف:" ان الحكومة العراقية لا يمكنها تحمل هذه الاعباء بمفردها، خاصة في حال امتداد واستمرار اعمال العنف، مما يتطلب ضرورة تقديم مساعدات من الدول الاقليمية، والدول الاوروبية، والاميركية، فالعراق لن يتمكن بمفرده من مواجهة الارهاب."
وفي معرض رده عمّـا يمكن للحكومة العراقية ان تقوم به لمواجهة الازمة الانسانية في الموصل، قال المتحدث السابق باسم الحكومة العراقية، علي الدباغ:" لا يوجد وصف حقيقي لمدى المعاناة الانسانية، التي يعيشها النازحون، فارتفاع درجات الحرارة، والتي تصل الى اكثر من 55 درجة، وضعف البنى التحتية، وغياب إدارة حكومية لإدارة الازمات، عوامل من شأنها ان تزيد من تفاقم الاوضاع الانسانية داخل العراق، وتقف حائلاً امام الحكومة."