ما إن يُطلق الحكم صافرته معلناً بدء إحدى مباريات المونديال، حتى تبدأ هتافات جماهير كرة القدم تصدح في الشوارع المظلمة والمقاهي المضيئة في قطاع غزة، لتشجيع المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم. يجد الغزيون في كرة القدم متعة، عدا عن كونها "صديقة" للفقراء، بالنسبة إليهم.
هكذا، تُلهي مباريات كأس العالم محبي كرة القدم في غزة المحاصرة عن هموهم اليوميّة، وتجمعهم في مكان واحد، قد يكون أحد المقاهي المنتشرة على شاطئ البحر أو في الأحياء الشعبية، لأن الكهرباء لا تتوفّر في بيوتهم باستثناء نحو أربع ساعات.
بالنسبة إلى قطاع غزة، فإنّ كأس العالم مناسبة كروية تجمعهم في المقاهي والشوارع وبعض منازل أصدقائهم، إذ يحلو للأهالي متابعة المباريات معاً. كما أنّ لهذا نكهة خاصة في مجتمع يتعطّش إلى مناسبات تلهيه عن هموم الحصار الإسرائيلي والقصف المستمر في معظم الليالي، إضافة إلى أصوات طائرات الاستطلاع التي لا ترحم ليلهم.
منذ أوّل أيام عيد الفطر في 15 يونيو/ حزيران الحالي، يجتمع أحمد أبو دان (25 عاماً)، مع أصدقائه الأربعة يومياً في منزل أحدهم، وقد اتفقوا على مشاهدة المباريات المهمة في كل يوم من أيام المونديال على القنوات الأرضية التي تعرضها مجاناً للفلسطينيين.
أبو دان تخرج من كلية التربية في الجامعة الإسلامية، إلا أنه مع أصدقائه الأربعة عاطلون من العمل. يجدون بعضاً من المتعة خلال متابعة المباريات معاً، ويحرصون على شحن البطاريات ليتمكنوا من مشاهدة المباريات المهمة في مواعيدها. يقول لـ"العربي الجديد": "شبّان كثيرون في غزّة مهتمّون بكرة القدم، لأنّها وسيلة تفريغ مجانية لا ندفع ضريبتها. يكفينا ما نعيشه نتيجة الحصار الإسرائيلي أو الانقسام الفلسطيني أو العدوان المتكرر على غزة. لذلك، نعيش جواً ممتعاً قد يختلف عن مدن العالم. لكن نحاول الاستمتاع بالمشاهدة وسط كلّ الظلام من حولنا".
اقــرأ أيضاً
يشجّع أبو دان المنتخب البرازيلي إضافة إلى أحد أصدقائه. أما الثلاثة الباقون، فيشجعون المنتخب الأرجنتيني، لأنهم من مشجعي نادي برشلونة الإسباني الذي يلعب فيه ليونيل مسي. يلفت إلى أن غالبية جماهير كرة القدم في غزة تشجع المنتخب الأرجنتيني بسبب رفضه خوض مباراة ودية مع الكيان الصهيوني بمناسبة تأسيسه بعد النكبة الفلسطينية عام 1948.
لكنّ الجماهير الغزية، مثل عرب كثيرين، شعروا بخيبة أمل كبيرة من الفرق العربية في المونديال، بسبب أدائها الضعيف في كأس العالم. ونظراً للقرب الجغرافي والتاريخي بين الشعبين الفلسطيني والمصري، كانوا يأملون بتأهل المنتخب المصري، وتقديمه مستوى أفضل مع صعود نجم "ليفربول" الإنكليزي محمد صلاح إلى الساحة العالمية. لكنّه لم يحقّق الأمل وخرج من الدور الأول للبطولة.
من جهته، يقول فايز الأشرم (28 عاماً)، وموسى الأشرم (29 عاماً)، إنهما يتابعان مختلف البطولات العالمية منذ أكثر من 15 عاماً، ويتمنيان لو أن كأس العالم ينظّم في كل صيف، لأنهما يشعران بمتعة تنسيهما بعض مشاكلهما، كالبطالة وانقطاع الكهرباء. هما أبنا عم يتشاركان الهموم نفسها لأنّهما عاطلان من العمل منذ ثلاثة أعوام.
ويستذكر فايز الأشرم مونديال البرازيل في عام 2014. يذكر أن إسرائيل قصفت القطاع في 7 يوليو/ تموز من عام 2014. ظنّ أن القصف سيتوقف ويشاهد مباراة المنتخب البرازيلي والألماني في 8 يوليو/ تموز. لكنّ العدوان حرمه وآخرين من متابعة آخر أيام المونديال. يقول لـ"العربي الجديد": "المونديال جميل هذا العام ومليء بالصدمات للمنتخبات الكبيرة. نتابع المباريات كغيرنا من شبان لا توجد في منازلهم أجهزة استقبال لشبكة قنوات بي أن سبورت".
صاحب أحد المقاهي المنتشرة في شارع الرشيد على شاطئ بحر غزة، همام أبو النور، يقول لـ"العربي الجديد": "تشعر وكأن المونديال مناسبة ينتظرها الغزيون أكثر من أي مناسبة وطنية. للأسف، المناسبات الوطنية تسيطر عليها الأحزاب والشعارات الرنانة، وما من دور للشبان المكبوتين فيها. لكن في كأس العالم، يستمتعون بالمشاهدة مع الأصدقاء، ويفرغون طاقتهم سواء في الغضب أو الفرح بحسب نتائج المباريات".
اقــرأ أيضاً
ولا تقتصر مشاهدة المباريات في مقاهي ومطاعم غزة على الشبان والرجال. في صورة غير مألوفة، تشهد المقاهي والمطاعم على شاطئ البحر زيادة حضور العنصر النسائي لمشاهدة مباريات المونديال، منهن يحضرن مع أسرهن وأخريات مع مجموعة من الصديقات. ويتفاعلن مع الفرص والأهداف التي تحرز. تقول نادين رجب (25 عاماً)، لـ"العربي الجديد": "أشجع البرتغال وأحب كرستيانو رونالدو، لكونه لاعباً رشيقاً وبارعاً. أحب كرة القدم أكثر من السياسة التي نحن ضحية لها كفلسطينيين. في كرة القدم احترام للخاسر في المباريات. أما في السياسة، فالخاسرون ضحايا، وفيها قتل ودمار وأبرياء وخراب. هكذا، فإن فتيات كثيرات في غزة يتابعن كأس العالم بكل حب، حتى لو خسر فريقهن المفضّل".
هكذا، تُلهي مباريات كأس العالم محبي كرة القدم في غزة المحاصرة عن هموهم اليوميّة، وتجمعهم في مكان واحد، قد يكون أحد المقاهي المنتشرة على شاطئ البحر أو في الأحياء الشعبية، لأن الكهرباء لا تتوفّر في بيوتهم باستثناء نحو أربع ساعات.
بالنسبة إلى قطاع غزة، فإنّ كأس العالم مناسبة كروية تجمعهم في المقاهي والشوارع وبعض منازل أصدقائهم، إذ يحلو للأهالي متابعة المباريات معاً. كما أنّ لهذا نكهة خاصة في مجتمع يتعطّش إلى مناسبات تلهيه عن هموم الحصار الإسرائيلي والقصف المستمر في معظم الليالي، إضافة إلى أصوات طائرات الاستطلاع التي لا ترحم ليلهم.
منذ أوّل أيام عيد الفطر في 15 يونيو/ حزيران الحالي، يجتمع أحمد أبو دان (25 عاماً)، مع أصدقائه الأربعة يومياً في منزل أحدهم، وقد اتفقوا على مشاهدة المباريات المهمة في كل يوم من أيام المونديال على القنوات الأرضية التي تعرضها مجاناً للفلسطينيين.
أبو دان تخرج من كلية التربية في الجامعة الإسلامية، إلا أنه مع أصدقائه الأربعة عاطلون من العمل. يجدون بعضاً من المتعة خلال متابعة المباريات معاً، ويحرصون على شحن البطاريات ليتمكنوا من مشاهدة المباريات المهمة في مواعيدها. يقول لـ"العربي الجديد": "شبّان كثيرون في غزّة مهتمّون بكرة القدم، لأنّها وسيلة تفريغ مجانية لا ندفع ضريبتها. يكفينا ما نعيشه نتيجة الحصار الإسرائيلي أو الانقسام الفلسطيني أو العدوان المتكرر على غزة. لذلك، نعيش جواً ممتعاً قد يختلف عن مدن العالم. لكن نحاول الاستمتاع بالمشاهدة وسط كلّ الظلام من حولنا".
يشجّع أبو دان المنتخب البرازيلي إضافة إلى أحد أصدقائه. أما الثلاثة الباقون، فيشجعون المنتخب الأرجنتيني، لأنهم من مشجعي نادي برشلونة الإسباني الذي يلعب فيه ليونيل مسي. يلفت إلى أن غالبية جماهير كرة القدم في غزة تشجع المنتخب الأرجنتيني بسبب رفضه خوض مباراة ودية مع الكيان الصهيوني بمناسبة تأسيسه بعد النكبة الفلسطينية عام 1948.
لكنّ الجماهير الغزية، مثل عرب كثيرين، شعروا بخيبة أمل كبيرة من الفرق العربية في المونديال، بسبب أدائها الضعيف في كأس العالم. ونظراً للقرب الجغرافي والتاريخي بين الشعبين الفلسطيني والمصري، كانوا يأملون بتأهل المنتخب المصري، وتقديمه مستوى أفضل مع صعود نجم "ليفربول" الإنكليزي محمد صلاح إلى الساحة العالمية. لكنّه لم يحقّق الأمل وخرج من الدور الأول للبطولة.
من جهته، يقول فايز الأشرم (28 عاماً)، وموسى الأشرم (29 عاماً)، إنهما يتابعان مختلف البطولات العالمية منذ أكثر من 15 عاماً، ويتمنيان لو أن كأس العالم ينظّم في كل صيف، لأنهما يشعران بمتعة تنسيهما بعض مشاكلهما، كالبطالة وانقطاع الكهرباء. هما أبنا عم يتشاركان الهموم نفسها لأنّهما عاطلان من العمل منذ ثلاثة أعوام.
ويستذكر فايز الأشرم مونديال البرازيل في عام 2014. يذكر أن إسرائيل قصفت القطاع في 7 يوليو/ تموز من عام 2014. ظنّ أن القصف سيتوقف ويشاهد مباراة المنتخب البرازيلي والألماني في 8 يوليو/ تموز. لكنّ العدوان حرمه وآخرين من متابعة آخر أيام المونديال. يقول لـ"العربي الجديد": "المونديال جميل هذا العام ومليء بالصدمات للمنتخبات الكبيرة. نتابع المباريات كغيرنا من شبان لا توجد في منازلهم أجهزة استقبال لشبكة قنوات بي أن سبورت".
صاحب أحد المقاهي المنتشرة في شارع الرشيد على شاطئ بحر غزة، همام أبو النور، يقول لـ"العربي الجديد": "تشعر وكأن المونديال مناسبة ينتظرها الغزيون أكثر من أي مناسبة وطنية. للأسف، المناسبات الوطنية تسيطر عليها الأحزاب والشعارات الرنانة، وما من دور للشبان المكبوتين فيها. لكن في كأس العالم، يستمتعون بالمشاهدة مع الأصدقاء، ويفرغون طاقتهم سواء في الغضب أو الفرح بحسب نتائج المباريات".
ولا تقتصر مشاهدة المباريات في مقاهي ومطاعم غزة على الشبان والرجال. في صورة غير مألوفة، تشهد المقاهي والمطاعم على شاطئ البحر زيادة حضور العنصر النسائي لمشاهدة مباريات المونديال، منهن يحضرن مع أسرهن وأخريات مع مجموعة من الصديقات. ويتفاعلن مع الفرص والأهداف التي تحرز. تقول نادين رجب (25 عاماً)، لـ"العربي الجديد": "أشجع البرتغال وأحب كرستيانو رونالدو، لكونه لاعباً رشيقاً وبارعاً. أحب كرة القدم أكثر من السياسة التي نحن ضحية لها كفلسطينيين. في كرة القدم احترام للخاسر في المباريات. أما في السياسة، فالخاسرون ضحايا، وفيها قتل ودمار وأبرياء وخراب. هكذا، فإن فتيات كثيرات في غزة يتابعن كأس العالم بكل حب، حتى لو خسر فريقهن المفضّل".