هذا هو موسم الحج الأكبر في التاريخ. هذا ما تشير إليه توقعات وزارة الحج والعمرة، إذ من المتوقّع أن يتجاوز عدد الحجاج هذا العام 4.5 ملايين حاج، بعد الانتهاء من أعمال توسعة الحرمين التي امتدت خلال السنوات الثلاث الماضية، والتي تسبّبت في هبوط حصص الحجاج من الداخل والخارج إلى نصفها.
في تلك السنوات، أغلق أكثر من ثلثَي مساحات المسجد الحرام، وفي العام الماضي أغلق 81.5 ألف متر مربع تقريباً من ساحات المسجد وخصّصت للآليات والمعدّات ولأكثر من 35 ألفاً من المشرفين والمهندسين والعمال لإنهاء المرحلة الثالثة من مشروع خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبد العزيز. ويرفع المشروع قدرة الاستيعاب، ليصل العدد الإجمالي للمصلين إلى نحو ثلاثة ملايين مصلٍّ إلى جانب 105 آلاف طائف حول الكعبة في الساعة الواحدة. أما مساحة المصليات المطلة فتمتدّ على مساحة 56 ألفاً و660 متراً مربعاً، على أن تستوعب ساحات وأسطح المصليات الشمالية المطلة وحدها، نحو 187 ألف مصل إضافي تقريباً.
ويشير الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس، إلى أنّ "الاستفادة من مشروع التوسعة السعودية الثالثة سوف تشمل الدور الأرضي كله والدور الأول ميزانين مع السلالم الكهربائية والمصاعد، ومن جسر الساحة الشرقية الموازي إلى سور قصر الصفا، كذلك سوف تكون الإفادة من تكييف الدور الأول في التوسعة السعودية الأولى من سُلَّم الصفا إلى منتصف توسعة الملك فهد، وتكييف القبو للمرحلة الثانية بالتوسعة السعودية الأولى ابتداءً من قبو باب الملك عبدالعزيز إلى منتصف المنطقة الواقعة أمام قبو توسعة الملك فهد". ويوضح لـ "العربي الجديد" أنّ "تكييف الدور الأرضي انتهى بالكامل بالإضافة إلى دور القبو، مع تجهيز أكثر من 600 مروحة تلطيف هواء في المسجد الحرام".
يضيف السديس أنّ "20 ألف وحدة جهّزت من وحدات دورات المياه، وأكثر من ستة آلاف ميضأة موزعة في ساحات المسجد الحرام. كذلك وفّرت كل الخدمات، كماء زمزم، وهيّأت الفرش وعربات الغولف الخاصة بنقل كبار السنّ من المعتمرين والزوار، بالإضافة إلى تنظيم دخول المصلين وخروجهم، والقضاء على المخالفات وتهيئة الساحات للصلاة والعناية بنظافتها، وكل ما يساعد قاصدي الحرمين الشريفين على أداء نسكهم بكل يسر وسهولة".
ويتابع السديس إنّ "إزالة جسر الطواف المؤقت رفع الطاقة الاستيعابية لصحن المطاف من 19 ألف طائف في الساعة الواحدة إلى 30 ألفاً، وسوف يحتاج الحجاج (4.5 ملايين) الذين يؤدون الفريضة هذا العام إلى نحو 43 ساعة للانتهاء من طوافَي الإفاضة والوداع.
إلى ذلك، يقول السديس إنّ "في إمكان الطائفين رؤية الكعبة المشرفة مباشرة من دون أيّة عوائق بصرية. وقد أعدّ موقع صلاة الإمام في الدور الأرضي من المرحلة الأولى المقابل لمقام إبراهيم، كذلك جهّزت المركزية المؤقتة، الواقعة ما بين المرحلة الأولى من مشروع المطاف والمسعى الأرضي الأقرب إلى الصفا، بكل الأنظمة الصوتية لغرفة الأذان وغرفة التحكم مع استمرار تشغيل أدوار المسعى وأدوار مبنى توسعة الملك فهد، وأدوار المرحلة الأولى من مشروع توسعة المطاف. كذلك، يُستفاد من مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتوسعة الساحات الشمالية".
من جهته، يقول مدير إدارة المشاريع في الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، المهندس سلطان القرشي، إنّ "كل مسطحات الطواف بما فيها المرحلة الثالثة، قد شُغّلت، وهو الأمر الذي رفع قدرة الطاقة الاستيعابية إلى 105 آلاف طائف في الساعة الواحدة". يضيف لـ "العربي الجديد" أنّ "العمل بمعظم مساحات التوسعة بدأ قبل شهر تقريباً، وكان التشغيل التجريبي مثاليّاً، خصوصاً أنّ التوسعة تضمّ أحدث وأرقى النظم الكهربائية والميكانيكية المتناسقة مع الطراز المعماري الحالي للمسجد الحرام ومشابهة له تقريباً". ويؤكد أنّ "التوسعة أمّنت منظومة متكاملة، شملت سلالم متحركة وثابتة ومصاعد، ورُوعِيَت فيها أدق معايير الاستدامة من خلال توفير استهلاك الطاقة والموارد الطبيعية، مع اعتماد أفضل أنظمة تكييف وإضاءة".
في سياق متّصل، يقول كبير مطوفي الحرم، عبد العزيز موسى، إنّ "أموراً كثيرة سوف تكون مختلفة في حجّ هذا العام، أكثر من التوسعة العملاقة". يضيف لـ "العربي الجديد: "تجهيزات كثيرة وُفّرت هذا العام، فالسلالم المتحركة والأدوار الجديدة سوف تجعل الأمور أكثر سلاسة في الحج. لن نشاهد الازدحام الخانق الذي كان يسجّل في السنوات الماضية، كذلك فإنّ عودة الحجاج بكامل أعدادهم سوف ينعش المنطقة المركزية حول الحرم، التي عانت لفترة طويلة من الركود من جرّاء تقليص أعدادهم".