الموريتانيون يلجأون إلى التعاويذ خوفاً من "إيبولا"

22 اغسطس 2014
موريتانيون كثر لجأوا إلى الوصفات الشعبية لمواجهة وباء إيبولا(Getty)
+ الخط -
 
لم يعد من المفاجئ أن تجد في أسواق العاصمة الموريتانية نواكشوط، إلى جانب كل المستلزمات اليومية والتقليدية، وصفات شعبية للعلاج من فيروس "إيبولا" والوقاية منه، يشك كثيرون، في أنّها غير مفيدة، إلاّ لجيوب البائعين. فالموجة الحالية من انتشار الفيروس في أفريقيا، لم تتوقف عند حدود الشأن الطبي الخالص، بل اخترقت المجتمعات وعاداتها، لتنشئ أشكالاً جديدة من التفاعل اليومي بين الناس خاصة على مستوى العادات والتقاليد الشعبية. أشكال يشوبها الحذر في معظم الأحيان.

وفي موريتانيا ازداد الخوف من الفيروس، خاصة مع إعلان السلطات، عن إجراءات غير مسبوقة لمواجهة "إيبولا"، خصوصاً في ظلّ موسم استقبال المغتربين العائدين من دول أفريقية تأكد رسمياً إصابتها بالفيروس، وأثّرت عودتهم تأثيراً ملحوظا في العادات الاجتماعية المعهودة للموريتانيين.

فالموريتاني المعروف بعاطفته الكبيرة، بخاصة على صعيد الترحيب بالضيوف والمسافرين، بات يحرص حرصاً شديداً على المصافحة باليد دون غيرها. فلم يعد العناق، في مناطق الشرق والغرب، هو السائد، ولا قبلات، بعد اليوم، بين الأقرباء والأصدقاء. وجاء ذلك، بالدرجة الأولى، بعد تنبيهات طبية، من مثل هذه العادات، التي ترفع احتمالات الإصابة بالمرض. ولم يتوقف أشخاص آخرون عند هذا الحد، للوقاية، بل لجأ كثير منهم إلى وضع اللثام، طلباً للحماية من العدوى.

الامتناع عن ممارسة عادة الترحيب، بكامل عناصرها، تتسبب بخرق لكثير من تقاليد الموريتانيين الأصيلة المتوارثة. وقد تجلى ذلك، خاصة، مع زيارة المغتربين العائدين من الدول الأفريقية، للتهنئة وتلقي الهدايا. فلم يعد المغترب، العائد إلى موريتانيا، مرحباً به، كما كان الوضع دائماً، رغم كل ما يحمله من هدايا... فللمرض ضروراته، وللوقاية منه أولويات، لا تغيب عن يوميات الناس.


للمحتالين نصيبهم

على الصعيد الاقتصادي، عانت مناطق الجنوب والشرق، وهي مصايف البلاد التقليدية، من الركود، بسبب عزوف الموريتانيين عن زيارتها في عز موسم الاصطياف. فقد نصح الأطباء بتجنب الإقتراب من المناطق الموبوءة، وحدودها.

وقالت حياة بنت المصطفى، التي تقطن في مدينة تمبدغة، القريبة من الحدود الجنوبية، في حديثها إلى "العربي الجديد" إنّ "الأسواق تأثرت بخوف الناس من المرض، والزائرون باتوا أقلّ عدداً، بكثير، من المواسم السابقة، بينما اقتصر إقبال أهل المدينة على شراء مستلزمات البيت، لا النزهات كما كان سابقاً". وأضافت أنّ "المناطق الشرقية والجنوبية كانت تشهد اقبالا كبيرا من سياح ووافدين، بخاصة باتجاه مناطقها الساحلية والشمالية، بهدف زيارة الأهل والاصطياف، لكن الخوف من انتقال الإيبولا أثّر على الموسم السياحي بأكمله في المنطقة".

في المقابل، استغل كثير من البائعين، الخوف من المرض، فغزت الأسواق الشعبية الموريتانية، منتجات خاصة بالمعالجة والوقاية، ذهب بعضها إلى حدود التلاعب والاحتيال. ففي حين تنتشر وصفات طبية شعبية غير مفيدة غالباً، بدأ البعض ببيع تعويذات خاصة بالحماية من المرض.


حملات توعية

رسمياً، اتخذت السلطات الموريتانية عدداً من الإجراءات الاحترازية، فنظمت حملات للتوعية بخصوص المرض وطرق الوقاية منه. كما أطلقت حملات تلقيح موسعة ضد الملاريا، وحمى الوادي المتصدع، علماً أنّ أعراضهما تتشابه وأعراض "إيبولا". وعن ذلك يقول الطبيب سيدي محمد ولد حمادي لـ"العربي الجديد"، إنّ هناك "تشابهاً وتشابكاً، ما بين أعراض العديد من الحمّيّات، المنتشرة في موريتانيا، في فصل الصيف"، بخاصة أنّ "أغلبها يتسبب في ارتفاع في درجة الحرارة لدى المصاب، بالإضافة إلى معاناته من الإسهال والنزيف والتقيؤ".

ويضيف الطبيب، المتخصص في الحساسية والأمراض المعدية، أنّ هذا التشابه يتسبب في حيرة لدى المصابين وارتباك يدفعهم إلى الشك في بعض الأعراض. وهذا ما يدفع الأهالي إلى إخضاع كلّ من يصاب بأنواع الحمّى المختلفة، لفحص "إيبولا"، وهو "ما يشكل عبئاً إضافياً على المستشفيات والمؤسسات الطبية العاملة في البلاد".

ويشير ولد حمادي إلى أنّ "جهل الناس بالمرض قد يتسبب في عواقب وخيمة خاصة في فصل الصيف وعودة المغتربين". ويدعو إلى تكثيف الحملات الخاصة برصد المرض والتوعية بخصوص طرق انتقال العدوى، لا سيما في مناطق التجمعات السكنية الكبيرة، وعبر وسائل الإعلام، والرسائل النصية ووسائل التواصل الاجتماعي.
المساهمون