في زقاق أحد الأحياء الشعبية في العاصمة الرباط يعمل مختار توري القادم من ساحل العاج، بجد ودوام كامل في محله الصغير المتخصص في إصلاح المعدات المنزلية، آملا في ضمان مستقبل آمن في المغرب، رغم الصعوبات التي واجهها قبل حصوله على بطاقة الإقامة منذ سنة.
بالنسبة لمختار الذي يعيش في المغرب منذ تسع سنوات مستعينا بمهن موسمية أو مؤقتة، بعدما فر من الصراع الذي دار في بلده "لم تكن الأمور سهلة في البداية بل كانت شبه مستحيلة!".
لكن بعد سنوات من الكفاح استطاع توري؛ وهو رب أسرة الحصول في 2013 على تصريح بالإقامة القانونية في المغرب، وتحسنت أحواله أكثر بفضل تمويل حصل عليه من "الجمعية المغربية لدعم وتشجيع المقاولات الصغيرة".
هذا التمويل الذي يدخل في إطار تشجيع المشاريع الصغيرة أو "الأنشطة المدرة للدخل" ساعد مختار توري من ناحية على إيجاد سقف منزل يعيش تحته مع أسرته، ومن ناحية ثانية مكنه من استئجار محل صغير حيث أطلق ورشته لإصلاح الأدوات المنزلية.
واليوم بعد مرور أربعة أشهر على افتتاح ورشته الصغيرة التي تبلغ مساحتها عشرة أمتار مربعة، استطاع توري كسب ثقة الزبائن حيث يفد عليه يوميا أربعة من سكان الحي الشعبي لإصلاح أدواتهم المنزلية، حتى أنه وظف مهاجرا آخر هو "سيلفان" المنحدر من موطنه ساحل العاج. واليوم سمعة توري بين سكان الحي الشعبي الذي يعيش ويعمل فيه صارت جيدة.
ويقول باعتزاز إن "90 في المائة من زبائني هم المغاربة". وبجانبه تقف امرأة تلبس جلبابا مغربيا، وهي تخاطبه بلغة دارجة "قالت لي جارتي إنك تصلح الغسالات بشكل جيد".
وبالنسبة لهذا اللاجئ الذي يخوض غمار تجربة الاندماج في بلد غير بلده، تبدو العودة إلى بلده "أمرا غير مطروح" في الوقت الراهن. فهو كما يقول يرغب في "تحويل ورشتي الصغيرة إلى شركة".
ويشهد المغرب اليوم تحولا عميقا في علاقته بالمهاجرين. فبعدما كان بلد عبور إلى أوروبا، أصبح اليوم بلد استقبال بسبب الأزمة الاقتصادية التي تضرب القارة العجوز من ناحية، وبسبب تشديد المراقبة الأمنية على الحدود.
وقامت الرباط نهاية 2013 في إطار التأقلم مع واقع الهجرة الجديد من ناحية، وردا على الانتقادات اللاذعة للمنظمات غير الحكومية بانتهاك حقوق المهاجرين من ناحية ثانية، بإطلاق سياسة جديدة للهجرة لتسوية الوضعية القانونية لنحو 30 ألف مهاجر ولاجىء على أراضيها.
وحتى الآن ما زالت العملية مستمرة حتى انتهائها أواخر 2014، وقد منحت اللجان المختصة في دراسة طلبات التسوية 4385 بطاقة حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول مقابل أكثر من 20 ألف ملف تم وضعه لدى السلطات.
وفي الدار البيضاء العاصمة الاقتصادية، يترأس سيرج غناكو جمعية للمهاجرين تحمل اسم "القوة الأفريقية لتضامن أبناء الله". لكنه قبل ذلك كان واحدا من الذين عانوا كثيرا من عمليات الترحيل المتتالية قبل أن يحصل على أوراق الإقامة.
والرجل القادم من ساحل العاج والبالغ من العمر 35 عاما وصل إلى المغرب قبل خمس سنوات كلاجئ. وهو يعتقد أن "المستقبل في المغرب ممكن، سوف أعلم ابني اللغة العربية"، كما يقول وهو جالس على أريكة بيضاء في غرفة المعيشة بجانب زوجته ميراي، داخل منزلهما.
هذا الشاب ذو المستوى الجامعي الذي يعيش اليوم من أتعاب الدروس التي يعطيها في اللغة الفرنسية، يرى أن الأمور تحسنت كثيرا بالنسبة له، مشيرا إلى أنه كان "في البداية، ضحية لقمع متواتر".
وخلال مدة عيشه في وضعية غير قانونية على أراضي المملكة المغربية كما يشرح سيرج غناكو "كان من الصعب جدا الذهاب للعلاج في المشفى أو تسجيل الأبناء في المدرسة، لكن الأمور تغيرت الآن".
وفي حي الألفة في مدينة الدار البيضاء حيث الإيجارات منخفضة نسبيا، تستقبل المدرسة الحكومية نحو خمسة عشر طفلا ينحدرون من دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وذلك بعد صدور مرسوم من وزارة التعليم في إطار تفعيل سياسة الهجرة الجديدة للرباط.
ورغم بداية الاندماج التدريجي للمهاجرين داخل المجتمع المغربي، ما زالت أمامهم أشواط كبيرة يقطعونها في بلد تبلغ فيه نسبة بطالة الشباب نحو 30 في المائة.
وبالنسبة لروبن يينوه أودوي العضو في "مجلس مهاجري جنوب الصحراء في المغرب" فإن "بطاقة إقامة تتيح لك فقط الحق في الحصول على عمل بشكل قانوني، لكنها لا تعني أنك ستجد عملا".
وبالنسبة لهذا الشاب الغاني فإن الكثيرين ما زالوا يفكرون في العبور بحرا نحو أوروبا، في إشارة منه إلى المحاولات الكثيرة والمحفوفة بالأخطار للوصول إلى الجارة الإسبانية، على متن قوارب متهالكة في أغلب الأحيان.
ويحاول مئات المهاجرين غير النظاميين اقتحام السلك الحدودي لمدينة سبتة الإسبانية الواقعة على الساحل الشمالي للمغرب، حيث تعتقل السلطات عشرات منهم كل مرة.
ويفصل المدينتين عن المغرب سياج حدودي يبلغ ارتفاعه سبعة أمتار، وتعلوه أسلاك شائكة تندد الجمعيات الحقوقية باستعمال السلطات الإسبانية لها، إضافة إلى أن المغرب شرع من جهته في بناء سياج سلكي مضاعف وبالمواصفات نفسها، حسب الحقوقيين، بينه وبين مدينة مليلية لإفشال محاولات المهاجرين المتكررة.
ويعتبر إدريس اليزمي رئيس مجلس حقوق الإنسان (مؤسسة شبه حكومية) تشارك إلى جانب السلطات من منظور حقوقي، في عملية تسوية ملفات طالبي الإقامة، أن العملية لا تزال في "بدايتها".
وبالنسبة للمسؤول المغربي فإن "الحصول على أوراق الإقامة لا يعالج مسألة إدماج بطريقة سحرية".
ويبقى التعايش بين جماعات من توجهات ثقافية وعرقية مختلفة أمرا ليس سهلا في المغرب. ففي أغسطس/آب مات شاب سنغالي في اشتباكات عنيفة بين مهاجرين وسكان أحد الأحياء الشعبية في مدينة طنجة شمالا.
لكن مثل هذه الصعوبات لا تخيف النيجيري سيمون إيبكونو الذي يعمل موسيقيا. فهو يقول بلهجة مغربية دارجة واضحة "أنا مغربي وحتى يومنا هذا أعمل بجد لتأسيس شركتي الخاصة في مجال تنظيم الأحداث، حتى أصير مديرا على نفسي".
بالنسبة لمختار الذي يعيش في المغرب منذ تسع سنوات مستعينا بمهن موسمية أو مؤقتة، بعدما فر من الصراع الذي دار في بلده "لم تكن الأمور سهلة في البداية بل كانت شبه مستحيلة!".
لكن بعد سنوات من الكفاح استطاع توري؛ وهو رب أسرة الحصول في 2013 على تصريح بالإقامة القانونية في المغرب، وتحسنت أحواله أكثر بفضل تمويل حصل عليه من "الجمعية المغربية لدعم وتشجيع المقاولات الصغيرة".
هذا التمويل الذي يدخل في إطار تشجيع المشاريع الصغيرة أو "الأنشطة المدرة للدخل" ساعد مختار توري من ناحية على إيجاد سقف منزل يعيش تحته مع أسرته، ومن ناحية ثانية مكنه من استئجار محل صغير حيث أطلق ورشته لإصلاح الأدوات المنزلية.
واليوم بعد مرور أربعة أشهر على افتتاح ورشته الصغيرة التي تبلغ مساحتها عشرة أمتار مربعة، استطاع توري كسب ثقة الزبائن حيث يفد عليه يوميا أربعة من سكان الحي الشعبي لإصلاح أدواتهم المنزلية، حتى أنه وظف مهاجرا آخر هو "سيلفان" المنحدر من موطنه ساحل العاج. واليوم سمعة توري بين سكان الحي الشعبي الذي يعيش ويعمل فيه صارت جيدة.
ويقول باعتزاز إن "90 في المائة من زبائني هم المغاربة". وبجانبه تقف امرأة تلبس جلبابا مغربيا، وهي تخاطبه بلغة دارجة "قالت لي جارتي إنك تصلح الغسالات بشكل جيد".
وبالنسبة لهذا اللاجئ الذي يخوض غمار تجربة الاندماج في بلد غير بلده، تبدو العودة إلى بلده "أمرا غير مطروح" في الوقت الراهن. فهو كما يقول يرغب في "تحويل ورشتي الصغيرة إلى شركة".
ويشهد المغرب اليوم تحولا عميقا في علاقته بالمهاجرين. فبعدما كان بلد عبور إلى أوروبا، أصبح اليوم بلد استقبال بسبب الأزمة الاقتصادية التي تضرب القارة العجوز من ناحية، وبسبب تشديد المراقبة الأمنية على الحدود.
وقامت الرباط نهاية 2013 في إطار التأقلم مع واقع الهجرة الجديد من ناحية، وردا على الانتقادات اللاذعة للمنظمات غير الحكومية بانتهاك حقوق المهاجرين من ناحية ثانية، بإطلاق سياسة جديدة للهجرة لتسوية الوضعية القانونية لنحو 30 ألف مهاجر ولاجىء على أراضيها.
وحتى الآن ما زالت العملية مستمرة حتى انتهائها أواخر 2014، وقد منحت اللجان المختصة في دراسة طلبات التسوية 4385 بطاقة حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول مقابل أكثر من 20 ألف ملف تم وضعه لدى السلطات.
وفي الدار البيضاء العاصمة الاقتصادية، يترأس سيرج غناكو جمعية للمهاجرين تحمل اسم "القوة الأفريقية لتضامن أبناء الله". لكنه قبل ذلك كان واحدا من الذين عانوا كثيرا من عمليات الترحيل المتتالية قبل أن يحصل على أوراق الإقامة.
والرجل القادم من ساحل العاج والبالغ من العمر 35 عاما وصل إلى المغرب قبل خمس سنوات كلاجئ. وهو يعتقد أن "المستقبل في المغرب ممكن، سوف أعلم ابني اللغة العربية"، كما يقول وهو جالس على أريكة بيضاء في غرفة المعيشة بجانب زوجته ميراي، داخل منزلهما.
هذا الشاب ذو المستوى الجامعي الذي يعيش اليوم من أتعاب الدروس التي يعطيها في اللغة الفرنسية، يرى أن الأمور تحسنت كثيرا بالنسبة له، مشيرا إلى أنه كان "في البداية، ضحية لقمع متواتر".
وخلال مدة عيشه في وضعية غير قانونية على أراضي المملكة المغربية كما يشرح سيرج غناكو "كان من الصعب جدا الذهاب للعلاج في المشفى أو تسجيل الأبناء في المدرسة، لكن الأمور تغيرت الآن".
وفي حي الألفة في مدينة الدار البيضاء حيث الإيجارات منخفضة نسبيا، تستقبل المدرسة الحكومية نحو خمسة عشر طفلا ينحدرون من دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وذلك بعد صدور مرسوم من وزارة التعليم في إطار تفعيل سياسة الهجرة الجديدة للرباط.
ورغم بداية الاندماج التدريجي للمهاجرين داخل المجتمع المغربي، ما زالت أمامهم أشواط كبيرة يقطعونها في بلد تبلغ فيه نسبة بطالة الشباب نحو 30 في المائة.
وبالنسبة لروبن يينوه أودوي العضو في "مجلس مهاجري جنوب الصحراء في المغرب" فإن "بطاقة إقامة تتيح لك فقط الحق في الحصول على عمل بشكل قانوني، لكنها لا تعني أنك ستجد عملا".
وبالنسبة لهذا الشاب الغاني فإن الكثيرين ما زالوا يفكرون في العبور بحرا نحو أوروبا، في إشارة منه إلى المحاولات الكثيرة والمحفوفة بالأخطار للوصول إلى الجارة الإسبانية، على متن قوارب متهالكة في أغلب الأحيان.
ويحاول مئات المهاجرين غير النظاميين اقتحام السلك الحدودي لمدينة سبتة الإسبانية الواقعة على الساحل الشمالي للمغرب، حيث تعتقل السلطات عشرات منهم كل مرة.
ويفصل المدينتين عن المغرب سياج حدودي يبلغ ارتفاعه سبعة أمتار، وتعلوه أسلاك شائكة تندد الجمعيات الحقوقية باستعمال السلطات الإسبانية لها، إضافة إلى أن المغرب شرع من جهته في بناء سياج سلكي مضاعف وبالمواصفات نفسها، حسب الحقوقيين، بينه وبين مدينة مليلية لإفشال محاولات المهاجرين المتكررة.
ويعتبر إدريس اليزمي رئيس مجلس حقوق الإنسان (مؤسسة شبه حكومية) تشارك إلى جانب السلطات من منظور حقوقي، في عملية تسوية ملفات طالبي الإقامة، أن العملية لا تزال في "بدايتها".
وبالنسبة للمسؤول المغربي فإن "الحصول على أوراق الإقامة لا يعالج مسألة إدماج بطريقة سحرية".
ويبقى التعايش بين جماعات من توجهات ثقافية وعرقية مختلفة أمرا ليس سهلا في المغرب. ففي أغسطس/آب مات شاب سنغالي في اشتباكات عنيفة بين مهاجرين وسكان أحد الأحياء الشعبية في مدينة طنجة شمالا.
لكن مثل هذه الصعوبات لا تخيف النيجيري سيمون إيبكونو الذي يعمل موسيقيا. فهو يقول بلهجة مغربية دارجة واضحة "أنا مغربي وحتى يومنا هذا أعمل بجد لتأسيس شركتي الخاصة في مجال تنظيم الأحداث، حتى أصير مديرا على نفسي".