تصريحات متضاربة يطلقها الساسة الغربيون من نيويورك حول سير المحادثات في الملف النووي الإيراني.
ففي الوقت الذي أعلن فيه وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، عن إلغاء الاجتماع الوزاري الذي كان مزمعاً عقده، يوم الجمعة، في نيويورك لمباشرة المباحثات، أعلن نظيره الروسي، سيرغي لافروف، عن تفاؤله "الحذر" بالتوصل إلى اتفاق نهائي بحلول 24 من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وهي المهلة الرسمية لذلك.
وجاءت كلمة وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، مشابهة قائلاً، عقب لقائه مع الرئيس الإيراني حسن روحاني في نيويورك، إن الدول الكبرى "قريبة من التوصل إلى اتفاق مع إيران حول ملفها النووي أكثر من أي وقت مضى".
وعزا الوزير الفرنسي، في مؤتمر صحافي عقده على هامش اجتماعات الجمعية العامة، الجمعة، إلغاء الاجتماع إلى فشل التوصل لتقدم في المحادثات، مضيفاً: "لم نحقق تقدماً يذكر حتى هذا للحظة التي أتحدث فيها".
وعقد الطرفان، الإيراني من جهة، ومجموعة الـ "5+1"، والتي تضم الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا، من جهة ثانية، اجتماعات عدة حول هذا الشأن في الأسبوع الأخير في نيويورك. وأكد الوزير الفرنسي على الحاجة الماسة لتحديد موعد جديد لاستكمال المفاوضات.
وترغب الدول الغربية، مدعومة بالأمم المتحدة ودول الجوار وإسرائيل، في ضمان عدم امتلاك إيران لأسلحة ذرية وأن تقتصر قدرتها النووية على الاستخدام السلمي فحسب. وتنكر إيران سعيها لامتلاك أسلحة ذرية، وتقول إن برنامجها النووي لأغراض سلمية فقط. ويختلف الطرفان حول مفاعل آراك وأجهزة الطرد المركزية. وتعليقاً على هذا الشأن، قال فابيوس: "إذا كانت إيران قد تخلّت عن رغبتها بحيازة أسلحة ذرية، فهي لا تحتاج إلى هذا العدد من أجهزة الطرد".
ويرى خبراء أن المتفائلين، وإنْ بحذر، في شأن التوصل إلى اتفاق حول الملف النووي الإيراني، يعوّلون على التطورات الإقليمية على الأرض، وخاصة في الأشهر الأخيرة.
وفي هذا السياق، يمكن قراءة تصريحات وزير الخارجية الروسي في المؤتمر الصحافي الذي عقده في نيويورك، الجمعة. إذ أكد الوزير، مرات عدة، على "أهمية الدور الإيراني في محاربة الإرهاب"، وشدد كذلك على أهميته للتوصل إلى تسوية في الشأن السوري، قائلاً إن "إبعاد إيران عن محادثات جنيف كان سياسة خاطئة". وأصرّ لافروف على أن "تخلّي بشار الأسد عن الحكم لن يكون الحل لمشاكل سورية"، داعياً إلى تشكيل مجموعة اتصال حول سورية تشارك فيها إيران ودول الجوار.
ولم تبتعد الكلمة التي ألقاها الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أمام الجمعية العامة، الخميس الماضي، كثيراً عن تصريحات لافروف. إذ لمّح روحاني إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق نووي قبل انتهاء المدة المحددة، إذا أظهر الغرب مرونة في سبيل ذلك، قائلاً: "يجب اتخاذ قرارات شجاعة من أجل التوصل إلى اتفاق نووي طويل الأمد". وكان البيت الأبيض قد أعلن، على لسان المتحدث باسمه جوش أرنست، أن "الجهود لإقناع إيران بالتخلي عن برنامجها النووي منفصلة تماماً عن الجهود لبناء تحالف ضد داعش".
لكن المثير في سيل التصريحات حول الملف النووي الإيراني، هو أنها لا تختلف عن تلك التي صدرت قبل تمديد موعد المهلة الأولى في تموز الماضي، التي كان قد حددها الطرفان للتوصل إلى اتفاق نهائي.
وفي ظل التطور السريع على الأرض وأهمية النفوذ الإيراني، يبدو أن تمديداً جديداً يلوح في الأفق، أو أن تكون هناك تسهيلات في التعامل مع الملف مقابل قيام إيران بتقديم تسهيلات ومساعدات من جانبها في سياق محاربة "داعش". وإذا توصل الطرفان إلى اتفاق نهائي في الملف النووي الإيراني، فسيرفع الحصار المنهك لاقتصادها.