الملف: المنطقة الحرة الموريتانية كبوابة للتنمية

22 أكتوبر 2014
سال لو /فرانس برس/getty)
+ الخط -
يتوقع العديد من الخبراء الاقتصاديين الموريتانيين ان تكون المنطقة الاقتصادية ‏الحرة التي تم الاعلان عنها في منتصف العام الماضي، بوابة للتنمية الشاملة في موريتانيا، سواء من خلال توفير فرص عمل للشباب، أو جذب ‏استثمارات جديدة. بينما يرى البعض الآخر أن هناك الكثير من الاجراءات التي ‏ينبغي على الحكومة الموريتانية اتخاذها لكي تحقق المنطقة اهدافها من إحداث ‏التنمية الحقيقية.‏‎ ‎
‎تقع المنطقة الاقتصادية الحرة فى مدينة نواذيبو وهي العاصمة الاقتصادية لموريتانيا، ‏وتعتبر مركزاً رئيسياً لخطوط التجارة الدولية، حيث الحاجة الماسة إلى تموين ‏السفن وإقامة المخازن وتفريغ السلع وإعادة شحنها.

البنى التحتية 

بدأت الإرهاصات الأولى لمشروع منطقة "نواذيبو" الحرة في فترة الرئيس السابق ‏سيد محمد ولد الشيخ عبد الله، إلا أن الظروف السياسية المضطربة التي عاشتها ‏البلاد حينها حالت دون البدء في تنفيذه، إلى أن أعلن عنه فجأة الرئيس الحالي محمد ‏ولد عبد العزيز، في اجتماع مجلس الوزراء المنعقد بتاريخ 10 يناير 2013، وقبلها ‏بأسابيع صادقت الجمعية الوطنية على مشروع قانون رقم 01/2013 المنشئ ‏للمنطقة الاقتصادية الحرة‎.‎
‎ وعلى رغم موقع المنطقة الاستراتيجي بشواطئها الجميلة ، تفتقر مدينة "نواذيبو" ‏للبنية التحتية التي تشكل ركيزة التنمية، مما يمنعها من منافسة المنطقتين الحرتين ‏النشطتين المحيطتين بها من الشمال والجنوب (مدينة طنجة في المغرب وداكار في ‏السينغال). ‏‎
يقول المحلل الاقتصادي، الشيخ أحمد ولد داداه، في تصريح لـ "العربي الجديد" إن ‏"مشروع المنطقة الحرة ولد فجأة من دون تحضير، ما ترتب عنه افتقاره للبنية التحية ‏الضرورية، كالفنادق وشبكة الطرق، والمناطق المستصلحة". ويضيف أن سكان مدينة نواذيبو أصيبوا بخيبة أمل كبيرة بعد أن تنبّهوا الى أن المشروع ‏غير قادر على التخفيف من البطالة المنتشرة في أوساط الشباب، وما يؤكد ذلك ‏استمرار حالة الركود الاقتصادي التي تعاني منها المدينة بعد اعلان المشروع.‏
من جهته يرى المسؤول في شركة الصناعة والمعادن محمد المامي ولد بزيد، أن ‏مشروع المنطقة الحرة هو أحد التجليات الكبرى لقرارات الحكومة الراهنة، لا سيما أنه ‏قادر على إمداد البلاد بشبكة المواصلات والطرق، وكذا توفير الطاقة والماء، أضف إلى ذلك، يقول المامي في تصريح لـ"العربي الجديد"، لم شمل القرى الموريتانية. ‏كما أنه يدخل في صميم استراتيجية ُتنمية المنطقة التي تزخر بال‏ثروات والمؤهلات.‏‎

تنوع الاستثمارات 

هل حققت المنطقة الحرة التنمية الاستثمارية المنشودة؟ الجواب بما تتمتع به ‏موريتانيا من موارد طبيعة متنوعة، تشكل إضافة إلى قطاعات المال والسياحة ‏والخدمات، أبرز مجالات الاستثمار. إذ تتوزع الاستثمارات العربية والغربية بين دول عدة أهمها فرنسا في مجال الطاقة والخدمات، وماليزيا في مجال البترول، ‏وكندا في مجال النحاس والذهب، وتونس في الاتصالات والنقل الجوي، والسودان ‏في قطاع الاتصالات، والكويت في مجالي الزراعة والحديد، والاتحاد الأوروبي ‏وروسيا في مجال الصيد البحري، كما توسعت بشكل لافت استثمارات دول أخرى ‏في السنوات الأخيرة مثل قطر والصين‎.
ولكن رغم الاستثمارات العربية والغربية المذكورة في موريتانيا، مع ‏استحضار انشاء المنطقة الحرة، فإن موريتانيا تأتي في ذيل قائمة الدول العربية، من حيث ‏جذب الاستثمارات وفقاً للمعطيات الصادرة عن البنك المركزي الموريتاني‎.‎‏
ومن الواضح أن الاضطرابات السياسية، التي شهدتها موريتانيا بعد انقلاب السادس ‏من أغسطس سنة 2008، أدت إلى تراجع كبير فى حجم الاستثمارات الأجنبية، ما دفع ‏الحكومة الموريتانية إلى تنظيم مؤتمر للاستثمار في 26 يناير 2014، حضرته ‏أكثر من عشرين هيئة عربية ودولية، شهد التوقيع على خمس اتفاقيات استثمارية ‏بلغت قيمتها الإجمالية 250 مليون دولار‎.‎
بعض المشاريع الاستثمارية فشلت، والسبب، تضارب مصالح المستفيدين، أو ‏بسبب تحايل المقترضين، أو عدم كفاءة بعض العاملين، كما أن هشاشة النظام ‏القضائي الموريتاني ساهم في زعزعة ثقة المستثمر العربي، ما أدى إلى فشل ‏العديد من المشاريع الاستثمارية العربية بموريتانيا، من بينها مشروع "الشركة ‏الليبية الموريتانية" و"الشركة العراقية الموريتانية"، ومشاريع "البنك الليبي ‏الموريتاني"، كما تم الإعلان أخيرا عن إفلاس "الشركة السودانية الموريتانية".‏‎
أستاذ الاقتصاد بجامعة نواكشوط ، الدكتور الصوفي ولد الشيباني، يقول في تصريح ‏‏"للعربي الجديد" إن الاستثمارات العربية في موريتانيا قليلة، ولا تتناسب مع حجم ‏الفرص والإمكانات الكبيرة التي تمتلكها. وعن عوائق الاستثمار في موريتانيا، ‏يرصد الدكتور الصوفي، أنه "لا شك أن موريتانيا بحاجة إلى إجراءات حقيقية وفعالة ‏في مجال تشجيع الاستثمار"، معتبراً أن الظروف السياسة التي أعقبت انقلاب سنة ‏‏2008 هي التي أدت الى هروب المستثمرين.‏‎
المساهمون