المفاوضات السورية: سيناريوهات ولاءات

08 يناير 2016
استمرار تصعيد النظام وروسيا يخلق أجواء سلبية للمفاوضات(بهاء الحلبي/الأناضول)
+ الخط -
يبدو أن الدول الفاعلة في القضية السورية لا تزال مصرّة على السير قدماً لتحقيق تقدّم على طريق الحل السياسي، من دون الأخذ بعين الاعتبار المناخات التي قد تعرقل ما تم وسيتم التوافق عليه، من استمرار العدوان الروسي واستمرار النظام بالقتل، بالإضافة إلى وجود فصائل ضمن مناطق المعارضة قد تعيق تطبيق أي اتفاق.

وقد أثارت الوثيقة المسربة حول خطة أميركية للحل السياسي في سورية، والتي نشرتها وكالة "أسوشييتد برس"، يوم الأربعاء الكثير من الجدل، وخصوصاً أن الوثيقة تتضمن جدولاً زمنياً للعملية السياسية تفضي إلى رحيل رئيس النظام بشار الأسد في مارس/آذار 2017 في أفضل الأحوال، ضمن فترة انتقالية تمتد لـ18 شهراً. وسارعت وزارة الخارجية الأميركية إلى التقليل من شأن الوثيقة المسربة، على لسان المتحدث باسم خارجيتها جون كيربي، الذي قال إن الوثيقة هي وثيقة تمهيدية ولم يُتخذ أي قرار بشأنها. وشدد على أنها لا تمثّل السياسة الرسمية الأميركية، وقد أعدّها موظف في الخارجية كوسيلة محتملة للمضي قدماً في العملية السياسية في سورية.

وحول موقف الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة من الوثيقة ومن العملية السياسية في سورية، يقول الأمين العام للائتلاف يحيى مكتبي، في تصريح إلى "العربي الجديد": "نحن في الائتلاف نرى أن هناك نقطة إيجابية سواء بورقة فيينا الثانية أو قرار مجلس الأمن الدولي الأخير، وهي بوجود إطار زمني للمفاوضات والمرحلة الانتقالية، وتشكيل هيئة حكم انتقالي". ويشير مكتبي إلى أن "الائتلاف والطيف الأكبر من المعارضة يرى ألا يكون للأسد أي دور، لا في المرحلة الانتقالية، ولا في مستقبل سورية".

أما بالنسبة للوثيقة التي سرّبتها وسائل الإعلام، فيلفت مكتبي إلى أنه "لم يصلنا أي كلام رسمي من واشنطن، على الرغم من وجود قنوات اتصال دائمة، ومن الصعب أن نتخذ موقفاً، كونه لا كلام رسمياً في هذا الشأن، ولكن في حال عُرض الأمر بشكل رسمي، سيكون هناك اجتماع لبحث هذا الموضوع واتخاذ قرارات تناسب مصلحة الثورة".

ويقول مكتبي "إن موضوع مصير الأسد هو عقدة المنشار، وبعض الدول تتذرع بأن بديل الأسد هو الفوضى، والائتلاف موقفه واضح أن الأسد هو سبب كل الفوضى"، موضحاً "أننا اليوم على المستوى السياسي والقانوني والأخلاقي، إذا كان المجتمع الدولي لديه الإرادة الحقيقية للمضي في طريق الحل السياسي عليه أن يساهم في وقف مجازر الأسد بحق المدنيين".

وحول ما يتم طرحه من أن تكون المفاوضات متعددة الأطراف، يشير إلى أن "هناك هيئة عليا للتفاوض، وقرار إضافة أسماء لوفد التفاوض بالنسبة للمعارضة يعود للهيئة العليا التي تقرر من تضيف، وإذا أراد الروس أن يضموا أحداً للمفاوضات، فلتكن هذه الأطراف من ضمن وفد الأسد".

أما عن اجتماعات المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، مع المعارضة، فيلفت مكتبي إلى أنه "منذ يومين حصل لقاء بين دي ميستورا والهيئة العليا للتفاوض، التي أبلغته وجهة النظر التي تبنّاها الائتلاف والفصائل العسكرية، والتي تقوم على رفض أي دور للأسد في المرحلة الانتقالية ومستقبل سورية، وقد وجد دي ميستورا لغة حاسمة من قبل هيئة التفاوض بهذا الخصوص"، فيما أجرى المبعوث الأممي مشاورات أمس الخميس في تركيا.

ويرى مكتبي "أن التصعيد الإجرامي من النظام وموسكو وطهران، يعطي مؤشراً إلى أن هذا الثلاثي مستمر في القتل والمجازر، وهذا لا يدل على أن هناك أجواء إيجابية تهيئ المناخ للمفاوضات، فيما كان قرار مجلس الأمن قد أكد ضرورة توفر الظروف الملائمة لإطلاق العملية السياسية (وقف إطلاق النار) وبوادر حسن نية".

اقرأ أيضاً: المعارضة السورية بين الصين وأوروبا: تقوية الموقف قبيل المفاوضات

وفي سياق متصل، تؤكد مصادر من المعارضة المحسوبة على ما يسمى "المعارضة الداخلية"، لـ"العربي الجديد"، أن "قوى معارضة سورية تدفع لتكون المفاوضات المتوقع عقدها الشهر الحالي، مفاوضات متعددة الأطراف، تُنتج حكومة تشاركية تقود المرحلة الانتقالية"، لافتة إلى أن "هذا التوجّه مقبول من قبل الأطراف الدولية الفاعلة في الصراع السوري، من الروس إلى الأميركيين إضافة إلى عدد من الدول الأوروبية".

وعلى حد قول هذه المصادر، فإن "آليات ودعوات لقاء المعارضة الموسّع، الذي عقد في الرياض الشهر الماضي، شهدت انتقائية في اختيار القوى والفصائل المشاركة، مع استثناء فصائل وقوى أخرى موجودة على الأرض، ولها تحالفاتها الدولية، وعلى رأسها قوى الإدارة الذاتية، وقوات سورية الديمقراطية التي شُكلت قبل لقاء الرياض بفترة وجيزة".

وتضيف المصادر أن "المجتمع الأوروبي ينظر إلى سورية اليوم على أنها منطقة صراع متعددة الأطراف، بينها الجماعات الإسلامية التكفيرية، والجهادية، والمعتدلة، والعلمانية، ولم يعد يرى الحرب السورية على أنها صراع بين معارضة ونظام"، معتبرة أن "غياب التوافق الدولي حول ممثلي المعارضة وأسس تشكيل وفد المعارضة المفاوض، دفع إلى قبول قطبي الصراع في سورية بالمفاوضات متعددة الأطراف، وهذا قد يشكل انعكاسا أفضل للمحاصصة"، على حد قولها.

وتعتبر المصادر أن "قوى مجلس سورية الديمقراطية، هي الجهة الأساسية الداعمة لفكرة مفاوضات متعددة الأطراف، وهذا ظهر جلياً في رسالة الرئيس المشترك لمجلس سورية هيثم مناع إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، قبل يومين".

من جهته، يعتبر عضو الهيئة العليا للتفاوض، القيادي في هيئة التنسيق أحمد العسراوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "فكرة التفاوض متعدد الأطراف محبطة من حيث المبدأ، وتدمير للموقف الوطني". وعلى الرغم من ترجيحه احتمال مشاركته "مجلس سورية الديمقراطية"، و"مؤتمر القاهرة"، في مباحثات جنيف المقبلة، إلا أنه يشير إلى أنه "لا يوجد تواصل إلى اليوم بين هيئة التفاوض العليا ومجلس سورية الديمقراطية أو مؤتمر القاهرة".

وفي السياق، علمت "العربي الجديد" من مصادر مطلعة، أن هناك سعياً من بعض السياسيين والناشطين، لتشكيل لجان مراقبة، من ممثلي القوى والفصائل السورية غير الممثلة في هيئة التفاوض العليا أو "مجلس سورية الديمقراطية" أو "مؤتمر القاهرة"، لحضور المفاوضات كمراقبين. وبحسب المصادر، ففي حال لم تنجح مساعيهم، سينظمون نشاطات في ذات السياق في جنيف خلال انعقاد المشاورات والمفاوضات.

اقرأ أيضاً: رياض حجاب: معاناة الشعب السوري ليست للمساومة

المساهمون